أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Apr-2025

الألعاب الإلكترونية تتجاوز الترفيه إلى التعليم والتدريب

 الغد-إبراهيم المبيضين

 في الوضع الطبيعي نندمج بعالم الألعاب الإلكترونية في العادة لنلهو، ونرفه عن أنفسنا، ونقضي على وقت الفراغ في أشياء مسلية، تشبع غريزة المنافسة في نفوسنا، لكن هذه الألعاب الرقمية وهذه الصناعة وأدواتها ومنتجاتها تطورت لتخرج اللعبة الإلكترونية عن سياقاتها وأهدافها المتعارف عليها والتي تتركز في مفهوم "الترفيه"، بحسب خبراء، لتصبح أداة تعليم، أو تدريب، أو توعية، أو تحفيز على الإنتاجية والعمل والتسويق وغيرها من الأهداف. 
 
 
وبين الخبراء أن هذا النهج هو ما يطلق عليه بالعربية "التلعيب" أو "الجيميفكشين" بالإنجليزية، وهي ظاهرة تطورت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة في العالم الرقمي بشكل عام وفي صناعة الألعاب على وجه الخصوص، وعرفوها بأنها "تطبيق عناصر اللعبة وتقنيات التصميم الرقمي للألعاب في تحقيق أهداف وحل مشاكل في ميادين أخرى، خارج سياق الألعاب والترفيه". 
 
وأكد الخبراء أهميتها في تعزيز التفاعل والمشاركة سواء في مجالات التعليم أو بيئات العمل، ما يجعل الأنشطة اليومية أكثر جذبا وتحفيزا، لافتين إلى أن هذا النهج يمكن تطبيقه في ميادين متنوعة على رأسها التعليم والتدريب والإعلام والصحة والتوعية المجتمعية وغيرها، من القطاعات. 
وقال الخبراء: "إنه من المهم الاستثمار في بناء خطط ضمن مفهوم "التلعيب" مع اعتماد التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الغامرة مع حماية قوية للبيانات، يفتح آفاقا واسعة لتحقيق النجاح المستدام". 
"التلعيب" يعزز التفاعل والمشاركة 
ويرى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "ميس الورد" المتخصصة في ألعاب ومحتوى الموبايل نور خريس، أن "التلعيب" هي ظاهرة مهمة في عصرنا الرقمي الحالي، كونها تلعب دورا حيويا في تعزيز التفاعل والمشاركة سواء في مجالات التعليم أو بيئات العمل، ما يجعل الأنشطة اليومية أكثر جذبا وتحفيزا.
وأكد خريس من واقع تجارب شركته ومشاركتها في إنتاج الكثير من الألعاب في مجال التلعيب، أن هذه الظاهرة تسهم في تحسين تجربة المستخدم من خلال إدخال عناصر المرح والتحدي، التي بدورها تعزز الدافع وتساعد في تحسين الأداء والإنتاجية.
وقال خريس: "في عالم مليء بالتحديات والمنافسة، يجد الأفراد في التلعيب وسيلة فعالة لجذب الانتباه وتحقيق النتائج المرجوة"، مشيرا إلى أن ألعاب الفيديو كانت الرائدة في هذا المجال من خلال تقديم عناصر مثل النقاط والمستويات والمكافآت لجعل التجربة أكثر تفاعلا وإثارة، وهو الأسلوب الذي ألهم مختلف الصناعات لتطبيق سياسات مشابهة لتعزيز المشاركة والتحفيز. 
مستقبل التلعيب يتجه للابتكار 
ويرى خريس أن مستقبل مستقبل التلعيب، "يتجه نحو الابتكار والتوسع في مجالات متعددة"، متوقعا أن تتطور تقنيات التلعيب لتصبح أكثر تفاعلية وشخصية، مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، ستتمكن الشركات والمؤسسات من تصميم تجارب تلعيب مخصصة تلبي احتياجات الأفراد، بشكل أفضل، مما يعزز من فاعلية التحفيز والمشاركة.
استخدام النقاط والتحديات والمكافآت
وترى الريادية المعمارية، ومؤسسة مشروع "منزل"، هديل بلاسمة أن مفهوم "التلعيب" يقوم على استخدام عناصر الألعاب مثل النقاط، التحديات، والمكافآت في مجالات غير الألعاب، مثل التعليم، التدريب، والتوعية. 
وأشارت بلاسمة، التي طوعت مفهوم " التلعيب" في مشروعها "منزل"، إلى أن الهدف من هذا المفهوم هو تحفيز التفاعل وزيادة الوعي من خلال إشراك الناس في تجربة تفاعلية بدلا من مجرد تقديم معلومات تقليدية. 
وقالت: "لقد أصبح مفهوم التلعيب من الأدوات الفاعلة التي تحول الأنشطة اليومية إلى تجارب محفزة وممتعة". 
تجربة مشروع "منزل" 
وعن تجربتها ورحلتها مع مفهوم التلعيب قالت بلاسمة: "إنها بدأت عندما لاحظت أن طرق التعلم التقليدية لم تعد قادرة على تلبية احتياجات الأجيال الجديدة، مع بحثها الدائم عن طرق تجعل التعلم أكثر تفاعلية وواقعية، خصوصا في مجالات مثل العمارة والتصميم، حيث لا يكفي نقل المعرفة نظريا فقط".
وبينت أنها استنادا إلى هذه الأفكار جاء استخدام التلعيب في "منزل"، وهي منصة تعليمية تعتمد على التحديات التفاعلية والواقع الافتراضي، لتعزيز مهارات المهندسين والمصممين، بطريقة عملية وواقعية.
التجربة التفاعلية 
وأكدت بلاسمة أن الفرق الأساسي يكمن في التجربة التفاعلية، موضحة أنه في مشروع "منزل"، لا يقتصر المتعلم على قراءة المعلومات أو مشاهدة محاضرات، بل يدخل في بيئة افتراضية تحاكي الواقع، حيث يواجه تحديات تصميمية ومعمارية حقيقية، ويستخدم أدوات احترافية لحلها. كما أن التلعيب يضيف عنصر التحفيز من خلال نظام النقاط والمكافآت، مما يشجع المتعلمين على الاستمرار والتطور الذاتي. 
كيف تم تطبيق عناصر التلعيب في مشروع داخل "منزل"؟
وقالت: "إنه تم اعتماد عناصر عدة، في "منزل" تشمل التحديات والمهمات، حيث يواجه المستخدم سيناريوهات معمارية واقعية ويجب عليه حلها بطريقة إبداعية واحترافية". وأضافت أنه تم اعتماد المكافآت والتقدم التدريجي، فكلما أكمل المتعلم مهمة، يحصل على نقاط أو مزايا جديدة، مما يشجعه على الاستمرار.
ولفتت بلاسمة إلى أنه تم اعتماد المحاكاة بالواقع الافتراضي لتوفير بيئة تعلم واقعية، تجعل المستخدم يشعر وكأنه يعمل على مشروع حقيقي، واعتماد التفاعل والتنافس من خلال إضافة لوحات المتصدرين ونظام الإنجازات، مما يخلق نوعا من التحدي الصحي بين المتعلمين.
أبرز القطاعات التي يمكن
أن تستفيد من التلعيب
وبحسب بلاسمة، فإن من أهم القطاعات التي يمكن أن تستفيد من التلعيب قطاع التعليم، موضحة أنه يمكن استخدام هذا المفهوم في المدارس والجامعات لتوفير بيئات تعليمية تفاعلية، تساهم في تحسين نتائج الطلاب وجعل التعلم أكثر جذبا. 
وقالت: "إن قطاع التدريب المهني يمكن أن يستفيد من المفهوم، مبينة أنه يمكن استخدمه في الشركات والمؤسسات لتطوير مهارات الموظفين بشكل عملي، وتحفيزهم على إتمام المهام وتحقيق الأهداف، مشيرة إلى أنه يمكن استخدام التلعيب في مجال التوعية المجتمعية، مثل حملات التوعية مثل مكافحة الجريمة، التوعية الصحية، أو حملات التغير المناخي، يمكن استخدام الجيميفيكيشن لإيصال الرسائل بطريقة فاعلة وجذابة". 
الخبير في مضمار الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي، يرى أن العصر الحالي الذي تتسارع وتتطور فيه الابتكارات وتتغير فيه احتياجات الأفراد والمؤسسات، أصبح من الضروري البحث عن طرق جديدة لجذب الانتباه وتحفيز المشاركة وزيادة الإنتاجية، ما يبرز مفهوم التلعيب كأحد الحلول المبتكرة التي تعتمد على تطبيق عناصر وتقنيات تصميم الألعاب في مجالات غير ترفيهية، مثل التعليم، الصحة، الأعمال والتجارة.
التحدي والتحفيز
ويرى الصفدي أن التلعيب "ليس مجرد تحويل العمل إلى لعبة"، بل هو استخدام ذكاء تصميم الألعاب لإضفاء طابع من المتعة والتحدي على المهام التقليدية التي قد تبدو مملة أو صعبة في بعض الأحيان.
ولفت إلى أن هذا المفهوم يقوم على تحفيز السلوك البشري باستخدام عناصر مثل النقاط والمكافآت والتحديات والشارات ولوحات المتصدرين، حيث الأدوات البسيطة قادرة على تعزيز شعور الأفراد بالإنجاز والتقدير، وتحفيزهم على الاستمرار والمثابرة لتحقيق أهدافهم.
وضرب مثلا، عندما يحصل الطالب على نقاط وشارات عند إكماله لمهام دراسية معينة، فذلك يعزز من شعوره بالإنجاز ويشجعه على الاستمرار، والأمر نفسه في بيئة العمل، يمكن أن تحفز المسابقات والتحديات الموظفين على تطوير مهاراتهم والمنافسة بشكل إيجابي، أما في عالم التجارة، فقد تكون برامج الولاء التي تكافئ العملاء بالنقاط عند كل عملية شراء وسيلة فعالة لتعزيز التفاعل والاحتفاظ بالعملاء.
لماذا التلعيب مهم؟
وعن أهمية هذا التوجه، أكد الصفدي أن الإنسان بطبيعته يحب التحدي والمكافأة، ويجد متعة في الشعور بالتقدم والإنجاز، ولذلك تبرز أهمية ودور التلعيب في استغلال هذه الطبيعة النفسية لجعل التجارب أكثر جذبا وتحفيزا. 
وقال الصفدي: "إنه ليس فقط وسيلة للترفيه، بل أداة استراتيجية فاعلة لتحفيز السلوك الإيجابي، سواء أكان ذلك في التعلم، أو الالتزام بالعادات الصحية، أو تحسين الأداء في العمل، أو حتى المشاركة في البرامج المجتمعية. 
التقنيات الحديثة تعزز تجربة التلعيب
وأكد الصفدي أن التكنولوجيا الحديثة ساهمت بشكل كبير في تطوير مفهوم التلعيب وجعله أكثر فاعلية وتأثيرا، ومن هذه التقنيات الذكاء الاصطناعي الذي أصبح قادرا على تحليل سلوك الأفراد وتقديم تجارب مخصصة تتناسب مع احتياجاتهم وتفضيلاتهم. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقترح تحديات ملائمة لمستوى كل مستخدم أو يقدم نصائح لتحسين الأداء، مما يعزز من التفاعل والاستمرارية. 
ومن التقنيات الحديثة التي تساهم في تعزيز تجربة التلعيب وفقا للصفدي، تقنية الواقع الافتراضي، والواقع المعزز التي تمكن من خلق تجارب غامرة يشعر فيها الأفراد وكأنهم جزء من بيئة تفاعلية حقيقية. 
وضرب مثلا، تمكين الطلاب "زيارة" الحضارات القديمة عبر تقنيات الواقع الافتراضي، أو للمرضى القيام بتمارين علاجية عبر تطبيقات الواقع المعزز التي تضفي طابعا ممتعا وجذابا على التجربة العلاجية.
وأشار إلى تقنيات الأمن السيبراني، موضحا أنه مع تزايد جمع البيانات في أنظمة التلعيب، تزداد الحاجة إلى حماية هذه البيانات وتأمينها من الانتهاكات أو الاستخدام غير المصرح به. لذلك، يعد الأمن السيبراني عنصرا أساسيا لضمان حماية المعلومات وتعزيز ثقة المستخدمين في هذه الأنظمة.