أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2021

السوق المشرقية المشتركة * سيف الله حسين الرواشدة

 الراي

على خطى السوق الأوروبية المشتركة في مرحلة ما قبل الاتحاد الأوروبي يلوح في أفق الشرق الأوسط، مشروع تكتل اقتصادي جديد بين الأردن والعراق ومصر وتركيا وسوريا ولبنان، أولى ملامحه كانت في الإعلان عن مشروع الشام الجديد بين مصر والعراق والأردن قبل أشهر قليلة لتتكامل هذه الدول اقتصاديا وتفرض توازنات جديدة في المنطقة.
 
السوق المشرقية تقوم على اعتماد اتفاقيات شاملة للتجارة الحرة وإلغاء الرسوم الجمركية وتسهيل حركة العمالة ورؤوس الأموال بين هذه الدول الستة، وتهدف للتغلب على الازمات الاقتصادية التي تعانيها هذه الدول بدرجات مختلفة.
 
وحسب مركز «راند» للدراسات ترمي هذه الاتفاقية لتحقيق طفرة خلال أقل من ١٠ سنوات في قيم الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول يتراوح بين ٣-٧٪ وخلق حوالي مليون فرصة عمل جديدة لتخفيف معدلات البطالة بنسب تختلف بين الدول الستة بمعدل ٨ – ١٨٪.
 
اعتمدت الدراسة على ارتفاع نسب التجارة الداخلية بين هذه الدول أكثر من سبعة أضعاف ما بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٨ إضافة لطبيعة المواد المصدرة والمستوردة بين هذه الدول والى الخصائص المميزة لكل سوق منها بالنسبة للحجم ومؤشرات الطلب وتوفر العمالة المدربة والرخيصة والموقع الجغرافي بالنسبة لخطوط النقل والامداد والقدرة على التغلغل في الأسواق المجاورة والعلاقات التاريخية بين دول هذا التكتل.
 
اتفاقية السوق المشتركة هذه تحاكي اتفاقيات مشابهة في جنوب شرقي الهادي أو القارة الاميركية الشمالية وغيرها، تهدف الحلول الاقتصادية فيها لترسخ علاقات التعاون المشترك، لتتحول بعد حين لروافع ضرورية لتكتلات سياسية تخلق توازنات إقليمية ضرورية يفرضها الواقع وتحتمها الضرورة.
 
بالنظر للوضع الاقتصادي الأردني الذي يعاني من مصاعب اقتصادية مزمنة وتوتر في ملفات البطالة وتمدد الفقر، وتراجع القدرة على استقطاب الاستثمار، قد تكون هذه السوق بمثابة الضوء الذي طال انتظاره في نهاية النفق، تفيد منه الصناعات الدوائية التي تعاني من المنافسة مع البدائل المحلية الرخيصة في السوق الإقليمية، كما سيمكن قطاع الخدمات المصرفية الأردني من نشر عملياته على مستوى الإقليم والاستفادة من تسهيل حركة رؤوس الأموال والاستثمار المتوقعة، إضافة الى ميزة موقع الأردن الاستراتيجي على عقدة المواصلات بين شركاء هذه السوق الكبار، كمصر وتركيا والعراق.
 
ولنتمكن من تحقيق الإفادة القصوى من هذه الفرصة ومن ملامحها الأولى الممثلة بمشروع الشام الجديد، علينا إعادة النظر بنظام التعليم الأردني الذي تدنت مخرجاته في السنوات السابقة مما أفقد العمالة الأردنية عامل المنافسة في الأسواق الإقليمية على مستوى الأدوات والخبرات والمهارات، كما علينا صيانة وتحديث شبكات الطرق والخدمات اللوجستية التي يسمح لنا موقعنا باستغلالها، والعمل على إعادة هيكلية سياساتنا الاقتصادية في ملفي التصنيع والزراعة بما يتناسب مع متطلبات الأسواق الإقليمية على مستوى الطلب والجودة والتكلفة.
 
لا يمكن فصل الملف الاقتصادي عن السياسي، كما لا يمكن تحييد تقلبات الإقليم السياسية عن مزاج الشارع العام وتوازناته، لهذا يجب أن ينطلق ملف الإصلاح الاقتصادي بالتوازي مع حوار وطني على طاولة مستديرة يحدد ملامح استراتيجية الدولة للعقود القادمة لتتناسق معها كل التوجهات في مختلف الملفات.