أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-May-2025

كيف يستفيد الاقتصاد الوطني من جلسة " لندن الاستثمارية"؟

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

في عالم يتسارع فيه تدفق رأس المال نحو البيئات المستقرة والواعدة، يبرز الأردن كمرشح محتمل لتصدر مشهد الاستثمار الإقليمي، ليس فقط لموقعه الجغرافي المحوري، بل أيضا لما يمتلكه من مقومات بشرية وتشريعية بدأت تلقى اهتماما متزايدا من الدوائر الاقتصادية الدولية. 
ويأتي انعقاد جلسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية المقررة غدا الثلاثاء في لندن، تحت عنوان "الأردن: بوابة للاستثمار في تجارة عالمية بقيمة 50 تريليون دولار"، ليؤكد هذا التوجه، لكنه في الوقت ذاته يطرح أسئلة جوهرية حول ما إذا كانت البيئة الاستثمارية الأردنية جاهزة فعلا لترجمة هذه التطلعات إلى مشاريع منتجة وفرص عمل مستدامة، وما المأمول من الوفد الأردني خلال الجلسة؟.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن الأردن يتمتع بجملة من الميزات الجيوسياسية والاقتصادية التي تؤهله ليكون مركزا لوجستيا في التجارة العالمية، خاصة في ظل ما يشهده العالم من إعادة تشكيل لسلاسل الإمداد وطرق التوريد. واعتبروا أن الاتفاقيات التجارية المتعددة التي تربط الأردن مع كبرى التكتلات الاقتصادية تمنحه منفذا نادرا نحو أسواق يتجاوز حجمها 1.4 مليار مستهلك، وهو ما يجب استثماره من خلال تسويق أكثر فاعلية للفرص القائمة في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية. وأشار الخبراء إلى أن توافر بيئة مستقرة أمنيا وسياسيا يمنح الأردن ميزة تنافسية في منطقة مضطربة نسبيا.
وأجمع الخبراء على أن الطموح الاستثماري الأردني يظل مرتهنا بقدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات حقيقية في بيئة الأعمال، تبدأ بتبسيط الإجراءات، ومحاربة البيروقراطية، وتعزيز الشفافية والحوكمة. 
واعتبروا أن جذب 4 مليارات دولار سنويا يتطلب أكثر من التسويق، بل يحتاج إلى خطاب اقتصادي واقعي يطمئن المستثمر، ويقدم له ضمانات قانونية وتشغيلية واضحة. كما شددوا على أهمية تفعيل دور القطاع الخاص في صياغة سياسات الاستثمار، وربط المشاريع الجديدة باحتياجات السوق المحلية، بما يضمن خلق فرص عمل وتحقيق تنمية متوازنة.
تفاصيل جلسة "الأوروبي للإعمار" 
وكان البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أعلن عن عقده غدا الثلاثاء، في لندن، جلسة خاصة بشأن الأردن بعنوان "الأردن: بوابة للاستثمار في تجارة عالمية بقيمة 50 تريليون دولار"، وذلك على هامش اجتماعه السنوي لعام 2024، بمشاركة وزيري الاستثمار والتخطيط.
ووفقا لبيان أصدره البنك وترجمته "الغد"، تسلط الجلسة الضوء على جهود الأردن في دفع رؤيته وخطته لتحديث الاقتصاد، والتي تسعى إلى جذب استثمارات بقيمة 4 مليارات دولار سنويا.
ومن المتوقع أن يستعرض الوفد الأردني المشارك في الجلسة الفرص الكبيرة، التي يزخر بها الأردن في قطاعات البنية التحتية والخدمات والصناعات ذات القيمة العالية، مستفيدا من توفر المواهب الشابة، والبنية التحتية التكنولوجية المتقدمة، والمواد الخام، وفق بيانات البنك الأوروبي.
وستوفر الجلسة الخاصة، أرضية لتعزيز التواصل مع مستثمرين محتملين، كما تبرز الفوائد التي يتيحها الوصول إلى سوق عالمية تضم 1.4 مليار مستهلك، وتجارة دولية تقدر قيمتها بـ50 تريليون دولار، من خلال اتفاقيات التجارة الحرة التي يتمتع بها الأردن، والتي تعزز موقعه الإستراتيجي في التجارة والاستثمار العالميين.
وبحسب بيان البنك سيشتمل الوفد الأردني على كل من وزير الاستثمار، مثنى غرايبة، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، زينة طوقان، إلى جانب مجموعة من ممثلي الشركات الكبرى في القطاع الخاص الوطني.
جذب الاستثمارات متطلب أساسي لرؤية التحديث الاقتصادي
وقال مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي، إن الشراكة مع المؤسسات الدولية تسهم بشكل فاعل في تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، مشيراً أن الأردن يتمتع بفرص استثمارية واعدة في العديد من القطاعات الاقتصادية، لاسيما في مجالات البنية التحتية، والخدمات، وصناعات عالية القيمة، إضافة إلى التكنولوجيا والتحول الرقمي، بما ينسجم مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، إلى جانب الحوافز الاستثمارية التي تُقدَّم للمستثمر الأجنبي، والتي تسهم في تعزيز استثماراته داخل المملكة.
وأضاف أن على الحكومة العمل وبشكل مستمر المشاركة في كافة الفعاليات الدولية وبالتشاركية مع القطاع الخاص التي تُشكّل منصة إستراتيجية فاعلة للترويج للأردن على المستوى الدولي، وتعمل على تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة داخل المملكة، وتوفر نافذة مباشرة للتواصل مع المستثمرين وصنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يعزز من مكانة الأردن كوجهة استثمارية مستقرة وجاذبة في الشرق الأوسط.  
من جهة أخرى، بين حجازي أن جذب الاستثمارات الأجنبية يعد عنصرا محوريا في تنفيذ المشاريع التي تدعم تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من تحديات اقتصادية واضطرابات إقليمية تؤثر على الأردن، حيث أشار إلى تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة خلال العام الماضي بنسبة 18.5 %، مما يتطلب إلى توسيع نطاق الشراكات الدولية والمحلية لتمويل المشاريع، لاسيما في القطاعات التي تشهد ركوداً، مؤكدا ضرورة مشاركة القطاع الخاص في مختلف الفعاليات الدولية لما يتمتع به من خبرة محلية في تنفيذ المشاريع في الأردن، وسهولة التشبيك مع القطاع الخاص في دول العالم.
الموقع الإستراتيجي والفرص المتاحة
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، أن جلسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية المنعقدة في لندن تعد خطوة إستراتيجية مهمة لتعزيز مكانة الأردن على خريطة الاستثمار الدولية، خاصة في ظل التركيز على ربط المملكة بأسواق عالمية ضخمة تصل قيمتها إلى نحو 50 تريليون دولار من خلال اتفاقيات التجارة الحرة.
وأوضح أن هذه الفعالية تتيح للأردن فرصة لعرض مجموعة من المزايا التنافسية التي يمتلكها، أبرزها الموقع الجغرافي الذي يربط بين ثلاث قارات، ما يتيح الوصول إلى أكثر من 1.4 مليار مستهلك، إضافة إلى توافر الموارد البشرية المؤهلة، حيث يشتهر الأردن بإمداد السوق الإقليمي بالكفاءات، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والخدمات، فضلًا عن البنية التحتية الحديثة، وعلى رأسها مركز العقبة الرقمي الذي يشكل قاعدة داعمة للصناعات ذات القيمة المضافة العالية.
جلسة البنك الأوروبي تعزز مكانة الأردن كوجهة استثمارية واعدة
ودعا المخامرة على ضرورة أن يركز الوفد الأردني خلال مشاركته على ترويج الفرص الاستثمارية في عدد من القطاعات ذات الأولوية المستقبلية، كالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، حيث يعد الأردن موقعا مثاليا لهذا النوع من المشاريع في ظل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
ويضاف إلى ذلك قطاع الرقمنة والتكنولوجيا، من خلال دعم الشركات الناشئة ومراكز البيانات، واستثمار الكفاءات المحلية في هذا المجال، إلى جانب قطاع السياحة العلاجية والتعليم، عبر تسويق البنية التحتية الطبية المتقدمة ومكانة الجامعات الأردنية، فضلا عن قطاعي الصناعات التحويلية التي تحمل إمكانات تصديرية عالية وقيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وشدد المخامرة على أن نجاح هذا النوع من المبادرات مرهون بعدة عوامل أساسية، أبرزها: الاستمرارية في تحويل التوصيات والوعود إلى مشاريع فعلية، إضافة إلى التكامل بين جهود الوزارات، القطاع الخاص، والشركاء الدوليين، إلى جانب الابتكار من خلال التركيز على القطاعات المستقبلية كالاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا الخضراء، علاوة على دعم المجتمع الدولي للأردن من بوابة الاستثمار ضرورة لتعزيز الاستقرار ومواجهة تحديات الفقر. 
الاستثمار محرك التنمية المستدامة 
من جهته، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري أن تنظيم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار هذه الفعالية الدولية، يعكس إدراك المجتمع الدولي العقلاني لأهمية الدور الذي يلعبه الأردن إقليميا، ووعيا حقيقيا بالتحديات الاقتصادية الداخلية التي يواجهها.
وأشار إلى أن التحدي الأكبر محليا، يتمثل في الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب، الذي يثير استمراره دون تحسن مخاوف في تهديد الاستقرار الاجتماعي خاصة في أوساط الشباب، مؤكدا أن مثل هذه الفعاليات الدولية يمكن أن تساهم في استقطاب الاستثمارات التي تنعكس إيجابا في رفع معدلات النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، والحد من الفقر، خاصة إذا ما تم توجيه الاستثمارات بالشكل الصحيح.
وشدد الحموري على أن الاستثمار يعد دينامو التنمية المستدامة، شريطة أن يوجه نحو القطاعات المنتجة ذات القيمة المضافة العالية، مع مراعاة البعد الاجتماعي، والاهتمام بالفئات الضعيفة والمهمشة، وتوزيع الدخل والثروة بشكل عادل.
وفي هذا السياق، شدد على أهمية الدور الذي يلعبه الوفد الأردني في مثل هذه الفعاليات، من خلال توضيح أهمية مساعدة الأردن، وضرورة أن تكون الاستثمارات والمساعدات مدروسة وذات أثر مباشر يشعر به المواطن.
وختم الحموري بتأكيده على ضرورة مراعاة وإدراك الوفد الحكومي الأردني، الدراسات الحديثة التي أظهرت أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأردن لا تحقق الأثر المطلوب، بسبب تركزها في قطاعات لا تنعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية، ما يستدعي أن تركز ملفاتها التي ستعرضها على تلك القطاعات. 
جلسة "لندن" الاستثمارية تجسيد لحضور الأردن العالمي 
إلى ذلك، اتفق الخبير الاقتصادي زياد الرفاتي مع سابقيه بخصوص أهمية هذه الجلسة ولفت إلى أن هذه الفعاليات ترسخ نظرة البنوك التنموية الدولية تجاه قدرة ومرونة وسلامة مؤشرات الاقتصاد الأردني، وحفاظه على الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي، وتعزز ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد الوطني.
ويمكن أن تساهم هذه الفعاليات في الترويج للفرص الاستثمارية بالمملكة لا سيما أن الأردن يمضي حاليا في تنفيذ الرؤية الاقتصادية طوبلة الأمد وتتطلب استثمارات ضخمة تشكل الرافعة الأساسية لها وفي مختلف القطاعات الاقتصادية والمشروعات التنموية والإستراتيجية والبنى التحتية، بحسب الرفاتي.
وأكد أن المملكة تملك نقاط قوة استثمارية من خلال الموقع الجغرافي الإستراتيجي والبوابة التجارية الى دول الخليج وأوروبا وواحة أمن واستقرار قل نظيرها في المنطقة ومحط جذب للسياح العرب والأجانب والقوانين المشجعة والمحفزة  للاستثمار وسيادة القانون والاهتمام الملكي والحرص الحكومي من أعلى المستويات.