قبل أيام وأثناء مروري بفتى يبيع البندورة بجانب الطريق، سألته عن (بندورته)، فشرع بتلك الوصلة الميكانيكية من الكلام الذي لا معنى له سوى عند الغشيم، وبلهجة حاسمة أجبته: «كل البندورة بلديّة عمّوه». صمت الفتى لوهلة، وتابع بإصرار البلهاء : لا والله بلدية أصلية ! وهو لا يعلم بأننا في الأردن نصدر ولا نستورد البندورة.. لكنني تناولت حبة صغيرة وقلبتها بين أصابعي ومسحتها بيدي، مستدعيا تلك الأيام التي كنا نزرع فيها البندورة زراعة بعلية تماما (ولا نقطة ميّه)، وكنا نبيع الكيلو قرشا واحدا أحيانا، وكانت الأمور عال العال.. مضغت تلك الحبة متمنيا ذلك الطعم القديم، لكن هيهات، فقلت للصبي: بندورة مروية وتعبانة..سلام عمّوه، وتابعت: بس قول بندورة بعليّة ولا تقل بلديّة، فالناس قد يصدقوا هذا فهم لم يعرفوها.

 

كم من منتج غذائي زراعي في أسواقنا يروج له بأنه منتج عضوي بينما هو غير ذلك؟!.

 

لا يمكنك الإجابة عن هذا السؤال بلا معلومة ثابتة ولن أقول بلا خبرة بالغذاء، فهناك الكثير من المنتجات الغذائية توصف بأنها انتاج عضوي، لا تدخل في زراعتها وصناعتها مواد كيماوية، ولا يمكن للناس أن يجيبوا متيقنين بأنه فعلا غذاء عضوي، حتى وإن اختلف الطعم بواسطة إضافات صناعية، فمن يملك تلك المعلومة ومن يمكنه حقا أن يجيب إجابة حاسمة!.

 

المؤسسة العامة للغذاء والدواء مهمتها مراقبة هذين المجالين، بالتأكد من سلامة الغذاء والدواء للاستهلاك البشري، ولا اعتقد بأنها تملك أو تتدخل بإجابة عن هذا السؤال، ومؤسسة المواصفات والمقاييس قد تبين لك أن تلك المنتجات نالت شهادة بأنها منتجات عضوية، وعلى الرغم من هذه الإجابة فالمعلومة غير كاملة.

 

تجيب المهندسة تمام الخوالدة، رئيس قسم الزراعة العضوية التابعة لوزارة الزراعة: الخطأ الذي أصبح اليوم شائعا يكمن باعتقادنا بأن ما نقوم به من زراعة وما تنتجه من منتجات بأنها عضوية «أورجانيك»، ولا يكون هذا الكلام صحيحا إلا إن نالت هذه المنتجات عدة شهادات عالمية تقدمها جهات مختصة معروفة، وهذا ما يجب ان يعرفه الناس، حيث ثمة عدة معايير دولية يجب ان تنطبق على تلك المنتجات النباتية والحيوانية التي يقال عنها عضوية، وتفيد الخوالدة بأننا في الأردن لدينا فقط ?? الف دونم مزروعة بزراعات عضوية، تنتج زيتونا وتمرا.وانا استنتج من كلام المهندسة (يعني عنا زيت زيتون اورجانيك ولا أقول كل زيتنا أورجانيك)، وهي تؤكد بأن لدينا في الاردن اليوم انتاج لبيض مائدة عضوي (نباتي)، وسينطلق هذا الاسبوع انتاج من الدجاج العضوي، وهذا اول مشروع من نوعه في الأردن، علما ان هناك عدة مشاريع لمنتجات عضوية تعمل عليها وزارة الزراعة في محافظتي جرش وعجلون.. والخير لقدام.

 

رامي برهوش، مدير الشركة الأردنية للدواجن (تمام)، يقول بأننا ومنذ ?? عاما نلجأ للأعلاف الطبيعية في مزاع الدواجن الخاصة بنا، لكننا اليوم استطعنا الحصول على كافة الشهادات لمنتج عضوي تماما من الدجاج، وسوف نطرحه في الأسواق هذا الأسبوع، وهو دجاج تتم تربيته وتغذيته بطريقة مختلفة ومكلفة جدا تبلغ ? الى ? أضعاف كلفة انتاج الدجاج العادي المعروف.. دجاجنا يستنير بإضاءة طبيعية وينام كل الليل، ولديه مزارع واسعة، فيها حشائش وأعشاب، يتحرك فيها بحريّة ويلعب أيضا، ويتقافز فوق الأغصان، والاعلاف تخلو من أية بقايا او مركزات حيوانية، ونالت أيضا شهادات عالمية بأنها عضوية، ولا مضادات في تربيته وعلاجه.. نحن نطبق المعايير البيئية والصحية والإنسانية في تربية هذه الدواجن.

 

ويضيف : كل مزارعنا مؤتمتة، رقابتها والتحكم بها اليكترونية، وبياناتها محفوظة في ذاكرة وخاضعة للتقيم الدولي من الجهات المختصة، حتى مسلخ الدجاج، يخضع لمعايير صارمة في تحضير الدجاج للمستهلك، والطير يحتاج الى ?? لتر ماء نظيف لتنظيفه بعد الذبح.. وسوف تجدون منتجا اردنيا عالميا في هذا المجال سرعان ما يتكاثر انتاجه في مزارع وشركات أخرى حين تحقق الشروط المطلوبة.

 

اذا؛ على الذوّاقين (المقرشين) أن يستعدوا للإنفاق على نفس الكمية من الدجاج الذي يستهلكونه ? أضعاف القيمة، علما أن كل أو أغلب انتاج (تمام) من هذا الدجاج موجّه للأسواق الخارجية بسعر منافس لنظيرها الأوروبي.