الغد
ليس معروفا إذا ما كانت الحرب بين إيران وإسرائيل ستنتهي في لحظة ما بعد تدخل الوسطاء والعواصم، واحتمال توسعها وتحولها إلى إقليمية يبقى واردا.
برغم أن الحرب تبدو ثنائية إيرانية-إسرائيلية إلا أنها ليست ثنائية، فهي تعبر عن مشهد إقليمي، أساسه وجود الاحتلال واستباحته لشعوب عربية وإسلامية، ووجود قوى دولية وإقليمية لها تأثير في المشهد من الأميركيين والروس والصينيين والباكستانيين والأتراك، وما تعنيه دول عربية في المشهد، وما يتعلق أيضا بجذر الحرب أي احتلال إسرائيل لفلسطين، ومحاولتها توسعة مشروعها.
الحرب تعبر عن صراع أكبر من الإقليم نهاية المطاف، وهذه هي بوابة توسعها، خصوصا، إذا تم استعمال أسلحة محرمة أو تدخل الأميركان مباشرة بقواتهم.
الأردن وسط هذه الأزمات متأثر جدا، فهو تأثر بحرب غزة على مستويات مختلفة، وفي الوقت ذاته حاول تجاوز كلف الحرب على لبنان واليمن، وتوظيف التغيير لصالحه في سورية، وابقى علاقاته جيدة مع العراق، مثلما أدام اتصالات الحد الأدنى مع الإيرانيين قبل الحرب، وخلال المواجهات السابقة، وخلال الظرف الحالي، وهو ظرف يختلف عن كل المواجهات السابقة التي رأيناها في المنطقة.
تأثر الأردن بهذه الحرب ظهر منذ الآن على صعيد تراجع السياحة إلى الأردن وكل المنطقة، إضافة إلى ما يتعلق بوقف الاحتلال تدفق الغاز الذي يستعمله الأردن في الكهرباء وإدارة الخدمات، وهذا التوقف شمل الأردن ومصر، وإذا استمر سيؤدي إلى اضطرار الاردن للبحث عن بدائل غير الغاز، خصوصا مع عدم توفر سفينة الغاز التي كانت مستأجرة للأردن، والبدائل هنا ترتبط مباشرة بالوقود، الذي سيؤدي إلى دفع فروقات مالية بمئات ملايين الدنانير، ستدفعها الخزينة في ظل العجز والمديونية، مع استحالة توزيع الكلفة حاليا على الناس، لعدم مقدرتهم على الدفع، وبسبب حساسيات رد الفعل الشعبي.
الأمر امتد إلى المصانع التي تتم تغذيتها بالغاز، حيث تم وقف التزويد حاليا من باب التحوط، بما يعنيه ذلك من تأثير على الصناعات، وكلف الإنتاج.
التأثيرات تشمل أيضا الوضع في الخليج العربي والبحر الأحمر، واحتمال توسع الحرب وارتفاع أسعار النفط، وتأثر السلع المستوردة، وغير ذلك إذا شهدنا توسعا يؤدي إلى اضطراب الملاحة، وهو أمر سيساهم الحوثيون فيه إذا قرروا العودة إلى وقف السفن، ومنعها من العبور من المنطقة، وما يتعلق أيضا بمضيق هرمز.
الاعتبارات الاقتصادية هنا مهمة، والأخطر منها ما يتعلق بتوسع الحرب في ذات الإقليم، واحتمالات اشراك العراق في الحرب، اما باعتداءات إسرائيلية عليه، أو دخوله عبر الجماعات العسكرية لمساندة إيران، وما يعنيه ذلك على صعيد الحدود البرية بين الأردن والعراق، والسيناريوهات البرية، وكلفها الأمنية والعسكرية، وما يرتبط أيضا باحتمالات اضطراب الوضع مجددا في لبنان وسورية.
مقارنة كلف هذه الحرب بكلفة حرب غزة، لا تبدو عملا منطقيا، لاننا أمام وضع مختلف، تصل حدود اخطاره إلى كون الأردن يعد بلدا وسط هذه التراشقات بين كل الأطراف وما يعنيه ذلك عسكريا، ومع هذا يمكن توقع سيناريوهات كثيرة تتعلق بالجنوح الإسرائيلي ضد القدس وأهل الضفة الغربية، وما يرتبط بمخططات إسرائيل، وان كنا هنا نستعجل القراءة حول هذا المحور، إلا أنه يجب ألا يغيب.
هذا ضغط هائل على الأردن، وهو ضغط سوف يشتد إذا توسعت الحرب، وجرت المنطقة خلفها، وهو أمر ليس مستبعدا حتى ساعة كتابة هذه السطور