"البحر الميت"... مستقبل سياحي واستثماري واعد تقابله تحديات كبيرة
"العرب اليوم" تفتح ملف المنطقة
العرب اليوم-ياسر مهيار وأنس العدوان - تستعد منطقة البحر الميت لاستقبال حزمة كبيرة من المشاريع، بحسب الخطة الحكومية الموضوعة للنهوض بها، والتي من شأنها الارتقاء بالمنطقة وتطويرها بالشكل الذي يليق بمكانتها.
وعلى ضوء حجم المشاريع المتوقع تدفقها على هذه المنطقة، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من المستثمرين الراغبين، إما بالتوسع باستثماراتهم أو الدخول بأولى مشاريعهم فيها، إلا أن هذه الجهود تواجهها العديد من التحديات الحالية والمستقبلية سواء تلك التي تفرضها الظروف الطبيعية أم التي تتعلق بتعدد المرجعيات الحكومية في اتخاذ القرار.
فمن المعروف أن منطقة البحر الميت كانت خلال السنوات الماضية بحسب العديد من العاملين في المنطقة وأبناء المجتمع المحلي فيها غائبة عن الاهتمام الحكومي، فالعديد من الخدمات والبنى التحتية تعتبر معدومة، الأمر الذي يحتاج إلى مرونة اكبر من قبل الجهات المختصة في دعم المستثمرين القادمين إلى المنطقة بهدف النهوض بها من شتى الجوانب.
كما ان المنشآت الفندقية القائمة تنتظر بتلهف دخول مشاريع سياحية وخدمية جديدة إلى المنطقة، فدخول مشاريع جديدة سيسهم بشكل كبير في الارتقاء بهذه المنطقة وتطوير بنيتها التحتية التي تعتبر من اهم الأمور التي تفتقر لها.
ولكن على صعيد آخر، وعلى ضوء الأهمية الكبيرة التي بات ينظر إليها لمنطقة البحر الميت والتوجهات الملكية السامية الداعية إلى تطويرها، فقد دفع هذا الموضوع الحكومة إلى إعادة النظر بالسياسة التي كانت تتبعها لإدارة المنطقة، حيث أولت المزيد من الاهتمام بها من خلال تأسيس شركة خاصة لتكون الجهة المسؤولة مباشرة على تطويرها، حيث وضعت خطة متكاملة مستندة إلى دراسة علمية حديثة لإدارتها مدة 25 عاما.
ومع ازدياد حجم الاهتمام الحكومي بالمنطقة، وما تشهده من توسع في الاستثمارات السياحية يضاف إليها زيادة كبيرة في أعداد السياح، فقد وضعت تلك الأحداث أبناء المجتمع المحلي فيها أمام خيارات عديدة، بين مؤيد لما يجري أو رافض لها، وبين متابع ومترقب لما ستؤول إليه أعمال التطوير لحصد النتائج.
وللوقوف على مدى الإنجازات والتطلعات المستقبلية لمنطقة البحر الميت، ومدى تقبل أبناء المجتمع المحلي لها، والتحديات التي تواجه عمل المستثمرين فيها، فقد آثرت "العرب اليوم" الوقوف ومتابعة أعمال التطوير والبناء في هذه المنطقة الفريدة حول العالم، بهدف توضيح العديد من الأمور التي كانت مثار جدل واسع للعديد من النخب والمواطنين معا، وذلك من خلال جولة ميدانية لها في المنطقة، حيث عكفت خلالها إلى الوصول واللقاء مع أبرز المسؤولين والقائمين والعالمين في هذه المنطقة، إضافة إلى استطلاع موقف المواطنين وأبناء المجتمع المحلي المتأثر الأكبر بما يحصل.
وفي الجولة التي تم من خلالها مخاطبة كبرى الشركات العاملة في المنطقة، تم الوصول إلى نتيجة وحقيقة واحدة مفادها أن المنطقة مقبلة على نهضة شاملة حقيقية تشمل كافة الجوانب عنوانها "أهلا وسهلا بالمستثمرين"، مستندة إلى دراسات علمية حديثة تم وضعها، تكفل النهوض بها وتطويرها وفق مدة زمنية محددة، لكن في المقابل تحتاج في تنفيذها إلى تضافر كافة الجهود الرسمية والخاصة والعمل على دمج أبناء المجتمع المحلي في أعمال التطوير للاستفادة منها.
الزبون: المنطقة مقبلة على حركة نهضة شاملة لا رجوع عنها
أكد الرئيس التنفيذي لشركة التطوير الأردنية، وهي الشركة الحكومية المسؤولة مباشرة عن كافة أعمال التطوير لمنطقة البحر الميت، الدكتور طه الزبون في حديث لـ"العرب اليوم" أن المنطقة سيتم النهوض بها من كافة الجوانب، من خلال جلب الاستثمارات وفق المخطط الشمولي الذي تم وضعه لها، بما يكفل تطوير البنى التحتية وإمدادها بالمشاريع الضرورية والحيوية، التي من شانها أن تعود بالنفع على أبناء المجتمع المحلي.
وقال: لقد تركزت جهود الشركة على إنجاز المخطط الشمولي للمنطقة وفق أفضل الخيارات الممكنة، تنموياً وهندسياً وبيئياً واستثمارياً، حيث عملت على دراسة كافة الجوانب التي من شأنها الخروج بمخطط نموذجي يضع رؤية مستقبلية حديثة ومشرقة لمستقبل المنطقة، ليحقق عدة أمور في وقت واحد ومنها، النهوض بالمجتمع المحلي وتنميته وتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين إلى جانب تحقيق رغبات المستثمرين في توفير فرص استثمارية حقيقية مشجعة ومدروسة، مع مراعاة محدودية المساحات التي يمكن أن تقام فيها الاستثمارات في منطقة البحر الميت بشكل عام، وفي المنطقة الساحلية بشكل خاص.
وأضاف أن الخطوط العريضة لمضمون المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت التنموية تشمل خلق سلسلة من المناطق أو الأحياء الاستثمارية وعددها 12 حيّا ذات مراكز حيوية بمساحات تتناسب وحجم المنطقة التي تتوسطها وتتميز بالحفاظ على المميزات الطبيعية والاقتصادية الخاصة بتلك المنطقة.
وقد احتوت هذه السلسلة على المشاريع القائمة حالياً على شاطئ البحر الميت كأجزاء متفاعلة ضمن المنظومة التنموية الجديدة التي ترتبط ببعضها بعضاً بوساطة شرايين الحركة الرئيسية وأهمها طريق البحر الميت الذي تمت معالجته ليصبح طريقاً ساحلياً جاذباً للمتنزهين والمصطافين، من خلال تنسيقه وتزيينه بالمظلات والمقاهي وخدمته بمواقف السيارات، إضافة إلى شبكة الطرق القائمة والمقترحة ضمن المخطط الشمولي الذي اشتمل كذلك على خطة للنقل تهدف إلى توفير خدمات النقل العام داخل منطقة البحر الميت إضافة إلى الربط بعمان والمطار وغيرها لتأمين سهولة التنقل للزوار والقاطنين والعاملين في المنطقة على حد سواء.
وتابع الزبون قائلا: إن المخطط الشمولي يوفر بمناطقه الاستثمارية المختلفة فرصاً عديدة متنوعة للاستثمار من حيث تنوع الاستعمالات والخدمات والمرافق السياحية؛ كالفنادق والشواطئ العامة والخاصة والاستعمالات الداعمة كمراكز التدريب والتأهيل والاستعمالات الخدمية كمحطات تنقية المياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها، وسيقوم المخطط الشمولي ضمن مراحل تنفيذه التي تمتد قرابة 25 عاماً على زيادة الطاقة الاستيعابية للمنطقة التي قد تصل إلى ما يقارب 14ألف غرفة فندقية بمختلف التصنيفات.
وتكمن أهمية المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت بحسب د. الزبون في تثبيت منهج استراتيجي لواقع ومستقبل منطقة البحر الميت يضمن الحفاظ على مميزاتها البيئية والتاريخية التي تجعلها تنفرد وتتميز عالمياً، إضافة إلى الاستفادة من جميع الدراسات التي تم إعدادها سابقاً لهذه المنطقة حتى اليوم في مخطط شمولي وتفصيلي يغطي بمساحته الجزء الأكبر من منطقة البحر الميت، ويحدد في جزئياته آليات متعددة للحفاظ والتطوير والتنمية والاستثمار في المنطقة بشكل متفاعل ومدروس، وضمن خطة زمنية ذات مراحل تنفيذ منطقية تنبع من دراسة معمقة لمعطيات السوق المحلي والعالمي والإمكانات المتاحة بما يضمن الاستدامة لعملية التنمية والاستثمار في المنطقة دون استنزافها بيئياً أو النزول بمستواها السياحي عالمياً.
منطقة سويمة
يشتمل المخطط الشمولي على وضع مخطط تنموي هيكلي لمنطقة السويمة يحقق إنشاء بؤرة خدمية مركزية تدعم المنطقة التنموية بالخدمات العامة كمحطة الباصات، ومغسلة مركزية ومخابز مركزية، مواقع لإسكان العاملين في القطاع السياحي وللتوسع السكني المصاحب لتنمية المنطقة إضافة إلى معهد تدريب فندقي يأخذ على عاتقه تأهيل الكوادر المحلية ودمجها في المشاريع الاستثمارية القائمة والمستقبلية، وكذلك إعداد المخططات والدراسات التفصيلية لأعمال التحسينات العامة للمنطقة.
كما يتضمن المخطط ربط طريق البحر الميت الحالي بطريق جديد يخترق قرية سويمة كشريان تنموي جديد يزيد من فرص التفاعل مع المجتمع المحلي، ويؤمن فرصاً استثمارية جديدة له، وسيتم العمل قريبا على إعداد مخطط تفصيلي للأراضي الواقعة ضمن قرية السويمة بعد الانتهاء من العمل الجاري حالياً لإعداد مخططات الأراضي النهائية للمنطقة من قبل هيئة المناطق التنموية والحرة ودائرة الأراضي والمساحة.
وقال الزبون إن المخطط الشمولي يشتمل على الأعمال اللازمة لتزويد المنطقة بالبنى التحتية المطلوبة من شبكات مياه وكهرباء، تشمل إضافة إلى الشبكات خدمة المنطقة على مراحل تنفيذية متتابعة بمحطة مركزية لمعالجة وتحلية المياه، بحيث يصار إلى تحلية المياه في المنطقة وإيصالها إلى جميع الفنادق بما يلبي احتياجاتهم الكاملة من المياه، مما سيساعد بشكل كبير في تقليل الكلفة العالية لجلب وتوفير المياه بوساطة الصهاريج حالياً، وكذلك إنشاء محطة مركزية لمعالجة مياه الصرف الصحي.
وأشار إلى أن المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت وضع كافة السيناريوهات والأنظمة الكفيلة لإدارة المنطقة لمدة 25 عاما، حيث ستقوم الشركة بإمداد المنطقة بالبنى التحتية المطلوبة من شبكات مياه وكهرباء، حيث تصل تكلفة بناء البنى التحتية للمنطقة حوالي 180 مليون دينار، سيتخللها وضع محطة لمعالجة وتحلية المياه، بحيث يصار إلى تحلية المياه في المنطقة وإيصالها عبر الأنابيب إلى جميع الفنادق بما يلبي كافة احتياجات الفنادق كاملة دون نقصان، ولتساعد بشكل كبير في تقليل التكلفة على تلك المنشآت في جلب وتوفير المياه. علماً أن الشركة ستعمل على تغطية حجم التكاليف المادية الموضوعة للنهوض بالبنى التحتية لمنطقة البحر الميت، من خلال استغلال العائد من وراء بيع الأراضي للمستثمرين، حيث ستقوم بإمدادها بشبكات المياه والكهرباء، متوقعا إنجاز كافة الأمور التي تتعلق بالبنى التحتية في غضون 3-4 سنوات مقبلة.
حجم الاستثمارات التي تم تحقيقها في 2011-2012
كشف المدير التنفيذي لشركة تطوير المناطق التنموية الأردنية عن توقيعها عددا من عقود التطوير مع مستثمرين أردنيين وعرب خلال الفترة 2011-2012 حيث يصل حجم الاستثمارات المتوقع تحقيقها بموجب عقود التطوير لقطع الأراضي المتعاقد عليها حوالي (300 مليون دينار) لإقامة مشاريع سياحية متنوعة ومتكاملة على شواطئ البحر الميت ستوفر بمجملها ما لا يقل عن (1000 غرفة فندقية) جديدة وما لا يقل عن 1500 فرصة عمل.
وتشمل هذه الاستثمارات مشاريع سياحية متكاملة تتضمن فنادق من كافة الفئات (خمس وأربع وثلاث نجوم) ومنتجعات سياحية وشاليهات وفللا فندقية وشققا فندقية مخدومة ومرافق سياحية، منها نوادٍ صحية وعلاجية تتضمن خيارات متعددة للسائح والزائر، منها غرف للعلاج الطبيعي والفحص وغرف البخار والساونا واللياقة.
كما تشمل بعض هذه المشاريع تطوير مراكز علاج للأمراض الجلدية وأمراض المفاصل للاستفادة من مزايا مياه البحر الميت وكذلك قاعات للمؤتمرات والمناسبات الاجتماعية وسلسلة من المطاعم المحلية والعالمية والمقاهي ومحلات تجارية وترفيهية والألعاب المختلفة، إضافة إلى توفير برك ومسابح من مياه البحر الميت والمياه العادية وعناصر مائية خارجية وجلسات خارجية وداخلية، ومرافق سياحية أخرى بإطلالات على شاطئ البحر الميت، كما ستوفر هذه المشاريع خدمات ترويحية كاملة ولمختلف الأعمار وغير ذلك من المرافق الخدمية لكافة شرائح الزوار.
وأشار إلى أن الشركة بدأت بتنفيذ حملة ترويجية ودعائية واسعة لتسويق الحزمة الاستثمارية الأولى من مشروع كورنيش البحر الميت– الساحل الشمالي للبحر الميت محليا وإقليميا وعالمياً، وفي سعيها لترويج وجذب الاستثمارات للمنطقة التنموية فإن الشركة وبالتعاون مع مؤسسة تشجيع الاستثمار والسفارات الأردنية تعمل على استمرار التواصل مع المستثمرين في السوق الأردنية والأسواق المستهدفة ومن أهمها دول مجلس التعاون الخليجي. وتسعى الشركة إلى تمكين المستثمرين من بناء صورة متكاملة عن الفرص الاستثمارية المتاحة بعد إعلان المخطط الشمولي للمنطقة.
الإعلان عن الحزمة الاستثمارية الأولى من المرحلة الأولى في الكورنيش
تم فتح باب الاستثمار في منطقة الكورنيش أو الممشى البحري لمنطقة البحر الميت والواقعة في الجزء الشمالي من البحر الميت بطول 2.1 كيلو متر والمخصصة للاستثمارات صغيرة ومتوسطة الحجم، وتستهدف بشكل كبير الاستثمارات المحلية من خلال توفير قطع أراض مخدومة بمساحات صغيرة وضمن تصور مدروس خلافا لما كان عليه الاستثمار سابقا.
وتشمل منطقة الكورنيش حوالي 60 فرصة استثمارية متنوعة، وتسعى الشركة إلى أن تكون منطقة الكورنيش المتنفس الكبير والرئيسي للسياحة الداخلية والخارجية لاحتوائها شريحة واسعة من المشاريع والخدمات التي تحتاجها منطقة البحر الميت بشكل ملح، كالفنادق الصغيرة والمقاهي والأسواق التجارية.
وحسب ما هو مخطط لهذه المنطقة، فإن الكورنيش سيحتوي على العديد من المرافق العامة كالساحات والمظلات ومدرج مفتوح يطل على البحر يتسع لقرابة 2000 شخص ليتم فيه تنظيم الاحتفالات الوطنية والمهرجانات السياحية والفلكلورية، الأمر الذي سيضيف المزيد من التنوع والتشويق ويعمل على إطالة مدة إقامة السياح في فنادق المنطقة.
الحفاظ على بيئة منطقة البحر الميت التنموية
على الصعيد البيئي حرصت الشركة من خلال المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت على توحيد المواقع ذات الأهمية البيئية ضمن منظومة محددة بحيث يتم العمل على إعداد برنامج عملي وزمني لحمايتها ووضع البرامج والآليات لتفعيل دورها كرافد مهم وحيوي لتجربة الزائر والمقيم في المنطقة ، بالتنسيق مع العديد من الجهات المختصة ذات العلاقة. وقد تم إعداد دراسة تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي لمنطقة البحر الميت التنموية.
يشار إلى أنه يتم عقد دراسة تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي لكل منطقة تنموية، حيث يعتبر تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي أحد أدوات التخطيط التي تستخدم لدمج الأبعاد البيئية مع الاقتصادية والاجتماعية، خلال مراحل مبكرة من عملية وضع الخطط والسياسات، مما يجسد مفهوم التنمية المستدامة ويقلل الكلف غير المبررة، التي قد تنتج من عدم مواءمة بعض الخطط والمشاريع للموارد والخصائص الطبيعية المتاحة. ويتم ترجمة الدراسة إلى خطة إدارة بيئية للمنطقة تضمن التزام المطورين بالمعايير الموضوعة وتحدد مسؤوليات متابعة التنفيذ.
كما تتضمن خطة الإدارة البيئية معايير لتعزيز الاستدامة في استخدام المياه والطاقة وإدارة النفايات والنقل وغيرها من المبادرات التي ستساهم في تحقيق الاستراتيجيات الوطنية وجعل منطقة البحر الميت التنموية مقصدا سياحيا متميزا بيئيا.
وقال إن الشركة تعمل على إعداد المعايير التخطيطية لكامل المنطقة التنموية بما يضمن الحفاظ على البيئة الطبيعية للمنطقة، كما تضع هذه المعايير الأسس المتكافئة لتقييم الاستثمارات المستقبلية من حيث ملاءمتها واحترامها لكافة المحددات الفنية والتخطيطية من النواحي البيئية والاستثمارية.
المسؤولية الاجتماعية ودعم المجتمع المحلي
يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة التطوير الأردنية أن تشغيل أبناء المجتمعات المحلية في المناطق التنموية وتوفير فرص العمل لهم بشكل دائم يعتبر من أهم أولويات الشركة، وفي هذا السياق، فقد أنهت الشركة إعداد دراسات شاملة حول واقع القوى العاملة في المناطق التنموية والمناطق المحيطة بها، إضافة إلى تحديد احتياجات سوق العمل من هذه القوى العاملة في ضوء المخططات الشمولية وبرامج التطوير التي تقوم بها الشركة.
وستقوم الشركة مستقبلاً وفي ضوء نتائج هذه الدراسات بوضع برنامج شامل لتأهيل وتدريب الكوادر البشرية لرفع كفاءتها وقدرتها لتتلاءم مع احتياجات المشاريع الاستثمارية التي تقام أو ستقام في المناطق التنموية، وقد بدأت الشركة بتنفيذ العديد منها لمتدربين من منطقة سويمة ومنطقة الأغوار الوسطى.
ومن أهم غايات وأهداف شركة تطوير المناطق التنموية الأردنية: إعداد البرامج اللازمة لغايات تأهيل وتدريب وتشغيل أبناء المجتمع المحلي، والعمل على تعزيز مشاركتهم في تطوير المنطقة التنموية واستفادتهم من الفرص الاستثمارية التي سوف تنشأ في هذه المنطقة إضافة إلى تحسين الخدمات المجتمعية التي تعزز من مستوى الخدمات المختلفة المقدمة لهم في المناطق التنموية.
تراجع دور بلدية سويمة لصالح هيئة المناطق التنموية
في المقابل أكد رئيس لجنة بلدية سويمة المهندس موسى الحوارات أن تراجع دور ونشاط البلدية لحساب هيئة المناطق التنموية سيضعف من الجهود الرامية إلى تطوير المنطقة وفي تنفيذ المشاريع الاستثمارية.
وقال إن إعطاء كافة السلطات والصلاحيات في منطقة البحر الميت إلى هيئة المناطق التنموية عمل على تراجع دور البلدية في أعمال التطوير والمساعدة في دمج أبناء المجتمع المحلي في حركة النهضة والتطور الحاصلة.
وطالب الحوارات الحكومة بإعطاء البلدية دورا اكبر في المشاركة بأعمال التطوير الحاصلة في المنطقة في محاولة منها لزيادة إيرادات البلدية ومن ثم توسع نشاطاتها بما يساهم في مواكبة أعمال التطوير الحاصلة وتنفيذ الخطة المستقبلية.
إنقاذ البحر الميت من الجفاف مرهون بمشروع قناة البحرين
أشار عدد من الخبراء والعاملين في منطقة البحر الميت خلال استطلاع آرائهم إلى ابرز الإجراءات التي سيتبعونها لمجابهة الخطر المتمثل في نقص منسوب مياه البحر الميت، حيث شدد الجميع على أن مستقبل المنطقة والمشاريع القائمة يعتمد على بقاء وجود المياه في البحر والمحافظة على منسوبه دون تراجع.
لكن في المقابل اكدوا أن تراجع منسوب المياه يعتبر الهاجس الكبير الذي يهدد مستقبل عملهم دون وجود أي خطط بديلة لهم لمجابهة هذا الخطر المحدق، حيث شددوا على أن الأمل الوحيد لإنقاذ منطقة البحر الميت هو مشروع ناقل البحرين الذي بات اليوم مشروعا وطنيا وليس استثماريا لإنقاذ منطقة كاملة تعتبر أعجوبة عالمية طبيعية، حيث ستضمن تدفق الحياة والنشاط الاستثماري في المنطقة خلال عشرات السنين.
وأكد العديد من الخبراء خلال الفترة الماضية أن البحر الميت ينخفض سنويا بمقدار متر من مستواه بسبب التغير المناخي وانخفاض مستوى الأمطار، وتأثره بالسياسات المائية في المنطقة كوقف تدفق مياه نهري الأردن واليرموك وروافدهما الصغيرة والكبيرة، الأمر الذي يساهم في توقع حدوث كارثة بيئية وطبيعية.
واكدوا أن البحر الميت انخفض مستواه ( 26 مترا)، خلال العقود الثلاثة الماضية وينخفض حالياً مستوى سطح البحر الميت بمعدل متر سنوياً، ما أدى إلى فقدان أكثر من ثلاثين مليار م3 من المياه، مشكلا خطرا حقيقيا يواجه التوازن البيئي والمناخي والجيولوجي للمنطقة.
توعية المجتمع المحلي أبرز التحديات
في الوقت الذي تعكف جميع الجهات ذات العلاقة للنهوض بمنطقة البحر الميت، إلا أن دمج أبناء المجتمع المحلي في المشاريع السياحية الحالية والمستقبلية، يعتبر من التحديات الكبرى التي سيتم مواجهتها خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ما يتعلق بطريقة التعامل مع البدو الرحل وترحيلهم من مناطقهم القريبة من المشاريع.
فخلال الجولة الميدانية كان باديا للعيان وجود العديد من البدو الرحل وهم من سكان المنطقة منتشرين على طول الطريق الواصل إلى البحر الميت، وتزداد أعدادهم كلما تم الاقتراب من المناطق الاستثمارية خاصة "سويمة"، حيث يعتبر ترحيلهم معضلة حقيقية تواجه حركة التطور.
وبناء على ذلك فقد أكد عدد من سكان المنطقة، وهو الجانب الأغلب ممن حرصت"العرب اليوم" الوصول اليهم، تأييدهم ودعمهم للجهود المبذولة للنهوض بالمنطقة سياحيا، إضافة إلى الجهود الخاصة بنقل البدو الرحل من المناطق القريبة من المشاريع السياحية.
فقد اكد إبراهيم العيدات أن الجهود المبذولة للنهوض بالمنطقة وتطويرها، ستعود بالنفع على أبناء المجتمعات المحلية في المنطقة، مشيرا إلى أن العديد من أبناء المنطقة يعملون اليوم في مختلف المنشآت الفندقية والمشاريع الاستثمارية في المنطقة، حيث باتت هذه المشاريع مصدر دخل رئيسيا لهم.
وقال إنه يساند كافة الجهود المبذولة للنهوض بالمنطقة خاصة في ترحيل البدو الرحل من المناطق القريبة من الاستثمارات والمشاريع السياحية بعد إيجاد البدائل المناسبة لهم.
من جانبه، أكد الحاج عايش دخل الله، انه ينظر بعين التفاؤل لأعمال التطوير الحاصلة رغم بطئها نوعا ما، لكنه مؤيد لها كونها باتت اليوم المشغل الوحيد ومصدر الدخل الرئيسي لسكان المنطقة.
ودعا إلى ضرورة العمل على إدماج أبناء المجتمع المحلي في المشاريع الاستثمارية في المنطقة والتركيز على حملات التوعية والتثقيف لأبناء المنطقة بما يسهل لهم العمل في المنشآت الفندقية ويكفل التعامل بالشكل الأفضل مع السياح.
نقص حاد في توفير البنى التحتية والخدمات
في هذه الأثناء يؤكد عدد من المطورين ومدراء العديد من الفنادق في المنطقة ضرورة توفير البنى التحتية اللازمة للمنطقة، إضافة إلى تشجيع المستثمرين لإقامة المشاريع الخدمية التي من شأنها إطالة مدة إقامة السائح في المنطقة.
وأشاروا إلى أنه، حسب المخطط الشمولي للمنطقة، فإن المشاريع الخدمية لن تبصر النور إلا بعد مرور 5 سنوات على اقل تقدير، حيث تعتبر هذه مدة طويلة لا يمكن تحملها في إبقاء الوضع في منطقة البحر الميت دون توفير الخدمات الضرورية لإقامة السائح به مثل صيدليات ومتاجر ومطاعم سياحية ووسائط نقل.
كما اكدوا انه لا بد من العمل على إيجاد حلول فورية للانتشار العشوائي لمحال وأكشاك البيع المنتشرة بشكل عشوائي في المنطقة، من خلال إيجاد تنظيم خاص بهذا الموضوع كونه يضر بالمشهد العام للمنطقة.
الكردي: الفنادق بدأت تتجه لاستخدام الطاقة الشمسية بدلا من الكهرباء
وقال مساعد مدير فندق كمبنسكي عشتار البحر الميت حسين الكيلاني، إن غياب الخدمات وأعمال التنظيف يعتبر من اهم المعضلات التي تواجه المنطقة.
وأضاف ان بداية موسم الصيف من كل عام يشهد زيادة في أعداد السياح الأجانب والمحليين إلى المنطقة. إذ يظهر للعيان ضعف الخدمات خاصة في ما يتعلق بنظافة الشوارع القريبة من منطقة الفنادق، وهو ما يؤثر على عمل القطاع الفندقي في المنطقة.
ونتيجة تقلب أسعار المحروقات والارتفاع والتحدي الذي يمثله على الفنادق، من خلال ارتفاع أسعار الكهرباء، فقد آثرت فنادق البحر الميت التحول التدريجي لاستخدام الطاقة الشمسية بدلا من الكهربائية ، لتقليل الكلف التشغيلية للفنادق إضافة لمساعدة الحكومة على تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية.
مشاريع سياحية عملاقة
ولم تستثن الجولة استعراض ابرز المشاريع الاستثمارية القائمة في المنطقة، التي تجرى الاستعدادات النهائية لافتتاح بعضها، بينما ما زال بعضها الأخر تحت الإنشاء.
وفي الوقت الذي استعرضت فيه ابرز الشركات الكبرى العاملة في المنطقة مشاريعها لـ"العرب اليوم"، انتهجت اخرى سياسة التحفظ.
وانحصرت جميع المشاريع الاستثمارية في منطقة البحر الميت بإقامة تلك المتعلقة بالقطاع الفندقي والمنتجعات السياحة، من أهمها إقامة فندق الهيلتون، إضافة إلى الاستعداد لافتتاح منتجع وفندق كراون بلازا البحر الميت، الذي يعتبر الأكبر في المنطقة، ومشروع منتجع فندق البحيرة الذي يوفر كافة الخدمات للسياحة العائلية العربية، إضافة إلى العديد من المشاريع التي تتعلق بإقامة الشقق والفلل الفندقية المتنوعة.
تشييد أعمال فندق الهيلتون
يتم حاليا إنشاء فندق هيلتون في منطقة البحر الميت بجانب قصر المؤتمرات، يتكون من 285 غرفة فندقية ذات إطلالة جميلة على البحر.
كراون بلازا البحر الميت
أكد مدير عام مجموعة فنادق انتركونتيننتال، أسامة مسعود أهمية تطوير بيئة الاستثمار السياحي في البحر الميت، مشيرا إلى أن ما تم تحقيقه في المنطقة لغاية اليوم بات يوفر بيئة خصبة لاستقطاب السياح المحليين والأجانب.
وقال مسعود إنه يتوقع خلال نهاية شهر تشرين الأول من عام 2012 الإعلان عن افتتاح رسمي لأكبر المنتجعات السياحية في منطقة البحر الميت تحت مسمى منتجع وفندق كراون بلازا البحر الميت، الذي يتوقع أن يترك بصمة واضحة في صناعة السياحة الأردنية.
وأضاف أن المنتجع يقع على أكبر شاطئ رملي ناعم في الأردن على طول 310 أمتار مضاء في الليل ومخصص للجلسات العائلية،والنزول إليه يمر بجسر علوي طوله حوالي 500 متر وبارتفاع 20 مترا، حيث باستطاعة النزلاء الوصول إلى الشاطئ من خلال النزول عبر مصاعد بانوراما محاطة جميعها بالزجاج من كافة الاتجاهات تطل مباشرة على البحر الميت، لذلك فان هذه المصاعد ستوفر للنزلاء ميزة الاستمتاع بجمال الطبيعة، إضافة إلى حمامات شاطئ ساخنة تجمع 300 متر مكعب ساخنة مع وجهات النظر ما لا نهاية وجاكوزي كبير وحمام سباحة وبركة للأطفال.
ونوه إلى أن المنتجع سيكون بمثابة طفرة في صناعة السياحة الأردنية خاصة في منطقة البحر الميت التي تعتبر من اهم المناطق السياحية في العالم، حيث سيعمل المنتجع على استقطاب السياح المحليين والعرب والأجانب معا.
وكشف مسعود أنه لغاية استغلال عامل موقع منطقة البحر الميت فإن إدارة الفندق قررت إنشاء قاعة ضخمة للاجتماعات تتسع إلى 900 شخص ومطعم رئيسي، ليتسنى لجميع الهيئات والجهات، إقامة وعقد مؤتمراتها الضخمة والعملاقة فيه، وتنشيطا لسياحة المؤتمرات في الأردن.
واكد أهمية إنجاز المشروع في دعم العمالة المحلية مبينا أن توظيف العمالة المحلية ضمن أولوياتنا في منطقة البحر الميت حيث من المتوقع أن تعيل العمالة حوالي 400 عائلة أردنية.
كما سيعمل المنتجع على رفع معدل إقامة السائح من 1.2 ليلة إلى ليلتين كاملتين، مما يتيح مدة إقامة وآفاق اكبر في المملكة ويعود بالإيجاب على صناعة السياحة الأردنية ويزيد من الدخل السياحي.
في المقابل قالت مدير مجموعة التسويق جوانا نجار، يعمل في المطاعم في فندق كراون بلازا الأردن طهاة من الطراز العالمي لتناسب كل الأذواق. فهنالك مطعم أكوا الذي يقدم المشروبات المنعشة ومجموعة مختارة من السلطات والسندويشات وبرج الحمام الذي يقدم اختراعا لذيذا من الأطباق اللبنانية التقليدية في مكان يتمتع بإطلالة بانورامية على الشاطئ والبحر، ومطعم Grito ذو خدمات الطعام المكسيكية اللاتينية إضافة إلى مجموعة مختارة من مرغريتا وتكيلا، ومطعم Thalgo سبأ الذي يقدم مجموعة مختارة من الأطباق الصحية والمشروبات للإفطار وغداء وعشاء إضافة إلى ردهة استقبال Rabbel خدمة مزيج حيوي من المأكولات المحلية والعالمية على مدار الساعة.
وأضافت أن (سبا) يشمل 30 غرفة معالجة مع حمام خاص وغرف البخار وحمامات العلاج المائي، داخلي ساخن، ومركز اللياقة البدنية مفتوح يوميا و صالون تجميل.
وبينت ان المنتجع يحتوي على مركز صحي ضخم للعلاج الطبيعي مساحته 6 آلاف متر فيه ثلاث برك سباحة مغطاة، إحداها تحتوي على مياه من البحر الميت والأخريات جاكوزي.
وتابعت قائلة: إن النادي الصحي فيه 32 غرفة للعلاج الطبيعي، لاستغلال طبيعة منطقة البحر الميت العلاجية وفي محاولة منها لتنشيط السياحة الطبية والعلاجية في المملكة.
وبيّنت أن المنتجع سيدار من قبل شركة THLAGO الفرنسية التي تدير حوالي 100 مركز صحي للعلاج الطبيعي حول العالم، ولديها المستحضرات التجميلية الطبية وغيرها، لذلك فهي متخصصة في هذا القطاع.
وأشارت إلى أن المنتجع سيتم تسويقه حول العالم، حيث إنه منتجع سياحي علاجي صحي، وليكون جزءا من المنتجعات العالمية الطبية SPA، كما سيتم تسويقه كأحد المنتجعات العالمية الضخمة المتخصصة في سياحة المؤتمرات، كونه يشمل قاعة ضخمة للمؤتمرات تلبية لحاجة السوق.