أخبار الأردن -
أطلق الخبير الاقتصادي والسياسي زيان زوانة تحذيرا بشأن ما وصفه بـ"مصيدة الدين العام" التي تعاني منها المالية العامة في الأردن، مشيرا إلى أن حجم الدين تجاوز حاجز الـ50 مليار دينار أردني، في مؤشر يعكس واقعًا ماليا بالغ الخطورة يهدد قدرة الدولة على الاستمرار في الإنفاق وتحفيز الاقتصاد وتطوير الخدمات الأساسية.
وأكد زوانة خلال حديثه عبر إذاعة "حياة إف إم" أن هذا الرقم لا يُمكن اعتباره ظرفيا أو طارئا، بل يعكس أزمة هيكلية ممتدة منذ أكثر من 15 عاما، ما يعني أن المشكلة لم تكن نتاج حكومة واحدة أو قرارات معزولة، بل نتاج تراكمات وسياسات اقتصادية لم تخضع للإصلاح الجذري، مشيرًا إلى أن الخلل الذي بدأ في المالية العامة بدأ يتسرب بهدوء إلى مفاصل الإدارة العامة بأكملها.
وفي معرض تعليقه على تصريحات وزير الإدارة المحلية وليد المصري بشأن ديون البلديات التي تجاوزت 635 مليون دينار، أشار زوانة إلى أن هذه الأرقام تكشف عن تشوهات عميقة في النظام المالي المحلي، موضحًا أن المديونية لا تقتصر على البلديات فحسب، بل تشمل الجامعات الرسمية، وبرامج الاستملاك، والمقاولين، وحتى المؤسسات الخدمية التي يفترض أن تكون عصب الدولة في تقديم الخدمات.
وشدد زوانة على أن فرص النمو الاقتصادي في الأردن أصبحت على المحك، خاصة في ظل استمرار غياب خطة وطنية طويلة المدى لإعادة هيكلة الدين العام، محذرًا من أن هذا التوجه سيؤدي إلى نفور المستثمرين من الدخول إلى السوق الأردني، ويضعف ثقة رأس المال المحلي والخارجي بمستقبل الاقتصاد الوطني.
وأكد أن بقاء الموازنة رهينة خدمة الدين العام، سيحرم الدولة من تنفيذ أي برامج تنموية حقيقية، سواء ضمن رؤية التحديث الاقتصادي أو في إطار تحسين الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، مشيرًا إلى أن الأولويات باتت مقلوبة، والتنمية أصبحت ثانوية أمام التزامات الدين.
وفي ختام حديثه، دعا زوانة الحكومة إلى اتخاذ خطوة جادة نحو إعادة هيكلة شاملة للدين العام، والانتقال إلى نهج إصلاحي عميق يعالج الأسباب الجذرية للمشكلة بدل الاكتفاء بتجميل مظاهرها، معتبرًا أن تجاوز هذه المرحلة المفصلية يتطلب شجاعة سياسية ومصارحة وطنية وخطة مدروسة طويلة الأمد تُنقذ البلاد من سيناريوهات أكثر قسوة في المستقبل.