"التحديث الاقتصادي".. تعزيز الاتصالات والتقنية يقود نحو اقتصاد رقمي مزدهر
الغد-إبراهيم المبيضين
في وقت تشهد فيه خدمات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، نموا وانتشار متزايدين في كل دول العالم؛ ومنها الأردن، أكد مسؤولون من القطاع المحلي، أهمية مواصلة العمل على نشر خدمات الاتصالات والإنترنت عالي السرعات، مثل "الفايبر" والجيل الخامس، والتي ستشكل البنية التحتية لكل عمليات التحول الرقمي، والأساس لتطوير اقتصاد رقمي مزدهر، إلى جانب التركيز والعمل بجد على إدخال وتطويع تقنيات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي في عملية التحول الرقمي وتطوير القطاعات الحيوية.
وقال المسؤولون في جلسة تقييم ومراجعة عقدت أمس في الديوان الملكي الهاشمي، ضمن آخر أيام ورش المرحلة الثانية لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، انه يجب العمل على مواصلة تحقيق أهداف: تعزيز مكانة الأردن كمركز استثماري جاذب في مجال الابتكار الرقمي، وكمنصة انطلاق للحلول الرقمية القابلة للتوسع على المستويين الإقليمي والدول.
وأشاروا في الجلسة التي تناولت قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلى أهمية مواصلة العمل أيضا على أهداف من مثل: تسريع عملية التحول الرقمي في القطاع الحكومي، ودعم وتشجيع الشركات الناشئة من خلال توفير فرص أوسع، فضلا عن أهمية العمل بجد، لتزويد شبابنا بالمهارات الرقمية المتقدمة التي ستشكل مستقبل الوظائف والأعمال في السنوات المقبلة، لا سيما مهارات الذكاء الاصطناعي التي تتطور على نحو متسارع.
وأكدوا خلال الجلسة التي شارك فيها ممثلون عن القطاعين العام والخاص، ضرورة العمل على توفير بيئة تنظيمية مرنة، تسمح بتطوير وإدخال التقنيات الحديثة.
ويعد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من أبرز القطاعات الحيوية في المملكة، وأحد المرتكزات الأساسية في رؤية التحديث الاقتصادي، إذ يسهم بما يقارب 3 % من الناتج المحلي الإجمالي (2024)، وهو محرك رئيس للاقتصاد الرقمي الأردني، كما بلغت إيراداته نحو 2.922 مليار دينار وبمجموع وظائف يقارب 40 ألف وظيفة، ما يعكس دوره البارز بتعزيز التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص عمل للمساهمة في التنمية الاجتماعية في الأردن.
قطاع الاتصالات
وقال الرئيس التنفيذي لشركة " زين الأردن" فهد الجاسم إن القطاع شهد تطورا ملموسا خلال السنوات الماضية ليشكل بنية تحتية أساسية لكل القطاعات الاقتصادية وهو ما يجب البناء عليه خلال المرحلة المقبلة.
وأكد الجاسم أهمية انتشار شبكات الألياف الضوئية في المملكة خلال آخر 3 سنوات وهي الشبكات التي توفر سرعات عالية وتصل اليوم إلى حوالي 1.4 مليون منزل في الأردن، وهو ما يوفر فرصة كبيرة أمام الأردنيين للحصول على خدمات الإنترنت لاستخداماتهم اليومية الاجتماعية والعملية.
وأشار الجاسم إلى أهمية وجود مثل هذه الشبكة بما تتميز به من موثوقية وثبات واستمرارية كبيرة في المستقبل، مؤكدا أهمية الاستفادة من هذا الانتشار لدعم عمليات التحول الرقمي.
وقال إن شبكات الجيل الخامس هي في طور البناء وزيادة التغطية التي تصل اليوم إلى 35 %، لافتا إلى أن الجيل الخامس يتميز بسرعاته العالية التي تفوق الجيل الرابع والتي ستتيح في المستقبل تقديم واستخدام خدمات رقمية متقدمة مثل إنترنت الأشياء وتطبيقات الزراعة التقنية والصحة التقنية، وغيرها من الصناعات التقنية، إذ إن الخدمة لم تصمم لاستخدامات الإنترنت العادية من قبل الأفراد.
وأكد الجاسم، أهمية البناء والاستفادة مما يتميز به الأردن من مزايا الموقع الجغرافي المتوسط والقوانين التي تجذب الاستثمار، وتحمي المستهلك، ومتانة القطاع المصرفي التي تشجع المستثمر في هذا القطاع، لافتا إلى أهمية العناية بموضوع مرونة التنظيم لضمان إدخال التقنيات الحديثة في المستقبل.
وأشار الجاسم، إلى تحديات في قطاع الاتصالات، يجب النظر إليها بجدية لتطوير القطاع أكثر ما يمكن، وتجاوز تحديي كلف الطاقة وعدم الاستقرار الضريبي.
إنجازات وأرقام قطاع الاتصالات
وتعتبر دراسات محايدة، أن سوق الاتصالات المتنقلة المحلية، من الأكثر تنافسية في المنطقة، بوجود ثلاث مشغليين رئيسين يقدمون خدمات الإنترنت بسرعات عالية من الجيلين الثالث والرابع المتقدم؛ والخامس، وخدمات الفايبر. وضخت هذه الشركات استثمارات بمئات الملايين خلال السنوات السابقة، كما أن العام الحالي، شهد دخول الإنترنت الفضائي لأول مرة، الأمر الذي يطور عملية الشمول الرقمي.
ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن بنحو 11 مليونا، وبنسبة انتشار تتجاوز الـ90 % من السكان، وهي من الأعلى في المنطقة. كما يقدر عدد اشتراكات الخلوي بأكثر من 8 ملايين اشتراك، وتجاوزت نسبة انتشار الإنترنت في المنزل اكثر من 92 %، فيما تجاوزت نسبة انتشار الخلوي في المنازل الـ95 %.
وبالنسبة للتغطية، تقدر نسبة تغطية الجيل الرابع بـ99.5 %، فيما تقدر نسبة تغطية الجيل الخامس وهي الخدمة الأحدث بحوالي 35 %، مع توقعات بوصولها إلى 50 % خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما سيمهّد الطريق لتطبيقات المستقبل مثل المدن الذكية، وإنترنت الأشياء، والتقنيات الغامرة
وعلى صعيد الإنترنت الثابت، فإن خدمة الألياف الضوئية (الفايبر) بدأت بالتوسع، وقد شكّلت 72.8 % من اشتراكات الإنترنت الثابت حتى الآن. كما تم مؤخراً إطلاق خدمة الإنترنت الفضائي من خلال "ستار لينك – الأردن"، ما يتيح ربط المناطق النائية بخدمات اتصال عالية الكفاءة.
قطاع التقنية والتحول الرقمي
رئيس هيئة المديرين في جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات الأردنية "إنتاج" عيد أمجد الصويص، أكد أن التحول الرقمي شهد خلال السنوات القليلة السابقة تقدما ملموسا، ولكن ما هو مطلوب الآن ثلاثة أمور: تسريع العملية، وإعادة هيكلة وتضميم الخدمات الإلكترونية القديمة ومواءمتها مع التقنيات الحديثة، والتركيز على تقديم خدمات الكترونية مكتملة من الألف إلى الياء من دون مراجعة أي مؤسسة حكومية.
ورأى الصويص، أن الأردن يتميز بموارده البشرية المؤهلة، والتي تمتلك مهارات رقمية، لكنها تصنف بأنها بسيطة وأساسية، ولكن ما يجب العمل عليه وبسرعة، هو التركيز على تزويد شبابنا بالمهارات الرقمية المتقدمة، وخصوصا تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها، وذلك من خلال إدماج المهارات المتقدمة في التعليم الأساسي والجامعي.
وأكد الصويص على أهمية العمل اليوم على مشروع توحيد البيانات وربطها ببعضها لدعم عملية التحول الرقمي وتسريع الإنجاز، مع أهمية البناء ومواصلة العمل في تدعيم موضوعة الأمن السيبراني.
ومن جانبها، قالت الرئيسة التنفيذية لـ"شركة المهنيون للتكنولوجيا الذكية" رولا العموري، ان الأردن قطع شوطا جيدا خلال السنوات الماضية في عملية التحول الرقمي، ولكن ما يزال امامنا عمل كثير في هذا المجال، مؤكدة على اهمية تسريع الإنجاز.
وأكدت العموري، ان التقنيات الحديثة تتطور بشكل مذهل، ويجب مواكبتها في كل تفاصيلها حتى لا يفوتنا القطار، سواء في تبنيها او في تعزيز مهارات شبابنا بها، او في مجال تطويعها لخدمة القطاعات الاقتصادية المتنوعة.
ولفتت الى اهمية التركيز خلال المرحلة المقبلة، وبالسرعة الممكنة على ادخال وادماج تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والامن السيبراني في كل قطاعاتنا الحيوية، فذلك من شأنه ان يعزز اقتصادنا الرقمي.
أبرز منجزات القطاع - المرحلة الأولى
واستعرضت جلسة امس، اهم منجزات القطاع، ومنها إنشاء وتشغيل 9 مراكز خدمات حكومية شاملة في 8 محافظات، وتخصيص مواقع لإنشاء 6 مراكز جديدة في المملكة، ورقمنة أكثر من 1,600 خدمة حكومية، بنسبة 68.5 % من الخدمات الحكومية المستهدفة.
وأشارت الى منجزات مثل إطلاق وتنفيذ مجموعة من البرامج الهادفة لدعم وتمكين وتدريب الشباب في مجالات المهارات الرقمية، بهدف تعزيز فرصهم في التوظيف، واطلاق نسخة محدثة من تطبيق "سند"، إذ بلغ عدد الهويات الرقمية المفعلة 1.8 مليون حتى النصف الأول من العام الحالي.