في يوم الصناعة الأردنية... هديل أبو صوفة أيقونتها*سهم محمد العبادي
الدستور
تم تسمية الخامس عشر من شهر آب من كل عام بيوم الصناعة الأردنية، ووصولنا إلى هذا اليوم دليل على ما وصلت له صناعتنا من تقدم وتطور السنوات الماضية، وازداد التقدم التقني في مصانعنا، وتميزت مخرجاتها الإنتاجية حتى وصلت إلى نحو 145 دولة حول العالم، وتشغل ما لا يقل عن 250 ألف عامل، وتقدر استثماراتها بالمليارات.
التطور لم يأت بالمصادفة، بل جاء عبر سلسلة إجراءات كان الصناعيون فرسانها، وعملوا باجتهاد متسلحين بالريادة والابتكار والمعرفة، وأصبحت صناعاتهم تناظر دولاً صناعية من حيث القيمة المضافة وثقة المستهلك وجودة المنتج.
تشرفت الصناعة الأردنية قبل أيام برعاية ملكية للاحتفال بيوم «الصناعة الأردنية»، والمتتبع لنهضة الصناعة في عهد جلالة الملك يستطيع الحكم على تطورها على عقود سابقة، حيث وصلت صادراتنا إلى نحو سبعة مليارات دولار في العام مقابل أقل من مليار دولار قبل توليه سلطاته الدستورية، وارتفاع نسبة التشغيل إلى أكثر من خمسة أضعاف، وفتح الأسواق التصديرية لمختلف دول العالم أمام المنتجات الأردنية.
هنا يبرز الاهتمام الكبير من جلالة الملك وسمو ولي العهد للملف الصناعي ودعمه في مسيرة التعزيز والمستقبل المشرق للأردن صناعيا، وتميز الأردن على الصعيد العالمي والشرق الأوسط بقطاعات صناعية منها الدوائية والمحيكات والألبسة، مع تطور لافت لباقي القطاعات الصناعية، حيث نمضي الآن باتجاه التصنيع الغذائي وما تطرقت له رؤية التحديث الاقتصادي والرؤى الملكية السامية بما يخص الصناعة الوطنية.
خلال السنوات الماضية احتاجت الصناعة الأردنية للتعريف بها من قبل الدولة قبل أن تحتاجها من قبل القائمين عليها، وغالبية المحاولات لم تجد طريق التعريف المناسب وتقديم الصناعة الأردنية للأردنيين، لكن برهنت جائحة كورونا وبعض الأزمات الإقليمية أن الأردن دولة تسير باتجاه التصنيع بكافة المجالات، وما الحرب على غزة ومقاطعة الأردنيين لكافة المنتجات المستوردة الداعمة للاحتلال، كشفت الغطاء عن آلاف المنتجات الأردنية التي تضاهي المستوردة، وتفوقت عليه بالجودة والنوعية، ووصف البعض أننا كأردنيين كنا مقاطعين لمنتجاتنا الوطنية بعزوفنا عنها وعدم معرفتنا بها سابقا.
الاحتفالية التي تمت الأيام الماضية برعاية ملكية، وتكريم أكثر الشركات الصناعية تشغيلا، حيث وصلت نسبة التشغيل لدى الشركات المكرمة إلى 32%، لكن كنت أتمنى لو كان للاحتفال شكل آخر وطريقة أخرى، يكون أساسها تكريم الدولة للصناعيين ومشاركة العاملين في الصناعة والمواطنين.
كيف يكون ذلك؟
تمنيت لو تطوعت أمانة عمان بمنح حدائق الحسين لغرف الصناعة الأردنية لإقامة الاحتفال بها لمدة أسبوع، خصوصا أن فترة الصيف تشهد كثافة حضور بين المواطنين، ومن المغتربين، ويُقَام معرض يضم خطوط إنتاج ومنتجات للمصانع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والمشاريع الريادية، مثلما سيؤكد ذلك معرفة الأردنيين بصناعاتهم، وتمنح المواطنين ثقة بقدرة وطنهم الصناعية، وهذا الإجراء يحفز الباحثين عن عمل لدخول التخصصات التقنية التي تحتاجها مصانعنا، مثلما حبذا لو كان هنالك على الهامش شاشات إلكترونية تعرض تطور الصناعة الأردنية، وإقامة يوم وظيفي، وينتهي الاحتفال بتكريم الشركات الصناعية من قبل الدولة، وتشمل كافة الفئات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ودعم المشاريع الريادية، التي حققت تنمية في المحافظات، أو من حيث الأكثر تصديرا أو حتى صناعة المواد الأولية وغيرها.
وددت أن يرى الأردنيون في هذا الاحتفال الوطني أنموذجا للأردنية الرائدة والقيادة الفذة لشابة أردنية من ذوات الهمم المدير العام لمصنع المعاصرون للأكياس البلاستيكية المنسوجة هديل ابوصوفه، التي تقود أكبر مصنع في الشرق الأوسط بهذا المجال، والوحيد في المنطقة والأردن، وتشغل ما يقارب 200 شخص من أبناء الوطن، دُرِّبُوا وتم تأهيلهم لقيادة دفة الإنتاج وإدخالهم في سوق العمل، وحولت مجموعات عديدة من أبناء المنطقة إلى أيدي عاملة ماهرة، لإيمانها بالشراكة مع المجتمع المحلي، ويكونوا جزءاً من التغيير والنجاح وخلق ثقافة جديدة لدى الأردنيين.
هذه الصناعة الأردنية حظيت بشهادات عالمية، تصل اليوم إلى مختلف دول العالم، كتب عليها «صنع في الأردن»، أنتجت وفق أحدث التكنولوجيا الصناعية العالمية، وتطمح أبو صوفة إلى تطوير المصنع والمنتجات وزيادة عدد العاملين، خصوصا فئة الشباب، وتذليل كافة العقبات التي تقف في طريقهم وتمكينهم بالخبرة والتدريب، وتحويلهم إلى طاقات إنتاجية ماهرة.
هديل أبو صوفه نموذج للصناعيات الأردنيات اللواتي يسهمن بكل اقتدار في بناء وطنهن، وأشرفت على تدريب العشرات من الأردنيين، وأصبحوا جزءا من نجاح المصنع وإدارته، ومن مثلها ومثل هذا المصنع يستحق الاحترام والتقدير والتكريم الرسمي والشعبي، وأمثالها من يقال عنهم على قدر أهل العزم تأتي العزائم، المؤمنون ببناء الوطن والمحافظين على تقدمه وتطوره.
مبروك للصناعيين يومهم الوطني، ومبروك للأردن والأردنيين وقيادتهم هذا اليوم العظيم، ومبروك لابنتنا أيقونة الصناعة هديل أبو صوفة وكافة العاملين بمصنعها، ولنا الفخر كأردنيين أننا أصبحنا نحتفل بصناعتنا العمود الفقري للدولة الإنتاجية واقتصادها، ونأمل أن يكون احتفال العام المقبل مختلفا، وعلى مستوى الوطن.
الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما.