أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2016

تنزيلات حكومية غير مغرية!*جمانة غنيمات

الغد-تماماً مثل "المولات" والأسواق التجارية الكبيرة، تعلن الحكومة عن تنزيلات تغري بها الناس بالبيع والشراء! ومن ذلك، أنها اتخذت قرارا بتخفيض رسم بيع العقار بنسبة %50، بحيث يصبح 2.5 %  بدلا من 5 %؛ كما تخفيض ضريبة بيع العقار بالنسبة ذاتها، لتصبح 2 % بدلا من 4 %.
إذ كما المحال التجارية أيضاً، جاءت التنزيلات الحكومية لمدة محدودة؛ فتم التراجع عن قرار التخفيض السابق قبل مضي أقل من شهر على تطبيقه. وتبرير ذلك، كما جاء على لسان وزير المالية عمر ملحس، هو أن الوزارة تُجري عملية مراجعة مستمرة للقرارات ذات الأثر المالي، خصوصا تلك المتعلقة بموضوع الإعفاءات، وتعيد النظر فيها -تالياً- بناء على نتائج التقييم، لضمان تحقق الغاية من الإعفاء على الوجه المرجو.
ملحس أوضح أن  تخفيض رسوم نقل ملكية العقار بمقدار النصف، جاء بهدف تحفيز القطاع العقاري. وهو ما لم يتحقق في الشهر الأول من تنفيذ القرار؛ بل تراجع النشاط العقاري خلال ذلك مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما دفع الحكومة إلى وقف العمل بالتخفيض.
بصراحة، الدول لا تُدار بعقلية من يملك "مولاً". وكان من المفترض أن تدرس الحكومة مسبقاً قرارها وتقدر أثره المالي ودوره في تحفيز القطاع، إن كان ذلك ما ترغب فيه. أما الرجوع عن القرار، فقد خلق شعورا بالشك حيال أسبابه ومبرراته، وفتح الباب على العديد من التساؤلات، لدرجة دفعت الناس إلى المطالبة بإعلان أسماء كل من باع واشترى خلال مدة التنزيلات؛ عفوا أقصد تنفيذ القرار!
ثم إن التراجع عن القرارات بهذه الطريقة يؤسس لفكرة أو انطباع بأن حكومة د. هاني الملقي مترددة في اتخاذ القرارات، أو أن قراراتها اعتباطية غير مدروسة، بحيث تجدها تتخذ القرار اليوم، لتعود عنه بعد أقل من شهر! وفي ذلك إشارة خطيرة إلى غياب الرؤية والخطة التي ترتكز عليها كل القرارات.
وتدرك الحكومة تماما مخاطر عدم الثبات التشريعي على جذب الاستثمارات؛ إذ تعلم جيدا أن مثل هذا التردد في اتخاذ القرارات يكرس الشعور بعدم الاستقرار عند المستثمرين، وبما يعد عاملا منفّرا في بيئة الأعمال، يؤدي إلى "تطفيش" الاستثمار، لاسيما إذا كان المبرر غير مقنع.
الحكومة تقول إن قرار الإعفاء العقاري جاء بأثر سلبي. لكنني أظن أن مدة التقييم ليست كافية، إذ يحتاج تقييم أثر مثل هكذا قرار إلى ثلاثة أشهر على الأقل حتى يتضح مداه. وقبل ذلك، لِمَ يُتخذ القرار ويُعْلَن للناس إن لم يكن مدروسا؟!
تجربة التراجع عن القرارات كانت حاضرة أيضا، ولأكثر من مرة، في الحكومة السابقة. من ذلك، على  سبيل المثال لا الحصر، قرار زيادة رسوم تراخيص السيارات الذي تم التراجع عنه، وأيضاً زيادة سعر أسطوانة الغاز. وفي كل تراجع عن قرار كانت صورة الحكومة تهتز وتظهر كجهة عاجزة عن اتخاذ القرار الصحيح. فهل تريد حكومة د. هاني الملقي تكريس هذه الصورة أيضا؟!
السير في الاتجاه الصحيح يتطلب عدم التراجع عن القرار، أي قرار؛ حتى لا تهتزّ ثقة المستثمر ببيئة الأعمال، ولا تتزعزع الثقة بين الحكومة والناس وتتسع هذه الفجوة بتكرار مثل هذه القرارات. فأصحاب الأعمال يخططون تبعا للتوجهات والقرارات الرسمية، وإرباك الاستثمار بالتراجع عن قرارات، يضعف الحكومة ويضعها بصورة مرتبكة غير قادرة على اتخاذ القرار.
حين أقرت الحكومة قرار تخفيض نسب الاستهلاك على السيارات، قال نائب رئيس الوزراء وزير الصناعة جواد العناني حول القرار" لا نعتذر عن القرار، ولا نخجل منه، ومتمسكون به، لأنه جاء تكريسا للمصلحة العامة"، فهل ستتراجع الحكومة اليوم عن هذا القرار تحت الضغظ؟
لا ندري هل ستبقى حكومة د. الملقي تعود عن قراراتها، معتقدة أن إدارة البلد وتحفيز الاستثمار يكونان بمثل عقلية المراكز والمحال التجارية، لاسيما التنزيلات المغرية؟
ما نحتاجه ليس تنزيلات، بل قرارات مستقرة ثابتة، تؤكد أن لدى الحكومة رؤيةً تتخذ تبعا لها القرارات الراسخة، وليس تلك العشوائية، وكأنما لسان حالها: "خلينا نجرب"! فالإدارة ليست تجربة مرتجلة تخضع لمبدأ الصح والخطأ، بلا تبعات.