أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2025

الاقتراض لتمويل إجازة الصيف.. فاتورة مقسطة تنذر بضغوط مؤجلة

 الغد-رهام زيدان

 في كل صيف يحزم الآلاف حقائبهم بحثًا عن استراحة من ضغوط الحياة اليومية، لكن ما لا يظهر في صور الشواطئ والفنادق الفاخرة، الفاتورة المؤجلة التي تنتظرهم بعد العودة لأشهر عديدة. 
 
 
ففي ظل الضغوط الاقتصادية وتآكل القدرة الشرائية، بات كثيرون يعتمدون بشكل متزايد على بطاقات الائتمان أو يلجأون إلى القروض الشخصية لتمويل رحلاتهم الصيفية، وهو ما يثير تساؤلات حول ثقافة الاستهلاك والإنفاق غير المُغطى، ويطرح مخاوف من تراكم الديون على الأفراد في مواسم الترفيه.
 
وبات عدد متزايد من الأردنيين يلجأون إلى القروض الاستهلاكية واستخدام بطاقات الائتمان لتمويل إجازاتهم العائلية وترتيبات السفر إلى الخارج، وتغطية نفقات متطلبات موسم العطلة.
وفي الصيف، عادة ما تزداد متطلبات الإنفاق، في وقت أصبح فيه السفر بالنسبة للكثيرين ضرورة لمجاراة المظاهر الاجتماعية التي أصبحت تسيطر على المجتمع، علاوة على أهميته للكثيرين في الترفيه عن النفس وكسر الروتين، حتى وإن كان لذلك أثر مالي يترتب عليهم لأشهر لاحقة.
أحمد عبد القادر، موظف في القطاع الخاص، قرر هذا العام السفر في إجازة مع عائلته إلى إحدى دول أوروبا الشرقية للترفيه عن أبنائه خلال العطلة، غير أنه لم يتمكن من تغطية كلفة الرحلة نقدا. 
ويقول إنه قام بحجز التذاكر والفندق عبر وكالة سفر باستخدام بطاقة ائتمان، وقام بتقسيطها على عدة أشهر، رغم علمه أن ذلك سيشكل ضغطا على ميزانيته طوال هذه الفترة، دون إغفال التكاليف التي ستترتب عليه مع العودة إلى المدارس مطلع أيلول، ودون نسيان المناسبات الاجتماعية الأخرى خلال الصيف.
سمير عبدالرحمن قرر هو الآخر الذهاب في إجازة مع زوجته وابنه، وقد حجز الرحلة في المكتب السياحي بالبطاقة الائتمانية، أما التكاليف أثناء الرحلة فسيغطيها هنالك من مدخرات جمعية شاركت فيها زوجته مع صديقات لها.
ويقول سمير إنه يعلم أن هذا يعد شكلا من أشكال الديون، إلا انه في الوقت ذاته عكف على ذلك لأنه يرى جميع من حوله يذهبون في إجازات وعطلات، إما داخل المملكة أو خارجها وبالتالي فإن عليه هو الآخر أن يخوض هذه التجربة، وهو متأكد أنه سيضر للضغط على إنفاقه على أشياء أخرى لاحقا.
وتقول ميساء خالد، موظفة في القطاع الخاص وأم لطفلين، إنها سجلت ابنيها في نادٍ صيفي خاص بكلفة مائة دينار للطفل الواحد. 
واستخدمت بطاقتها الائتمانية لدفع المبلغ على عدة دفعات أيضا، وتوضح ميساء أن النادي الصيفي أصبح في هذا العصر ضرورة أكثر منها تسلية، وذلك لإشغال الأبناء في أمور مفيدة بدلا من قضاء الوقت في النوم وخلف الشاشات فقط، حيث يتعلمون هناك مهارات مفيدة وفي الوقت ذاته يجدون مكانا يقضون فيه الوقت خلال فترة دوامها، إذ لا تستطيع تركهم بمفردهم في المنزل.
وتضيف أنه ليس من السهل أيضا أن تتغاضى عن إلحاق أبنائها بالنادي في وقت يذهب فيه أبناء عمومتهم وخالاتهم إلى الأندية، وبالتالي عليهم مجاراة واقع المجتمع الحالي حتى وإن كان ذلك مكلفا. وتبين أن الدفع النقدي مرة واحدة ليس سهلا في ظل العديد من الالتزامات الأخرى، وعليه تلجأ إلى البطاقة الائتمانية للدفع على أن ترتب أمور سدادها لاحقا.
وبحسب آخر تقرير للاستقرار المالي والصادر عن البنك المركزي لعام 2023، بلغ عدد بطاقات الائتمان الممنوحة من البنوك للأفراد ما يقارب 389 ألف بطاقة مقارنة مع 396 ألف بطاقة في 2022.
ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الواقع العملي يشير إلى أن المتعاملين بالبطاقات الائتمانية يشعرون وكأنهم ينفقون أموالا من خارج جيوبهم، إلا أنهم يتفاجأون لاحقا بأنهم يتحملون تكاليف قد تفوق أحيانا كلفة الاقتراض المباشر من البنوك، بالنظر إلى أن الفوائد على الأموال المستخدمة من خلال البطاقات الائتمانية تبلغ شهريا نحو 1.75 %، وبنسبة سنوية إجمالية تقارب 21 %.
ويوضح أن الناس يعيشون تحت وهم مفاده أن الإنفاق بواسطة البطاقة الائتمانية يسمح ببقاء المال في جيوبهم، وهو ما يدفعهم في بعض الأحيان إلى القيام بتصرفات غير راشدة، أو الالتزام بنفقات يتم تسديدها عبر البطاقة على أساس أن الحد الأدنى للسداد قد لا يتجاوز 4 إلى 5 % من إجمالي المبلغ المستخدم، وهو ما يوحي لهم بإمكانية التعايش معه، ويُغريهم بالقيام بأنشطة تفاخرية مثل السفر أو تغطية نفقات مناسبات معينة. لكن في الواقع، يصبح سداد هذه البطاقة أمرا مستداما، وليس عبئا يمكن التخلص منه بسهولة عند الاقتصار على الحد الأدنى للسداد.
ويشير إلى أن الأردنيين أنفقوا نحو مليار دولار على السفر خلال العام الماضي، وهو مبلغ ضخم مقارنة بمعدلات دخلهم، مؤكدا أن مظاهر الإنفاق التفاخرية تتزايد في المناسبات والعطل الصيفية، لا سيما في مجال السياحة. وتابع أن من بين العوامل التي تغري بالإنفاق، توفر الطيران منخفض التكلفة، ما يدفع بعضهم إلى إجراء حسابات خاطئة تتعلق بتكلفة الرحلة الخارجية، حيث يُنظر إلى انخفاض كلفة النقل الجوي وكأنه يعكس الكلفة النهائية للنشاط السياحي، رغم أن الواقع مختلف تماما.
وتظهر أحدث البيانات الرسمية ارتفاعاً في الإنفاق على السياحة في الخارج خلال النصف الأول من العام الحالي بزيادة نسبتها 3.3 %  ليبلغ 999.7 مليون دولار، أما خلال شهر حزيران(يونيو) الماضي فقد سجل انخفاضاً نسبته 22.7 % ليصل إلى 195.6 مليون دولار.
 ويلفت عايش إلى أن كثيرا من الناس يدفعون ثمنا باهظا لهذا الإنفاق، وقد يأتي ذلك على حساب حاجاتهم الأساسية، أو على حساب استعدادهم لمواجهة حالات طارئة، ما يُبقيهم في حالة من العسر المالي، والشكوى، والتذمر من الأوضاع الاقتصادية والوظيفية. وأكد أن هذه الحالة تنعكس سلبا لاحقا على النفسية، فتؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، أو التوتر والاكتئاب، وربما الانسحاب الاجتماعي لدى بعض الأفراد.
وأشار تقرير الاستقرار المالي الأخير إلى تطور نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد المقترضين من البنوك إلى دخلهم في الأردن خلال الأعوام 2018-2023، حيث يلاحظ انخفاض النسبة في نهاية عام 2023 حيث بلغت 44.2 % مقارنة مع 45 % في 2022.