أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Aug-2018

من هم القراصنة الاقتصاديون ؟ *د. سمير قطامي

 الراي-تًرجم العام الماضي كتاب خطير لكاتب أميركي هو (جون بركنز) تحت عنوان (الاغتيال الاقتصادي للأمم) اعترافات قرصان اقتصادي.. وتأتي أهمية هذا الكتاب وقيمته كون مؤلفه قرصاناً أو قاتلاً اقتصادياً، أي أنه قام بمهمات القتل الاقتصادي وتوريط دول كثيرة بديون ثقيلة عجزت عن تسديدها، فارتهنت إرادتها السياسية ومواقفها وقراراتها، لمصلحة الولايات المتحدة.

 
وبما أن المصطلح غريب على أذن القارىء العربي، فلابد أن نوضح مهنة الرجل وطبيعة عمله، كما وصفه هو..
 
يعرّف بركنز القراصنة الاقتصاديين (الذي هو أحدهم)، بأنهم خبراء محترفون ذوو أجور مرتفعة، وظيفتهم أن يسلبوا ملايين الدولارات من دول عديدة في بلاد العالم، بالغش والخداع، ومهمتهم الأولى أن يقنعوا حكام الدول، وخاصة دول العالم الثالث، بضرورة أخذ قروض لإقامة مشاريع طرق وموانىء ومطارات ومولات.... وهذه القروض تأتي من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما أهم أذرعة أميركا الاقتصادية للهيمنة على اقتصاديات الدول. يقول بركنز إنه بعد أن قام بالمهمات القذرة، وبعد أن شهد مقتل خايمي رولدوس، رئيس الأكوادور، وعمر توريخوس، رئيس بنما، في حادثين مروعين مدبّرين من قبل المخابرات الأميركية، لأنهما عارضا تلك الشبكة الجهنمية من الشركات العملاقة، والحكومات والبنوك التي أرادت الهيمنة على تلك البلاد، استيقظ ضميره وقرر أن يكتب كتابا سنة 1982 بعنوان (ضمير قرصان اقتصادي)، ولكن كثيرين أقنعوه بعدم نشر مثل هذه القضايا، ووصل الأمر إلى الرشوة والتهديد..
 
في عام 2003 قرأ رئيس دار نشر عالمية مسودة كتاب الرجل، ووصفه بأنه مشوّق ولابد أن تنشر تلك الحقائق، ولكن رجال الإدارة العليا في شركته لن يسمحوا بالنشر، ونصحه بأن يحول الكتاب إلى عمل روائي، لكنه رفض ذلك لأن ما ورد في الكتاب هي حقائق وليست من نسج الخيال، وانتظر إلى أن عثر على ناشر جريء، ليخرج الكتاب ويترجم إلى لغات عدة، ويعدّ من أهم ما نشر من الكتب في القرن الحادي والعشرين.
 
يقول بركنز إن تدريبه بدأ على يدي معلمته (كلوديين) التي قالت له إن مهمتي أن أشكلك لتكون قرصان اقتصاد، وهذا الأمر يجب ألايعلمه أحد حتى زوجتك، وبمجرد أن تدخل هذا المجال فقد دخلت إلى الأبد!! وقد وصفت له مهمته بأنها تشجيع زعماء دول العالم ليصبحوا جزءاً من شبكة اتصالات واسعة تروّج لمصالح الولايات المتحدة الأميركية التجارية، وفي النهاية يقع هؤلاء القادة في شراك شبكة من الديون تضمن خضوعهم لنا، وهكذا نستطيع الاعتماد عليهم كلما رغبنا في إشباع رغباتنا السياسية والاقتصادية والعسكرية، وفي المقابل نعضد مكانتهم السياسية بإنشاء محطات توليد كهرباء، ومنشآت صناعية، ومطارات لمواطنيهم، وهذه المشاريع تنفذها الشركات الأميركية.. (أي أن معظم أموال القروض تعود إلى الشركات الأميركية، والجزء اليسير يذهب فساداً ورشى للطبقة العليا في الدولة، ولوسطاء الشركات الأميركية).
 
إذن مهمة القراصنة الاقتصاديين إقناع قادة وزعماء العالم الثالث، بأخذ القروض، وإغراقهم في الديون، لحد الوصول لمرحلة العجز عن تسديد الفوائد، فتضطر الدولة إلى مزيد من الاستدانة، ومزيد من الارتهان، وتصبح الدولة وكأنها تسير في بحر من الرمال المتحركة، لتغدو عجينة طيّعة في يد الإدارة الأميركية وبنوكها وشركاتها!!
 
أما المعلومة الخطيرة التي يوردها بركنز فهي أن عجز القراصنة في إقناع الحكام بأخذ القروض، يعني أن يتنحّى القرصان ليأتي دور الثعالب، وهم رجال المخابرات الأميركية، الذين توكل إليهم مهمة تصفية كل من يرفض أخذ القروض، ليحلّ محله من هو أكثر طواعية.. وإذا لم تنجح مهمة الثعالب، تلجأ اميركا لشنّ الحروب على تلك الدول، وخلق المشاكل والاضطرابات، كما حدث في بنما والأكوادور وبوليفيا والصومال وأفغانستان والعراق وفنزويلا...
 
وبعد هذه الاعترافات الخطيرة ألا يمكن القول إن هناك خطراً على حياة مهاتير محمد في ماليزيا، وعلى غيره من الحكام الذين يرفضون الاستدانة حتى من المنظمات الدولية؟ أو يرفضون الموافقة على الخصخصة وبيع القطاع العام؟