أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Aug-2019

اقتصاد مصري ينمو وخليجي راكد وتركي ينكمش!* د. محمد حسين المومني

 الغد-تركيا عضو في مجموعة العشرين وهي اقوى اقتصادات في العالم، وقد حققت لسنوات معدلات نمو كانت من الاعلى عالميا، ولكنها ومنذ النصف الثاني من العام الماضي تشهد تراجعا وانكماشا كبيرا، وصل اقصى مراحله بتحقق معدلات نمو سالبة، ما يعني ان الاقتصاد التركي أسوأ من راكد وينكمش.

العقوبات الاميركية على النفط الايراني الذي يحتاجه الاقتصاد التركي احد أسباب الانكماش ولكنه ليس رئيسيا. السبب الاكثر تداولا للخبراء هو ان دورة الاقتصاد التركي من النمو المستمر قد وصلت ذروتها ولا بد لها ان تتراجع. هذا افضل تفسير موجود بين أيدينا للآن حول الانكماش الاقتصادي التركي. حاولت تركيا التغلب على ذلك من خلال التوسع الكبير بالاقتراض لخلق الطلب، وتخفيض سعر صرف العملة لزيادة التصدير وتشجيع السياحة، ولكن بلا نتيجة او طائل للآن.
اما الركود الخليجي فسببه التوسع الهائل وغير المدروس في سوق العقار. عرض كبير وطلب قليل على العقارات التي استثمرت المليارات بإنشائها. حتى عائدات النفط لا تنفع في ظل فقاعة العقارات غير المنطقية ولا تستجيب لحجم الطلب على العقار. ترافق ذلك مع توتر الخليج العربي وسعي الدول على إبقاء اسعار النفط عند حدود معقولة أثرت على عائداتها النفطية. حاولت دول الخليج اتخاذ اجراءات لزيادة الطلب، وتقليل حجم التضخم، والتسهيل على الاستثمار، كان أهمها تخفيف إجراءات الإقامة وتسهيلها على الاجانب العاملين ولم يتضح بعد حجم تأثير هذه الاجراءات ولكن حجم التفاؤل بشأنها قليل.
قصة النجاح تكمن في الاقتصاد المصري، الذي يشهد، بالرغم من الواقع الاقتصادي الاقليمي القاتم، معدلات نمو زادت على 5 %. لم يكن احد يتوقع هذا النجاح السريع للاقتصاد المصري خاصة بعد الأحداث والاضطرابات التي مر بها البلد وأثرت على اقتصاده. ثلاثة اسباب رئيسة وراء قصة النجاح الاقتصادية المصرية: اكتشافات الغاز الجديدة، وانشاء المشاريع الكبرى مثل المدينة الجديدة “المحروسة” وتوسعة قناة السويس، وقرارات اقتصادية مهمة وحاسمة يعلوها تخفيض قيمة العملة كما فعلت تركيا، ما انعكس على زيادة الصادرات، وارتفاع معدلات السياحة، وزيادة الاستثمار مدعوما برخص الايدي العاملة وحجم السوق الكبير.
أصبحت مصر الشقيقة أنموذجا إقليميا يحتذى بعد سنوات من التعثر، وعندها من قصص النجاح القطاعية ما يستحق التوقف عنده، وهي لا شك بطريقها لأن تصبح قوة اقتصادية اقليمية اكثر تأثيرا، وسيكون لذلك تداعيات تتجاوز البعد الاقتصادي.
مشهد اقتصادي اقليمي غريب عجيب، يؤكد الخصوصية الكبيرة والاختلاف الشديد بين اقتصادات الشرق الاوسط، وصعوبات التعميم لقصص النجاح وتجنب الفشل، والاهم، ان هذا الواقع الاقتصادي الاقليمي جعل من امكانية خلق حالة من “الاعتماد الاقتصادي المتبادل” مهمة شبه مستحيلة. الاقليم يبدو محتوما باستمرار وجود دول تابعة واخرى متبوعة اقتصاديا، واقصى ما يمكن الطموح اليه تحقيق درجة معقولة من تبادل المنفعة والانسياب لعناصر الانتاج.