مختبر الأنسجة النباتية.. مشروع قابل للتحقق بشروط
الغد-عبدالله الربيحات
تزامنا مع توجه وزارة الزراعة لإنشاء مختبر لزراعة الأنسجة النباتية، أكد خبراء أن هذا التوجه من شأنه تكثير الإنتاج وضمان خلوه من المسببات المرضية وخاصة الفيروسية منها، شريطة وضع ضوابط وظروف يمكن التحكم بها وتدريب فنيين مهرة على أعمال المختبر.
وبينوا لـ"الغد" أن إكثار بعض المحاصيل عبر الأنسجة يعد انجح وأكثر جدوى من إنتاجها بالبذور، إذ يمكن إنتاج آلاف الأشتال بأقل مساحة ممكنة.
وكان وزير الزراعة خالد الحنيفات، كشف خلال جلسة مجلس الوزراء في محافظة جرش أول من أمس، عن توجه الوزارة لإنشاء مختبر لزراعة الأنسجة النباتية ضمن خططها المقبلة.
فكرة قديمة جديدة
في هذا الصدد، بين خبير الأمن الغذائي د. فاضل الزعبي، أنه تم سابقا تقديم اقتراح لإنشاء مختبر زراعة أنسجة للنباتات في المركز الوطني للبحوث الزراعية بهدف الإكثار المكثف لمواد إكثار نباتية عالية الجودة وخالية من الأمراض، ولحفظ الموارد الوراثية المحلية والنباتات النادرة أو المهددة، ودعم إنتاج محاصيل ذات قيمة اقتصادية عالية مثل النخيل، والموز، والعنب، والزيتون، والنباتات الطبية والعطرية وغيرها.
وأضاف الزعبي لـ"الغد" أن هذا المختبر إذا عمل بكفاءة فيمكن أن يصل إنتاجه السنوي إلى أكثر من 500 ألف شتلة، مبينا أن بإمكانه أن يحقق فوائد للأردن من خلال تقليل الاعتماد على استيراد الشتلات من الخارج، ودعم الأسواق التصديرية بمنتجات موثوقة وخالية من الأمراض، والإكثار السريع للأصناف المحلية والمتحملة للظروف البيئية، والمساهمة في حفظ الموارد الوراثية النباتية الوطنية، مع إمكانية الربط مع البنك الوطني للبذور.
وقال إنه لنجاح المشروع، لا بد من ربطه بإستراتيجيات المحاصيل الوطنية، وتوجيه إنتاج المختبر لخدمة أولويات وطنية محددة في قطاع المحاصيل، وإكثار أصناف ذات قيمة تصديرية مثل الميرمية، والزعتر، وإكليل الجبل، إضافة إلى توفير أمهات خالية من الأمراض لتعزيز الأمن الغذائي المحلي وتقليل الفاقد مع إدماج المشروع ضمن خطط التحديث الاقتصادي، وخريطة الاستثمار الزراعي، والتكامل مع السياسات والإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي.
وظائف المختبر
من جهته بين وزير زراعة الأسبق سعيد المصري، أن مختبر الأنسجة النباتية هو منشأة علمية متخصصة تُستخدم لإكثار النباتات أو دراستها من خلال تقنية زراعة الأنسجة (Plant Tissue Culture)، وهي تقنية تعتمد على استخدام أجزاء صغيرة من النبات (مثل الخلايا أو الأنسجة أو العقد أو البراعم) لتنميتها في بيئة معقمة داخل أنابيب أو أطباق مخبرية تحتوي على وسط غذائي خاص.
وأضاف المصري، إن الوظائف الرئيسة لمختبر الأنسجة النباتية تتمثل في الإكثار الدقيق والسريع للنباتات (Micropropagation) من خلال إنتاج أعداد كبيرة من النباتات خلال وقت قصير، وستكون جميع النباتات الناتجة مطابقة وراثيًا للأصل (استنساخ نباتي).
ومن الوظائف أيضا، بحسب المصري، إنتاج نباتات خالية من الأمراض، من خلال تنمية نباتات من أنسجة قمية (meristem) خالية من الفيروسات، وهو أمر مهم جدًا لمحاصيل الفاكهة والخضار ذات القيمة الاقتصادية العالية.
وتابع: "وكذلك المحافظة على الأصول الوراثية (Gene Bank) من خلال حفظ النباتات النادرة أو المهددة بالانقراض في صورة أنسجة أو خلايا، وتُستخدم هذه الطريقة لتأمين التنوع الحيوي، وتحسين الأصناف النباتية من خلال الطفرات المُحدثة أو التقنيات الحيوية مثل التحول الوراثي، ويساعد ذلك في تطوير أصناف مقاومة للملوحة، والجفاف والأمراض."
وزاد: "أيضا يمكن للمركز إنتاج النباتات الهجينة (Haploids & Doubled Haploids) من خلال استخدام تقنيات متقدمة وبأعداد كروموسومات محددة لتسريع برامج التربية، ودراسة استجابات النباتات في ظروف معينة، مثل تأثير الهرمونات النباتية أو ظروف التغذية على النمو، وإجراء تجارب بحثية لفهم تطور الأنسجة وتكوين الأعضاء النباتية.
وبين المصري أن المكونات الأساسية لمختبر الأنسجة تتألف من غرفة تحضير الوسط الغذائي والمواد الكيميائية، وغرفة الزراعة التي ينبغي أن تكون معقمة تمامًا، ومزودة بفرن أو حجرة لتدفق الهواء، وغرفة النمو التي يجب أن تكون مضاءة صناعيا، والتحكم بدرجة الحرارة والرطوبة بحيث تكون محددة لتوفير أفضل ظروف للنمو.
وعن أبرز الاستخدامات العملية للمختبر، بين أنها تشمل إكثار الموز، والبطاطا، والفراولة، والنخيل، والزهور، والنباتات الطبية، وإنتاج شتلات زراعية مطابقة ومضمونة الجودة، إضافة إلى دعم الزراعة الحديثة وتحسين الأمن الغذائي.
توجه مطلوب شرط الدقة
وأكد الباحث والخبير في الشؤون الزراعية والتنموية د.حسان العسوفي، أن زراعة الأنسجة تهدف لإنتاج نباتات بكميات أكبر وأسرع وخالية من المسببات المرضية، وخاصة الفيروسية منها.
وأضاف العسوفي إن إكثار بعض المحاصيل بالأنسجة يعد أنجح وأكثر جدوى من إنتاجها بالبذور، إذ يمكن زراعة آلاف الأشتال في أقل مساحة ممكنة، إلا أن هذا التوجه يتطلب تدريب الفنيين المهرة، للقيام بالعمليات الفنية بزراعة الأنسجة ضمن ضوابط وظروف متحكم بها.
وبين أن منهجية الإكثار بالأنسجة نجحت في العديد من المحاصيل الاقتصادية، كالنخيل مثلا، وبعض المحاصيل الواعدة، ونباتات الزينة، مبينا أن هذا التوجه سيسهم في تعظيم الإنتاج وضمان معايير الصحة النباتية.