الغد-إبراهيم المبيضين
أكد خبراء ومعنيون بالاقتصاد الرقمي أهمية نظام إدارة وتطوير الخدمات الحكومية لسنة 2025، الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا، كونه سيشكل الإطار الوطني المؤسسي والتنظيمي الشامل لتحديث الخدمات الحكومية وتحسين مستويات الحصول على الخدمات من قبل مستقبليها، ودعم وتسريع عملية التحول الرقمي.
وأوضح الخبراء أن النظام يمثل خطوة أساسية نحو الوصول إلى خدمات حكومية محدثة لخدمة المواطن؛ وبناء خدمات حكومية تعتمد على البيانات والحوكمة الفعالة لتخدم المواطن بفعالية.
وأكدوا أهميته في مجال وضع حوكمة لتحسين الخدمات الحكومية، وفي مجال تنسيق الجهود ودفع المؤسسات والوزارات في تجاه تحسين خدماتها التي تعد الرقمنة أساسا لها.
ويلزم النظام الوزارات والمؤسسات الحكومية بتحسين وتطوير خدماتها، من خلال تحديث سجل خدماتها بشكل دوري، ومراجعة رحلة المتعامل وتحسين تجربة المستخدم عبر تبسيط الإجراءات وإعادة هندستها وتقليل الزمن والجهد، وبذل الجهود اللازمة في التحول الرقمي للخدمات وتوفيرها عبر قنوات متعددة، إضافة إلى قياس مستوى أداء الخدمات المقدمة والاستماع للتغذية الراجعة من متلقي الخدمة من خلال الوسائل المناسبة وتوظيف هذه البيانات للتحسين المستمر، وبما يكفل تقديم خدمات متميزة.
وتسعى الحكومة الأردنية من خلال استراتيجيتها للتحول الرقمي إلى رقمنة 80 % من الخدمات الحكومية مع نهاية العام الحالي، والوصول إلى كامل الخدمات نهاية العام المقبل، إذ تظهر آخر الأرقام الرسمية أن نسبة الخدمات المرقمنة بلغت بداية العام الحالي 65 % من إجمالي عدد الخدمات الحكومية البالغ عددها 2440 خدمة حكومية.
ضبط عملية التحول الرقمي والارتقاء بالخدمات
وقال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن هيثم الرواجبة "إن إقرار مثل هذا النظام هو على قدر كبير من الأهمية في دعم وضبط عملية التحول الرقمي والارتقاء بالخدمات الحكومية المقدمة للمواطن".
وأوضح الرواجبة أن أهمية النظام الجديد تتمثل في تقديم هيكلة واضحة وشفافة لأنه يلزم الدوائر بإعادة هيكلة الموارد البشرية وفقا للحاجة الفعلية والمخصصات المالية، ما يحد من ازدواجية الأدوار والتداخل بين الوحدات الحكومية.
وأشار إلى أهميته كونه يقدم شكلا من الحوكمة والإشراف القوي عبر إنشاء ضوابط وتشريعات تنظيمية موحدة، ما يرفع مستوى الشفافية والمساءلة عبر هيئات مثل هيئة الخدمة والإدارة العامة المعززة بآليات رقابة فعالة.
وقال الرواجبة "إن النظام مهم في مجال الكفاءة والاستقرار الوظيفي، فهو يربط إعادة التوظيف والأدوار التنظيمية بالجودة والأداء، ويساهم في تعزيز العدالة الوظيفية وتحديد الأدوار بدقة وتقليل الفاقد الإداري.
وتعد وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة المعني الأساس بهذا النظام، إذ ستقوم بدور محوري في وضع السياسات الرقمية والتقنية المتعلقة بالخدمات الحكومية، من خلال وضع السياسات والاستراتيجيات والمعايير اللازمة لتحقيق رقمنة الخدمات الحكومية وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتوفير الحلول الرقمية الداعمة للتحول الرقمي، بما يشمل الهوية الرقمية، وتكامل قواعد البيانات، وتفعيل منصات تقديم الخدمات الإلكترونية، وبما يشمل التحول نحو خدمات رقمية تعزز مفهوم الحكومات الرقمي.
وبموجب النظام، تتولى هيئة الخدمة والإدارة العامة وضع الأطر والاستراتيجيات والسياسات الناظمة لإدارة وتطوير الخدمات الحكومية، كما تشكل وحدة التحول الرقمي في رئاسة الوزراء، الدور المساند لجهود التحول الرقمي الحكومي، عبر دعم الجهات الحكومية في تطوير خريطة طريق رقمنة الخدمات، وتوفير الأدلة الإرشادية والمعايير الفنية لتحقيق التحول الرقمي الشامل والمتكامل، فضلا عن دور وحدة إدارة وتنفيذ برنامج تحديث القطاع العام في رئاسة الوزراء، التي تتولى متابعة تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتطوير الخدمات ضمن برنامج تحديث القطاع العام، وضمان تكامل جهود تطوير الخدمات وجودة المخرجات.
دعم الأتمتة وتقديم خدمات إلكترونية واسعة
إلى ذلك، أكد الرواجبة أن النظام يعطي دفعة قوية لعملية التحول الرقمي بشكل عام، فهو يدعم عمليات أتمتة الإجراءات والمعاملات الحكومية (مثل إصدار الشهادات وحذف الحاجة للحضور الشخصي)، ودعم تقديم خدمات إلكترونية واسعة، لافتا إلى أهمية العمل على توسيع إطلاق مراكز الخدمات الحكومية الشاملة وخدمات موحدة التي أوجدت الحكومة 9 مراكز منها في محافظات مختلفة مع خطط للوصول إلى 15 بحلول نهاية العام الحالي، بهدف مركزية وتوحيد الخدمات وتسهيل خدمة المواطن من مكان واحد.
وأكد الرواجبة أهمية الاستمرار في العمل على تنوير وتحسين تجربة المستخدم عبر منصة "سند"، وتوسيع تفعيل الهوية الرقمية حتى تكون أساسا للتعاملات الحكومية الرقمية، خاصة ضمن نظام الخدمة الرقمية "سند".
ولخص قائلا "بهذا التوافق بين نظام مؤسسي حكومي وبنية تقنية حديثة، يصبح التحول الرقمي جزءا من الإصلاح الإداري، بما يخدم المواطن ويساهم في رفع فعالية القطاع العام، وخلق تجربة حكومية متطورة".
مقترحات لدعم عملية التحول الرقمي
وعلى صعيد متصل، ولدعم وتسريع عملية التحول الرقمي قدم خبير التقنيات الذكية والابتكار مؤسس صندوق " فكر فينتشرز" محمد الخواجا، جملة من المقترحات في هذا الاتجاه، منها إطلاق صندوق وطني للتحول الرقمي يركز على دعم المشاريع الرقمية في القطاعين العام والخاص، مع أولويات تشمل البنية التحتية الرقمية، والأمن السيبراني، والخدمات الحكومية الذكية، وهذا الصندوق يمكن أن توجد فيه شراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، والمستثمرين المحليين والدوليين.
وأكد الخواجا أهمية تمكين الكفاءات الرقمية من خلال التعليم والتدريب من خلال إعادة تصميم مناهج التعليم الجامعي والتقني لتشمل مهارات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتقنيات الناشئة، إضافة إلى برامج تدريب مهني مرنة تستهدف موظفي القطاع العام ورواد الأعمال.
وأشار إلى أهمية تحفيز القطاع الخاص عبر سياسات وتشريعات مرنة من خلال مراجعة القوانين واللوائح لتسهيل الابتكار الرقمي، مثل اعتماد التوقيع الرقمي، وحماية البيانات، وتشجيع الشركات على تبني التكنولوجيا عبر حوافز ضريبية وتمويلية.
ولفت إلى أهمية تسريع التحول الرقمي في الخدمات الحكومية وتوحيد منصات الحكومة الإلكترونية، واعتماد نهج "الخدمة من أول مرة"، لرفع الكفاءة وتبسيط الإجراءات، وأن تكون تجربة المواطن في قلب تصميم الخدمات الرقمية، فضلا عن أهمية دعم بيئة الابتكار وريادة الأعمال الرقمية عبر توسيع برامج حاضنات ومسرعات الأعمال الرقمية، وربطها بجامعات ومراكز أبحاث محلية، كما يمكن تعزيز الروابط مع الأسواق الإقليمية عبر اتفاقيات تقنية وتجارية تفتح الأبواب أمام المنتجات الرقمية الأردنية.
من جانبه، أكد الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي، أن إقرار نظام إدارة الخدمات الحكومية هو بالغ الأهمية، لأنه يساهم بالعموميات في تحسين تجربة المواطن والأعمال وتحقيق الهدف الأساسي، وهو الذي جعل الخدمات الحكومية أكثر سهولة وكفاءة وملاءمة لكل من المواطنين والشركات، ما يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية، ويقلل من العقبات البيروقراطية، ويوفر الوقت والجهد، ويحسن الرضا العام عن الخدمات المقدمة.
وأكد أن النظام يلزم الوزارات والمؤسسات بتحسين خدماتها، وبالتبعية يعد بمثابة العمود الفقري القانوني والمؤسسي لدفع التحول الرقمي في الأردن.
المساءلة وتوحيد الجهود
وبين الصفدي أن وجود مثل هذا النظام يوفر عوامل محفزة للعمل على التحول الرقمي ومنها، عوامل التكليف والمساءلة كونه يلزم الجهات الحكومية قانونيا، باتخاذ خطوات ملموسة نحو تحسين الخدمات والرقمنة.
هذا يحوله من مجرد توصية إلى مطلب ملزم قانونا، مما يوفر المساءلة، كما أنه يوفر عامل التوحيد والاتساق، حيث يمكن للنظام أن يضع معايير ومقاييس لجودة الخدمة وتقديمها رقميا، مما يضمن مستوى ثابتا من الخدمة عبر مختلف الهيئات الحكومية ضمن إطار زمني ومعايير قياس واضحة.
ولفت إلى أهمية النظام في وضع إطار عمل للتنفيذ، حيث إنه من المرجح أن يوفر إطارا عاما وإرشادات، وربما جداول زمنية للوزارات والمؤسسات لاتباعها في جهود الرقمنة، مما يضمن نهجا منسقا.
وأكد أهميته في مجال تخصيص الموارد وتحديد الأولويات، حيث يمكن للنظام أن يساعد في تخصيص الموارد اللازمة (المالية والبشرية والتكنولوجية)، وتحديد أولويات مشاريع التحول الرقمي ضمن الميزانيات الحكومية.
التركيز على المواطن
وقياس الأداء
وعلى صعيد متصل، قال الصفدي "إن مثل هذا النظام من الممكن أن يوفر عامل التصميم المرتكز على المواطن، حيث يتم تصميم الخدمات حول احتياجات المستخدمين، بدلا من الهياكل الحكومية الداخلية".
ولفت إلى دور النظام في قياس الأداء والمراقبة، إذ من المرجح أن يضع القانون آليات لمراقبة وتقييم التقدم المحرز في تحسين الخدمات والرقمنة، مما يضمن تحقيق الأهداف ومعالجة التحديات.