مطار عمّان المدني.. عودة بوابة جوية قديمة برؤية جديدة
الغد-تيسير النعيمات
بعد أكثر من سبعة عقود على تأسيسه كأول مطار في الأردن، يعود مطار عمان المدني في ماركا إلى الواجهة، بهوية جديدة ودور مختلف، بعدما حصل رسميًا على ترخيص تشغيل الرحلات الجوية المدنية تحت مسمى "مطار مدينة عمّان"، في خطوة تعكس تحولًا نوعيًا في مشهد الطيران المدني ودعمًا متزايدًا لشركات الطيران منخفضة التكاليف.
زيارة 18 شركة طيران منخفضة التكاليف إلى المطار مؤخرا، لم تكن بروتوكولية، بل حملت رسائل واضحة حول الاهتمام المتنامي باستخدام المطار كنقطة انطلاق جديدة للرحلات الجوية، خاصة بعد اكتمال جاهزيته التشغيلية، وفق ما أكده المدير العام لشركة المطارات الأردنية المهندس أحمد العزام، الذي أشار إلى أن بدء تسيير الرحلات متوقع خلال الشهر المقبل، فور استكمال الشركات ترتيباتها وجدولة رحلاتها.
جاهزية عملية وتجارب ناجحة
الاستعدادات لم تقتصر على البنية التحتية، بل اختُبرت ميدانيًا عبر رحلة تجريبية سيرتها الخطوط الجوية الملكية الأردنية إلى مطار شرم الشيخ ذهابًا وإيابًا، إضافة إلى استقبال المطار طائرتين تم تحويل مسارهما من مطار الملكة علياء الدولي بسبب الظروف الجوية، ما عزز الثقة بقدرة المطار على العمل بكفاءة عالية.
وأكد العزام، أن مطار "مدينة عمّان" ليس منافسًا لمطار الملكة علياء الدولي، بل مطارًا رديفًا صُمم لاستقبال الطائرات متوسطة الحجم، وتحديدًا طائرات شركات الطيران منخفضة التكاليف، في إطار توجه وطني لتوسيع خيارات السفر وخفض الكلف وتعزيز السياحة.
ترخيص رسمي وهوية جديدة
الحصول على الترخيص من هيئة تنظيم الطيران المدني، شكل نقطة تحول حاسمة في مسار المطار، وجاء ضمن جهود دعم قطاع الطيران المدني وتطوير البنية التحتية، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي. وتسلم مدير عام شركة المطارات الأردنية الرخصة رسميًا من رئيس مجلس مفوضي الهيئة الكابتن ضيف الله الفرجات، الذي أكد التزام الشركة بأعلى معايير السلامة والأمن وكفاءة التشغيل.
كما اعتمدت الهيئة الاسم الجديد "مطار مدينة عمّان" (Amman City Airport)، في خطوة تهدف إلى ربط المطار بالمشهد الحضري للعاصمة، وتعزيز هويته التشغيلية كمطار يخدم المدينة مباشرة.
استثمار في البنية التحتية
شهد المطار سلسلة من أعمال التحديث والتطوير، شملت الردم الجوي للوادي بكلفة بلغت نحو 4.5 مليون دينار، إلى جانب تنفيذ مشروع أمان نهاية المدرج بكلفة تقارب مليون دينار. كما جرى تحديث وتوسعة قاعات المغادرين، وتجهيز قاعات القادمين ومتطلبات السلامة، لتمكين المطار من خدمة أكثر من طائرة في الوقت ذاته.
هذه الاستثمارات، وفق العزام، لم تكن فنية فحسب، بل اقتصادية بامتياز، إذ من شأن إعادة تشغيل المطار أن تخفف الضغط على مطار الملكة علياء الدولي خلال مواسم الذروة، وتسهيل عمليات الشحن التجاري نظرًا لقربه من مناطق صناعية حيوية، فضلًا عن تحفيز الحركة السياحية.
بوابة قديمة لدور جديد
ورغم عدم وجود رحلات "ترانزيت" حاليًا، وعدم استخدامه في الوقت الراهن لرحلات العقبة، إلا أن الدراسات ما تزال مفتوحة أمام خيارات مستقبلية، مع تأكيد أن المطار يستخدم حاليًا للرحلات الخاصة وأغراض التدريب، بانتظار استكمال بعض الإجراءات الفنية المتعلقة برفع أوزان الطائرات المسموح لها بالهبوط والإقلاع.
منذ تأسيسه في العام 1952، على أرض تمتد لنحو 2.75 مليون متر مربع في منطقة ماركا الشمالية، شكّل مطار عمّان المدني بوابة الأردن الجوية الأولى. واليوم، يعود المطار بروح جديدة، ليؤدي دورًا مختلفًا يتماشى مع متطلبات المرحلة، ويعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي لحركة الطيران والخدمات اللوجستية، في مشهد يعيد كتابة قصة مطار قديم برؤية حديثة.