أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Aug-2025

إطار للذكاء الاصطناعي بالقطاع المصرفي.. ضمانة للاستخدام المسؤول

 الغد-ابراهيم المبيضين

 أكد خبراء ومتخصصون في الشأن التقني والقانوني أن إصدار البنك المركزي الأردني الأسبوع الماضي الإطار التنظيمي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي الأردني يعد "خطوة إستراتيجية تهدف إلى دعم الابتكار وضمان الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الحديثة".
 
 
وقال الخبراء إن إصدار هذا الإطار التنظيمي يعتبر خطوة محورية نحو تحقيق تحوّل رقمي آمن وشامل في القطاع المصرفي، من خلال تمكين المؤسسات المالية من تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بفاعلية، ضمن أطر تحكم واضحة تضمن الامتثال والمساءلة. كما يعكس هذا القرار طموح الأردن في قيادة التحول الرقمي في المنطقة، وتحقيق التوازن بين الابتكار والحماية، وتوفير بيئة تنظيمية داعمة للتكنولوجيا المسؤولة. 
 
وأشاروا إلى ان هذه الخطوة سيكون لها أثر بالغ في ترسيخ الثقة الرقمية، وتوسيع آفاق الابتكار ضمن بيئة مصرفية متسارعة التطور.
وأشاروا إلى أهمية إصدار الإطار التنظيمي في وقت يشهد فيه قطاع الخدمات المالية تحولا متسارعا نحو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وهو ما يستدعي وجود إطار عمل منظم ومرن يضمن التبني المسؤول لهذه التقنيات ويحد من المخاطر المحتملة ويحقق قيمة مستدامة على المدى الطويل.
وكان البنك المركزي قال الأسبوع الماضي إن إصدار الإطار التنظيمي يأتي ضمن جهود البنك الرامية إلى تمكين التحول الرقمي في القطاع المالي والمصرفي، وتوفير بيئة تنظيمية مرنة وآمنة تُسهّل تبنّي واستخدام التقنيات المالية المبتكرة. كما يُسهم الإطار في وضع أسس تنظيمية واضحة تُساعد المؤسسات المصرفية على تبنّي حلول الذكاء الاصطناعي بفاعلية، مع مراعاة مبادئ الحوكمة الرشيدة، وإدارة المخاطر، وحماية البيانات والخصوصية، وتوظيف التقنيات الحديثة.
معلم قانوني ومعياري
وقال الخبير في مجال البيانات والتقنية الدكتور حمزة العكاليك إن البنك المركزي الأردني بإصداره إطارًا تنظيميًا متكاملًا لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي، "يؤسس بذلك معلمًا قانونيًا ومعياريًا يُنتظر أن يكون له أثر بالغ في ترسيخ الثقة الرقمية، وتوسيع آفاق الابتكار ضمن بيئة مصرفية متسارعة التطور".
وأوضح العكاليك بأن هذا الإطار لا يكتفي بوضع "قواعد تشغيلية" لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بل يؤسس لنهج شمولي متقدم في الحوكمة، يوازن بين التطوير التكنولوجي والمساءلة الأخلاقية، حيث إن محاوره تشمل: الحوكمة المؤسسية، الأخلاقيات، الشفافية، حماية البيانات، إدارة المخاطر، الأمن السيبراني، المسؤولية التعاقدية، واستمرارية الأعمال.
ويرى العكاليك بأن أبرز ما يميّزه هو تركيزه على الدمج المؤسسي للذكاء الاصطناعي ضمن هيكل الحوكمة المالية، بحيث لا يكون استخدام الذكاء الاصطناعي قرارًا تقنيًا منفصلًا، بل جزء لا يتجزأ من إستراتيجية العمل المصرفي.
لماذا يعد الإطار نقلة نوعية؟
وقال العكاليك إن هذا الإطار يعد نقلة نوعية لأنه أول مرجعية تنظيمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي المالي في الأردن، توفّر للمصارف خريطة طريق للامتثال المحلي والدولي، لا سيما في ظل التزامات الأردن بقوانين الخصوصية الجديدة والتشريعات العابرة للحدود
وأشار إلى أنه يركّز على الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، متضمنًا مبادئ العدالة، عدم التحيّز، قابلية التفسير، وحق الانسحاب من المعالجة الآلية، مما يعزز ثقة العملاء ويُحصّن المؤسسات من التحديات القانونية والأخلاقية.
ولفت إلى أن الإطار يُرسّخ مبدأ "الذكاء الآمن والمفسَّر"، بفرض التوثيق الكامل، والاختبار المنتظم للنماذج، وتطبيق آليات الفشل الآمن والتدخل البشري في الأنظمة الحرجة.
أثر مباشر على القطاع المصرفي
ويرى العكاليك إن هذا الإطار التنظيمي سيُحدث "أثرًا عميقًا على البنوك والمؤسسات المالية "في الأردن على عدة مستويات: أولها على مستوى تحفيز الابتكار المسؤول من خلال إتاحة المجال لتطوير خدمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن إطار واضح يضمن السلامة القانونية
وقال العكاليك إن هذا الإطار سيسهم في رفع الجاهزية التنظيمية للمصارف، فالمؤسسات التي تمتثل مبكرًا ستكون أكثر قدرة على جذب الشراكات العالمية، وتمويل الابتكار، ومواجهة التهديدات السيبرانية.
وأضاف بأن الإطار سيسهم في تحسين ثقة العملاء والمستثمرين: لا سيما في ظل تنامي القلق العالمي من المحتوى الزائف، والتلاعب بالخوارزميات، والمخاطر الأخلاقية الناتجة عن "الذكاء الاصطناعي الأسود".
ويرى العكاليك بأن الإطار ليس مجرد وثيقة، بل خطوة أولى نحو اقتصاد رقمي وطني مؤمن بالحوكمة والشفافية. ويُتوقع أن يدفع نحو بناء كوادر بشرية معتمدة في حوكمة الذكاء الاصطناعي، وادماج مفهوم "الشفافية الخوارزمية" كمبدأ تشريعي في قوانين البيانات، وتطوير سوق خدمات تدقيق الذكاء الاصطناعي وموثوقيته.
الذكاء الاصطناعي أداة إستراتيجية
وقال الخبير في مجال الابتكار والريادة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي رامي الكرمي إن إطلاق الغطار التنظيمي "خطوة تنظيمية مميزة تعيد رسم العلاقة بين التكنولوجيا، والحوكمة، والمستقبل المالي والاقتصادي في الأردن".
ويرى الكرمي أن إصدار الإطار "لم تبن على المخاوف ولم يتعامل الذكاء الاصطناعي كملف طارئ يجب احتواؤه، بل جاء إصداره لتطويع الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية يجب تمكينها، توجيهها، وتفعيلها بأقصى قدر من الأثر والوضوح".
وقال إن الأردن وعلى عكس كثير من الجهود العالمية التي ذهبت باتجاه تقييد الذكاء الاصطناعي والتقنيات المستقبلية بطريقة خنقت الابتكار أكثر مما نظّمت، جاء هذه الإطار الأردني ليختار طريق مختلف، ويرسي قواعد منظومة تمكينية،
وأوضح الكرمي أن الإطار التنظيمي يرتكز على مجموعة من القواعد أهمها : تمكين مسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، حوكمة مبنية على الأخلاقيات، الشفافية، العدالة، والمساءلة، حماية خصوصية البيانات، إدارة المخاطر، والاستجابة للحوادث، وخلق بنية تنظيمية قابلة للتكيّف مع المتغيرات العالمية
توافق مع المعايير الدولية
وقالت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة نهلا عبد القادر المومني إن حماية البيانات المصرفية وما يتعلق بالقطاع المصرفي عموما الذي يستند إلى معلومات خاصة بالأفراد "يعد أحد محاور الحق في الخصوصية وهي من حقوق الإنسان".
وأوضحت المومني بأن "المعايير الدولية بهذا الصدد أكدت على ضرورة توفير حماية متكاملة للإنسان في كل جوانب حياته بما في ذلك ما يتعلق بحقه في مجال حماية بياناته المصرفية وتعاملاته مع القطاع المصرفي"، مشيرة إلى أنه في الإطار ذاته فإن أهداف التنمية المستدامة 20-30 تؤكد أيضاً في الهدف السادس عشر على ضرورة بناء مؤسسات قوية فاعلة قادرة على حماية الأفراد وقادرة على تعزيز الأطر المؤسسية.
وأضافت المومني : " بالتالي هذا الإطار التنظيمي للذكاء الاصطناعي في إطار القطاع المصرفي يعد خطوة هامة من عدة جوانب، أولاً انها تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان في هذا الإطار، وتتوافق كذلك مع التشريعات الوطنية التي كرست حماية متكاملة لهذه المعلومات خاصة قانون حماية البيانات الشخصية وقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات".
تعزيز للتحول الرقمي
وفي السياق ذاته قالت المومني إن هذا الإطار التنظيمي فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي في إطار القطاع المصرفي يشكل " ضمانة لحماية حقوق الأفراد وتعزيز التحول الرقمي في القطاع المصرفي في الوقت ذاته". ويتواءم مع توجه المملكة ورؤيتها نحو تعزيز أدوات الذكاء الاصطناعي في كافة القطاعات وينسجم هذا التوجه أيضا مع الاستراتيجية الوطنية الأردنية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، والتي ترتكز على مبدأ أساسي هو ضمان التوازن بين حقوق الأفراد وبين إدماج التكنولوجيا الناشئة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحماية من مخاطرها المحتملة في الوقت ذاته، ما يؤدي إلى تعزيز الشفافية والثقة بالقطاع المصرفي الأردني محليا وإقليميا ودوليا.
استجابة لتسارع التقنية
من جانبه قال الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي إن إصدار مثل هذه الإطار التنظيمي يعتبر خطوة نوعية واستراتيجية، لأنه يمثل " استجابة مباشرة لتسارع التحول الرقمي في القطاع المالي، ويهدف إلى تمكين المؤسسات المالية من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال، ضمن أطر واضحة للحوكمة، والشفافية، وحماية بيانات العملاء، وتحقيق التوازن بين الابتكار والاستقرار المالي.
وقال الصفدي إن إصدار الإطار التنظيمي يأتي في لحظة حاسمة تشهد فيها الأسواق العالمية والإقليمية توسعًا كبيرًا في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات المالية. ومع تزايد اعتماد البنوك الأردنية على التحليلات الذكية، وحلول الأتمتة، والخدمات الرقمية، فإن توفير مرجعية تنظيمية في هذا التوقيت يعكس رؤية استباقية من البنك المركزي، ويمنح المؤسسات الأرضية القانونية لتطوير نماذجها التشغيلية بأمان وكفاءة. كما يعزز هذا التوجه من تنافسية الأردن كمركز إقليمي للابتكار المالي، ويخدم الرؤية الاقتصادية الوطنية، خاصة في مجالات الشمول المالي والتحول الرقمي المستدام.
وتطرق الصفدي في الحديث عن اهم تطبيقات للذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي وبين أن من أهمها مثلا الكشف عن الاحتيال ومكافحة غسيل الأموال حيث تستخدم المصارف خوارزميات ذكية لاكتشاف الأنماط غير الاعتيادية في العمليات البنكية، مما يُمكّن من الكشف المبكر عن محاولات الاحتيال أو الأنشطة غير المشروعة.
وأشار إلى ان من التطبيقات التقييم الائتماني الذكي حيث تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحليل السلوك المالي للعملاء بشكل أعمق، مما يتيح منح قروض بناءً على نماذج دقيقة تدمج البيانات التقليدية والبديلة.
وقال إن من التطبيقات أيضا اتمتة المهام والعمليات الروتينية حيث تقوم الأنظمة الذكية بأداء المهام المتكررة مثل معالجة المعاملات، والمطابقة المحاسبية، مما يقلل التكاليف التشغيلية ويرفع الكفاءة
ولفت الصفدي إلى أن من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي أيضا خدمة العملاء الذكية حيث توفر روبوتات الدردشة التفاعلية استجابات فورية للعملاء، وتقدم المشورة المالية، وتُحسِّن من تجربة المستخدم، وتطبيقات دارة المخاطر والتحليلات التنبؤية حيث تعتمد البنوك على تحليل البيانات الضخمة لتوقع المخاطر المالية، وتحديد اتجاهات السوق، واتخاذ قرارات استباقية في ظل التغيرات الاقتصادية.