الدستور
تدخل أسواق النفط العالمية العام 2026 وهي مثقلة بفائض إنتاجي متواصل، حيث تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن المعروض من النفط والسوائل البترولية الأخرى سيتجاوز الطلب بقدار 2.26 مليون برميل يومياً، وهذا الفائض يأتي امتداداً لما شهده العام 2025 حين بلغ الفارق بين الإنتاج والاستهلاك 2.24 مليون برميل يومياً، ما يعكس اتجاهاً هيكلياً نحو تخمة في السوق العالمية.
الإنتاج العالمي سيصل في المتوسط إلى 107.43 مليون برميل يومياً، مقابل طلب يبلغ 105.17 مليون برميل يومياً، وهو ما يضع الأسعار تحت ضغط مستمر، ورغم أن الاستهلاك العالمي سيحقق نمواً بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، مدفوعاً أساساً بالدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن وتيرة هذا النمو تبقى أبطأ من التوسع في المعروض، فمثلا الصين وحدها ستضيف 300 ألف برميل يومياً إلى استهلاكها، فيما ستسجل الهند زيادة قدرها 170 ألف برميل يومياً، إلى جانب زيادات متفرقة في الشرق الأوسط وأفريقيا، إلا أن هذه الزيادات لا تكفي لمعادلة الطفرة الإنتاجية.
على الجانب الآخر، يقود النمو في المعروض كل من الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا وكندا، حيث تساهم هذه الدول مجتمعة بنحو 60 % من الزيادة العالمية في الإنتاج، وهذا الامر يبرز الدور المتنامي لأميركا الجنوبية مع دخول مشاريع بحرية جديدة في البرازيل وغيانا الخدمة قبل hلموعد المقرر، ما يعزز قدرة هذه المنطقة على ضخ المزيد من البراميل إلى السوق العالمية.
المقدمة السابقة، تظهر بأن التوازن المختل بين العرض والطلب سينعكس مباشرة على الأسعار، إذ تراجع متوسط سعر خام برنت في تشرين ثاني 2025 إلى 64 دولارًا للبرميل، أي أقل بنحو 11 دولاراً عن العام السابق. ومع استمرار الفائض في 2026، من المرجح أن تبقى الأسعار في نطاق يتراوح بين 60 و70 دولارًا للبرميل، ما لم تتدخل عوامل جيوسياسية أو قرارات إنتاجية من أوبك+ لتغيير المسار.
في المحصلة، تبدو الأسواق مقبلة على عام تتسم فيه المعادلة النفطية بوفرة المعروض وتباطؤ نمو الطلب، وهو ما يمنح المستهلكين فرصة الاستفادة من أسعار أقل، غير أن استمرار هذا الوضع قد يعيد تشكيل ديناميكيات السوق العالمية، ويضع ضغوطاً إضافية على السياسات الاقتصادية للدول المصدرة، في وقت يتزايد فيه الطلب من آسيا والشرق الأوسط بوتيرة لا تزال غير كافية لمعادلة فائض الإنتاج.