أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Jul-2025

الاستثمار والتعدين: إنجازات لافتة في "التحديث".. وتحديات هيكلية بانتظار المعالجة

 الغد-رهام زيدان

أكد خبراء أن الأردن شهد خلال المرحلة الأولى من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي (2023-2025) إنجازات ملموسة في مجالي الاستثمار والتعدين، رغم ما واجهه من تحديات إقليمية وعالمية أثرت على نسب تنفيذ المشاريع، وأداء قطاعات حيوية متفرقة. 
 
 
وفي الوقت الذي أظهرت فيه المؤشرات تقدما في بعض القطاعات، تؤكد تقييمات الخبراء ضرورة تكثيف الجهود في المرحلة الثانية عبر إطلاق مبادرات حقيقية تعالج التحديات الهيكلية الراهنة، وتحسين مناخ الاستثمار، بما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة.
 
وبحسب الخبراء، كان للنقلة التي شهدها الأردن في الفترة الممتدة بين عامي 2023 و2025 دلالة واضحة على العمل الجاد لتعزيز بيئة الأعمال وجذب استثمارات نوعية، لا سيما في القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعة التحويلية والتعدين. حيث تم تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية التي ساهمت في توسعة الإنتاج وزيادة حجم الصادرات، ما عزز من مكانة المملكة في الأسواق الإقليمية والدولية.
تفاوت الإنجاز
وفي هذا الخصوص، قال الشريك والمدير العام لمجموعة أبو حلتم للاستثمارات، إياد ابو حلتم إن المرحلة الأولى شهدت تفاوتا في نسب الإنجاز على مستوى المشاريع المستهدفة، ومن بين أكثر من 500 مشروع، نفذ البعض بشكل كامل، بينما بقي عدد آخر قيد التنفيذ، وتعثر البعض الآخر نتيجة ظروف إقليمية وعالمية خارجة عن السيطرة، مثل اضطرابات سلاسل التزويد، والتوترات في مضيق باب المندب، والحروب الإقليمية التي أثرت سلبا على الأداء الاقتصادي.
وأشار أبو حلتم إلى تفاوت نسب الإنجاز بين المحاور المختلفة، ففي بعضها وصلت إلى نحو 60 %، وفي أخرى لم تتجاوز 30 %، لكن رغم هذا التفاوت، فإن انتهاء المرحلة الأولى يفتح المجال لإطلاق مبادرات حقيقية وجادة، من القطاع الخاص أو بالشراكة مع الحكومة، التي عليها تسهيل التعاون لتعويض أي تأخير في تحقيق المستهدفات.
وأشار إلى أن الأهداف كانت طموحة، وبعض القطاعات حققت نموا ملحوظا، على رأسها الصناعة التحويلية التي سجلت نموا تجاوز 5 % مقابل مستهدف 6 %، بينما واجه قطاع التعدين تحديات أدت إلى تراجع الأداء، وظل قطاع تجارة الجملة والتجزئة دون المستوى المطلوب، بالإضافة إلى قطاع التعليم الذي لم يشهد قفزات تذكر.
وحول أثر التوترات الإقليمية قال إنها أثرت سلبا على قرارات المستثمرين الأجانب، خصوصا القادمين من خارج المنطقة، فمثلا، لم تتجاوز نسبة المستثمرين من الولايات المتحدة 3 % من إجمالي المستثمرين في الأردن خلال العام الماضي، في حين شكل المستثمرون من دول الخليج والعراق ما بين 32 % و35 %، مع كون العراقيين يشكلون نحو 11 %.
وأشار إلى أن المستثمر الأجنبي ينظر إلى المنطقة كوحدة جغرافية واحدة، ويقيّم المخاطر بناء على الاستقرار الإقليمي لا المعطيات الخاصة بكل دولة على حدة، لذلك يبقى الاستقرار الأمني أول ما يبحث عنه قبل العوائد المالية.
وشدد على أهمية التوسع في الأسواق الإقليمية الواعدة، خصوصا في دول مثل سورية والعراق واليمن، حيث تلوح فرص كبيرة لإعادة الإعمار، ونطمح إلى أن تكون الصناعة الأردنية حاضرة بقوة في هذه الأسواق، لتعزيز حجم الصادرات وخلق فرص العمل داخل المملكة، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.
تعاف تدريجي وتحديات مستمرة
من جهتها، أكدت المدير التنفيذي لمنتدى الإستراتيجيات الأردني، الدكتورة نسرين بركات، وجود تعاف واضح في تدفقات الاستثمار خلال السنوات الماضية. 
وقالت بركات إنه في عام 2023 شهدنا نموا ملموسا مقارنة بالسنوات السابقة، واستمر هذا الزخم في عام 2024، ولاحقا في الربع الأول من 2025، ما يدل على دخولنا مرحلة نمو أكثر استقرارا.
لكنها أوضحت أن ثمة تحديات ما تزال موجودة، وأبرزها يرتبط بالظروف الإقليمية التي تحيط بالأردن، حيث تشهد المنطقة اضطرابات وحروبا متواصلة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على العمل الاقتصادي، مهما كانت الجهود المبذولة.
وأشارت إلى تأثير هذه الأوضاع على قطاعات مثل السياحة والنقل، حيث "تعرضت هذه القطاعات لأضرار كبيرة بسبب الأزمات الإقليمية، غير أن المرونة والتفكير الإستراتيجي ساعدا في مواجهة تلك التحديات"، مستشهدة بشركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية التي تمكنت من الحفاظ على خدماتها رغم توقف أو تقلص نشاط شركات طيران كثيرة في المنطقة. 
أما البيروقراطية، فهي تحدٍّ حقيقي وفقا لبركات التي أكدت أن القطاع العام بحاجة إلى مزيد من الكفاءة لدعم القطاع الخاص وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، وهذا كان الدافع لإطلاق خريطة تحديث القطاع العام.
وأشادت بإطلاق المنصة الرقمية لعرض المشاريع الاستثمارية، التي تتيح للمستثمر الاطلاع على أولويات الدولة وفرص الاستثمار قبل اتخاذ قراره.
ورغم هذه الخطوات، أكدت بركات أن الترويج للاستثمار يجب أن يتحول إلى ثقافة مؤسسية، بحيث يكون كل موظف في القطاع العام سفيرا ومروجا للاستثمار، مؤكدة أن نجاح هذه العقلية هو مفتاح تجاوز التحديات في جذب المستثمرين وتعزيز دور القطاع الخاص.
التعدين: ركيزة أساسية للنمو 
ويحتل قطاع التعدين موقعا محوريا في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، نظرا لما يتمتع به من قيمة صناعية عالية تسهم في تحفيز النمو الصناعي وتنويع مصادر الدخل الوطني، كما يُعد هذا القطاع محركا أساسيا لجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل أوسع، مما ينعكس إيجابيا على التنمية الاقتصادية المستدامة.
وفي هذا  الخصوص، أكد الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس العربية، الدكتور معن النسور، أن رؤية التحديث الاقتصادي في مرحلتها الأولى أسهمت في تحقيق إنجازات ملموسة في قطاع التعدين، لا سيما في قطاع الأسمدة الذي تنشط فيه شركتنا."
وأشار إلى قدرة الشركة على استقطاب استثمارات أجنبية نوعية، تجمع بين التمويل والتقنية المتقدمة. "فعلى سبيل المثال، تمكنت الشركة من جذب استثمار بقيمة نحو 813 مليون دولار أميركي، بشراكة مناصفة مع شركة "ستيلار إنفستمنت هولدينغ" الأميركية، التي تُعد من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في استخراج وتجارة الليثيوم والبرومين."
وتوقع النسور أنه وبعد استكمال التوسعة الجارية أن تتبوأ المملكة موقع الصدارة عالميا في تصنيع وتصدير مادتي البرومين والتتربروم، وهما مادتان أساسيتان في العديد من الصناعات العالمية.
وفيما يخص الصادرات، أوضح أن أحد الأهداف الرئيسية للرؤية كان تعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة العالية، وقد استجبنا لذلك عبر خطة توسعية لزيادة إنتاج البوتاس بمقدار 750 ألف طن سنويا، لنقترب من حاجز الأربعة ملايين طن سنويا.
وأكد أن هذا التوسع يفتح أسواقا جديدة، لا سيما في أميركا الجنوبية، وبخاصة السوق البرازيلية التي تُعد من أكبر الأسواق الزراعية في العالم، كما يتيح تحويل جزء من الإنتاج إلى شركات تابعة تصنّع منتجات متخصصة ذات قيمة مضافة، تمكّن من دخول أسواق تنافسية مثل السوق الأوروبية.
وعن التحديات الإقليمية والعالمية، قال النسور: "تأثرت أعمالنا بالتطورات الجيوسياسية، بما فيها الصراع الإيراني-الإسرائيلي، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. لكننا واجهنا هذه التحديات بجهود مدروسة ومبادرات فعالة."
وأشار إلى أن العمل ضمن المسرح العالمي يتطلب مرونة، ونحن منفتحون على فرص السوق السورية في حال توفر طلب على المواد المشتقة من البوتاس، مع الحفاظ على حضور قوي في الأسواق التي نعمل بها
الحاجة للتطوير
ووفقا للرؤية، يمتلك الأردن نقاط قوة بارزة في قطاع التعدين، أبرزها احتياطيات ضخمة من الفوسفات التي تجعله يحتل المرتبة السابعة عالميا من حيث حجم الاحتياطات، إلى جانب توفر كميات متنوعة من المعادن والثروات المعدنية المستخدمة في صناعات متعددة.
وعلى الرغم من كفاءة التشريعات، فإن هناك حاجة إلى مراجعة وتطوير بعض الجوانب لتتناسب مع المتطلبات الحديثة. كما يتميز القطاع بإنتاجية عمل عالية، حيث تُعد وظائف التعدين ثاني أعلى مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي لكل موظف بعد قطاع الخدمات المالية.
ويعزز الاستقرار السياسي واستقرار سعر الصرف من القدرة على التنبؤ داخل القطاع، مما يجعل بيئة التعدين أكثر جاذبية للمستثمرين.
وتركز أهداف قطاع التعدين على المساهمة الفاعلة في النمو الاقتصادي من خلال زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتوسيع فرص التوظيف، وتنويع الموارد المستخرجة، بالإضافة إلى تعزيز القيمة المضافة عبر تطوير الصناعات التحويلية وزيادة الإيرادات.
كما يسعى القطاع إلى جذب المزيد من الاستثمارات عبر تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات، مع التركيز على الاستدامة من خلال تبني ممارسات بيئية ومسؤولية اجتماعية.
وتشمل الأهداف أيضا تأسيس جهة مستقلة للمسح الجيولوجي وتحسين التكنولوجيا المستخدمة لتطوير الجانب المؤسسي والتقني، إلى جانب تحسين البنية التحتية اللوجستية لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف وتحسين الأطر القانونية والإدارية.