هل يمهد رد الرسوم لدافعيها إلى إلغاء المشروع؟
الغد-أحمد الرواشدة
بعد 4 أعوام من الانتظار والترقب، تسود خيبة أمل في العقبة، بعد قرار رد رسوم قدرها 20 دينارا لمن كانوا تقدموا لمشروع "بيع الأراضي بالسعر المدعوم"، وسط تساؤلات ما إذا كانت هذه الخطوة تمهد إلى إلغاء المشروع الذي ظلوا يعولون عليه سعيا لاستقرار سكني.
وكانت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، أعلنت عن فتح باب التقديم للحصول على قطع أراض سكنية بأسعار مدعومة، في خطوة وُصفت حينها بأنها "إستراتيجية"، تهدف إلى حل أزمة السكن المتفاقمة في المدينة، وتمكين الشباب والعائلات من بناء مستقبلهم في العقبة.
وتقدّم آنذاك عبر المنصة الإلكترونية التي أنشأتها السلطة أكثر من 23 ألف مواطن، آملين أن يكونوا من بين 15 ألف مستفيد حددتهم السلطة وفق شروط واضحة في المشروع الذي شمل مناطق متعددة مثل السهل الشمالي، حي المركزية، وحي الملقان، وتم تقسيم الأراضي إلى ثلاث فئات حسب المساحة، بأسعار تراوحت بين 26 و49 دينارا للمتر المربع، شاملة التنظيم والبنية التحتية.
في تلك الفترة، أعلنت السلطة أن اللجنة المختصة بدأت أعمالها رسميا، وتضم 15 موظفا من مختلف الدوائر الحكومية والأمنية، وتعمل ليل نهار على دراسة دقيقة للطلبات لضمان الشفافية والنزاهة، في وقت انتظر فيه المواطنون أكثر من 20 عاما مرت على آخر عملية بيع بالسعر المدعوم، للحصول على فرصة تملك الأرض، معبرين عن قلقهم من التأخير في إعلان أسماء المستحقين، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الشقق السكنية التي تجاوزت 25 ألف دينار لمساحات لا تزيد على 70 مترا مربعا.
"حلم طال انتظاره"
وأبدى عدد من المواطنين في مدينة العقبة استياءهم العميق وخيبة أملهم من توقف مشروع توزيع الأراضي المدعومة، معتبرين أن حلم التملك الذي طال انتظاره قد انتهى بالنسبة للكثيرين، وأن الوعود التي أُطلقت قبل سنوات لم تجد طريقها إلى التنفيذ، رغم ما حملته من آمال كبيرة بتحقيق العدالة السكنية والتمكين المحلي.
وبيّن أحد المتقدمين للاستفادة من المشروع المواطن محمد الكباريتي أن آلية التقديم كانت سهلة وواضحة، وقد شعر حينها بأن المشروع جاد ويحمل نية حقيقية لتمكين أبناء العقبة من التملك في مدينتهم، لكن سرعان ما تبخر الحلم بقرار إعادة 20 دينارا كان كل مواطن قد دفعها ليتمكن من الدخول إلى المنصة الإلكترونية وتعبئة طلب الحصول على قطعة أرض بسعر مدعوم بعد انتظار أكثر من أربعة أعوام.
من جانبه، أكد أيمن النجداوي الذي يقيم في العقبة منذ 25 عاما، أن أسس التوزيع تبدو عادلة وتشمل جميع الفئات، سواء من سكان المدينة الأصليين أو المقيمين فيها منذ سنوات طويلة، إلا أنه أشار إلى أنه لم يحصل على قطعة أرض حتى الآن رغم استيفائه الشروط، ما يعكس حالة الانتظار والقلق التي يعيشها الكثيرون من سكان المدينة، وسط شعور عام بالخذلان بعد الوعود والمبادرات التنموية التي لم تُترجم إلى واقع ملموس.
وكذلك الأمر بالنسبة لأم عرين التي عبرت هي الأخرى عن خيبة أملها من القرار الأخير الذي صدر عن مجلس مفوضي سلطة العقبة والقاضي برد المبلغ المدفوع من قبل المتقدمين، معتبرة أن هذا القرار يُعد تراجعا غير مباشر عن المشروع، ويفقد المواطنين الثقة في الجهات الرسمية، قائلة "نحن لا نريد استرداد المبلغ، نريد أرضا نبني عليها مستقبل أبنائنا، نريد وعدا يُنفذ لا يُلغى بصمت".
المواطن الشاب أحمد الحويطات، الذي يعمل في قطاع السياحة، أشار إلى أن امتلاك قطعة أرض في العقبة كان سيمنحه فرصة للاستقرار، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات والشقق السكنية، مؤكدا أن العقبة مدينة واعدة والمشروع كان بصيص أمل، والآن يشعر أن هذا الأمل قد انطفأ.
بدوره، عبّر الحاج سالم عساف، وهو من سكان العقبة منذ أكثر من 40 عاما، عن حزنه من توقف المشروع، مؤكدا أن أبناء العقبة يستحقون التمكين في مدينتهم، وأن الأرض حق اجتماعي واقتصادي يجب أن يُصان.
وأضاف "وعدونا، وأطلقوا المنصة، ودرسوا الطلبات، ثم توقف كل شيء فجأة، هذا ليس عدلا".
وقالت الطالبة الجامعية روان الزوايدة إن المشروع كان يمثل لها ولأقرانها من الشباب فرصة لبناء مستقبل في مدينتهم، بعيدا عن الهجرة إلى العاصمة أو المدن الأخرى بحثا عن سكن أو عمل، قائلة "نحن الشباب نريد أن نبقى في العقبة، أن نعيش ونبني ونساهم في تنميتها، لكن بدون أرض، كيف سنبدأ؟".
وتضمن قرار سلطة العقبة تكليف مفوضي البنية التحتية والشؤون الاقتصادية باستكمال دراسة شمولية للمشروع تشمل الكلف المالية لتنظيم الأراضي ومدى توفر البنية التحتية والإيرادات المتوقعة، مع الاحتفاظ بقاعدة بيانات المتقدمين لاستخدامها مستقبلا.
ماذا تقول "سلطة العقبة"؟
وبيّنت السلطة في بيان أصدرته بهذا الخصوص "أن مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ناقش موضوع مشروع بيع الأراضي بالسعر المدعوم، حيث تم التباحث في كافة الحيثيات المرتبطة بالمشروع، بما في ذلك تقييم الظروف الحالية، والإمكانيات الفعلية للمواقع المحتملة، والكلف المالية المتوقعة لتنظيم الأراضي والبنية التحتية".
وأضاف البيان "بناءً على ذلك قرر المجلس رد المبلغ المالي المدفوع من قبل كل متقدم للاستفادة من المشروع والبالغ عشرين دينارا، وذلك التزاما بمبدأ الشفافية، إلى جانب تكليف كل من مفوض شؤون البنية التحتية والحضرية ومفوض الشؤون الاقتصادية والاستثمار باستكمال الدراسة الشمولية المتكاملة للمشروع، لتتضمن الكلف المالية المتوقعة لتنظيم الأراضي والبنية التحتية ومدى توفر البنية التحتية في المواقع المحتملة، والإيرادات المتوقعة من المشروع لاستغلالها في تنظيم الأراضي والبنية التحتية، وتقديم التوصيات المناسبة إلى مجلس المفوضين حول إمكانية تنفيذ المشروع".
كما قرر المجلس الاحتفاظ بقاعدة بيانات المتقدمين سابقا ليُصار إلى استخدامها مستقبلًا، مؤكدا أن مشروع بيع الأراضي، بحكم أهميته التنموية والاجتماعية، يحتاج إلى استكمال الدراسة الشمولية التي تراعي الإمكانيات الواقعية والكلف المترتبة على السلطة، وتضمن تحقيق العدالة والكرامة والمصداقية، بما يخدم أبناء المجتمع المحلي ويعزز أهداف التنمية المستدامة في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وفي بيان لاحق، قالت السلطة "إن استيفاء مبلغ العشرين دينارا الذي تم دفعه مقابل رسوم الطلب جاء بقرار مجلس المفوضين، واسترداده استجابةً لمطالب متكررة وحرصا على تحقيق العدالة والمرونة في التعامل مع المواطنين، وهو إجراء اختياري لمن يرغب فقط، ومن لا يرغب باستعادة المبلغ يعد أمانة لدى السلطة، واسترداده لا يُعد بأي حال من الأحوال إلغاءً أو انسحابا من الطلب المقدم للاستفادة من المشروع".
وأكدت "أن مشروع بيع الأراضي بالسعر المدعوم لم يتوقف، وأن العمل ما يزال جاريا على استكمال الدراسة الشاملة للجوانب التنظيمية والمالية للمشروع، لضمان تنفيذه بالصورة الأمثل التي تحقق مصلحة المواطنين والمصلحة العامة. وحرصا على مبدأ الشراكة مع المجتمع المحلي، تؤكد السلطة أنه سيتم عرض نتائج الدراسة على ممثلي المجتمع المحلي فور الانتهاء منها، قبل الشروع في تنفيذه".