أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Sep-2025

"الأردن وتحدي الطاقة".. تنويع المصادر وتحصين المخزونات "أولوية وطنية"

 الغد-رهام زيدان

 في الوقت الذي يتصاعد فيه الجدل حول إمكانية استخدام كيان الاحتلال لاتفاقيات الغاز مع المملكة للضغط سياسيا، بما يتعلق بتطورات الحرب على غزة، طرح محللون ومراقبون أقرب البدائل التي يمكن أن تكون خيارات فعلية أمام الأردن في مواجهة الكلف الاقتصادية لأي خطوة على هذا الصعيد.
 
 
يأتي ذلك، في وقت تنقل فيه وسائل إعلام عبرية تصريحات مسؤولين من الكيان، بضرورة تهديد الأردن بوقف تزويده بالماء والغاز بسبب تصريحات المسؤولين الأردنيين الأخيرة الرافضة للحرب على غزة والمعارضة للاحتلال.
هذه التهديدات تؤكد أن التحصين المسبق هو الخيار الأمثل، وذلك عبر تأمين مخزونات كافية من المحروقات تكفي 60 إلى 90 يوما، وتنويع مصادر استيراد الغاز لتقليل المخاطر السياسية والاقتصادية، لمواجهة أي طارئ.
يشار هنا، إلى أن هجمة إعلام الكيان تأتي بعد رفع الأردن صوته عالميا مناديا بضرورة تحرك المجتمع الدولي بوجه حكومة الاحتلال المتطرفة التي أوغلت في الدم الفلسطيني طوال عامين بغزة والضفة، إضافة لتماديها بالاعتداءات على عدد من الدول العربية.
ولم يتوان الأردن، عن وصف الاحتلال مرارا بأساس الشر، وحذر في أكثر من مناسبة من تصرفات حكومة الاحتلال المتطرفة، وما قد تؤول إليه المنطقة بسبب جنون تلك الحكومة.
ويرتبط الأردن منذ العام 2016 باتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي، بدأ تنفيذها مطلع العام 2020 وتستمر لمدة 15 عاما، حيث نص الاتفاق على شراء شركة الكهرباء الوطنية الغاز من شركة "نوبل إنيرجي"، قبل أن تنتقل حصتها في حقل "ليفياثان" الذي يسيطر عليه الاحتلال قبالة شواطئ غزة إلى شركة "شيفرون".
وبدأ ضخ الغاز إلى المملكة فعليا مطلع العام 2020، وأكدت شركة الكهرباء الوطنية حينها، أن توقيع الاتفاقية يأتي تماشيا مع توجهات الحكومة في هذا المجال، خصوصا مع التركيز على تزويد الصناعات الوطنية والكبرى في الأردن بالغاز الطبيعي، باعتباره مصدرا أقل كلفة من المشتقات النفطية.
ويبلغ استهلاك الأردن نحو 350 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي، تستخدم معظمها لتوليد الكهرباء، إضافة إلى الصناعات الكبرى مثل الإسمنت والأسمدة، والعديد من الصناعات الأخرى. ويتم استيراد الغاز بشكل رئيسي من حقل ليفياثان، فيما يتم تغطية جزء من احتياجات المملكة عبر الغاز المصري من خلال خط الغاز العربي، أو عبر الغاز الطبيعي المسال المستورد من خلال ميناء العقبة.
بدائل الطاقة المتاحة
في هذا الخصوص، قال المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م. عبدالفتاح الدرادكة "إن البدائل المتاحة تتمثل في توفر الطاقات المتجددة نهارا بما لا يقل عن 1000 ميغاواط، وليلا طاقة الرياح بحد أدنى 200 ميغاواط".
ويضاف إلى ذلك، وفقا للدرادكة، التوليد من الصخر الزيتي باستطاعة 470 ميغاواط في جميع أوقات النهار، إضافة إلى غاز حقل الريشة باستطاعة 55 ميغاواط. 
وأكد أنه من المهم أيضا استثمار البواخر المستأجرة سواء في العقبة بميناء الشيخ جابر أو في مصر، لاستيراد الغاز المسال من الأسواق العالمية لتعويض أي نقص، عبر عطاءات آنية مع الشركات المتفق معها باتفاقيات "Master Sales Agreements".
هل يستطيع الاحتلال وقف ضخ الغاز؟
بدوره، قال عضو مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه د. ماهر مطالقة "إن الاتفاقية الموقعة بين الأردن وشركة نوبل قبل أن تنتقل ملكيتها إلى شركة شيفرون، هي اتفاقية تعاقدية ملزمة بالتزويد، ولا يستطيع الطرف الآخر قطع الغاز إلا لأسباب قاهرة".
وفي حال الظروف القاهرة بعد إثباتها، فإن الطرف الآخر، ملزم بتعويض الأردن عن هذا الانقطاع.
تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية
وجود اتفاقية تعاقدية لـ15 عاما، لا يعني عدم تعظيم المصادر المحلية من الطاقة والاستفادة منها بما في ذلك، الطاقة المتجددة وغاز الريشة وربطه بأنبوب خط الغاز العربي،إضافة إلى الاستفادة من البنية التحتية في محطة العطارات لتوسيع نطاق الاستفادة من الصخر الزيتي، بحسب مطالقة، الذي أشار أيضا إلى وجود فرصة كبيرة للاستفادة من باخرة الغاز العائمة وتسريع الإنجاز في وحدة التغويز الشاطئية.
ووصلت إلى ميناء الشيخ صباح للغاز الطبيعي المسال نهاية تموز (يوليو) الماضي، باخرة يرجوس فورس (Energos Force)، والمستأجرة من قبل الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، لاستخدام الأردن ومصر وبقدرة تخزينية للسفينة تبلغ حوالي 3600 مليون قدم مكعبة، مع قدرة ضخ يومية تصل إلى حوالي 750 مليون قدم مكعبة، حيث توجد اتفاقية موقعة بين شركة الكهرباء الوطنية وشركة ايجاس، تتيح للأخيرة استئجار باخرة واصطفافها في ميناء الغاز المسال بالعقبة، الذي تعود ملكيته لشركة تطوير العقبة مستأجر من قبل شركة الكهرباء الوطنية.
وبين مطالقة أن رؤية التحديث الاقتصادي، ركزت على ما يعرف "بكهربة الاقتصاد"، وخصوصا في قطاعي النقل والمياه باعتبارهما من القطاعات المستهلكة للطاقة، فإن تحويلها إلى الطاقة الكهربائية المنتجة باستخدام الطاقة المتجددة وغاز الريشة والصخر الزيتي، سيخفف العبء بشكل كبير على الموارد الخارجية.
المياه والطاقة المتجددة
من جانبه، قال عضو هيئة التدريس في الجامعة الأردنية د. أحمد السلايمة "إن تأمين موارد المياه والغاز يشكل أولوية ملحة للأردن في ظل التحديات الإقليمية واحتمالات التصعيد". وأوضح أن المملكة تتجه بشكل متسارع نحو خيار تحلية المياه من البحر الأحمر ونقلها إلى مناطق الاستهلاك المختلفة.
غير أن التحدي الرئيس في هذه المشاريع، بحسب السلايمة، يتمثل في كلفة الطاقة اللازمة للتشغيل، ما يجعل من الضروري البحث عن حلول أكثر استدامة، وفي مقدمتها الاعتماد على الطاقة المتجددة، خصوصا الطاقة الشمسية لتشغيل محطات التحلية. كما دعا إلى توظيف تقنيات تخزين الطاقة مثل الضخ المائي (الهيدرو باور)، لضمان استمرارية عمل المحطات على مدار الساعة.
تنوع مصادر الغاز
أما بالنسبة لمصادر الغاز، فأشار السلايمة إلى أن الأردن يتمتع حاليا بتنوع في الإمدادات، وإن كان محدودا في بعض الجوانب، فهناك غاز الخط العربي  من مصر الذي ما تزال كمياته متواضعة، رغم وجود مؤشرات على إمكانية زيادتها مع الاكتشافات الجديدة في الأراضي المصرية.
وأضاف أن المملكة تعتمد أيضا على الغاز الطبيعي المسال من خلال الباخرة العائمة ووحدة إعادة التغويز في العقبة، وهو ما يمنحها مرونة أكبر في استيراد كميات إضافية من مختلف الدول المنتجة مثل قطر وغيرها.
وقال السلايمة "إن هذه التوجهات تجعل خيارات الأردن في مجال الطاقة والمياه أكثر تنوعا مما كانت عليه في السابق، مع التركيز على دمج المصادر التقليدية والمتجددة. فمشاريع تحلية المياه المدعومة بالطاقة النظيفة، وتوسيع نطاق استيراد الغاز من أكثر من مصدر، يشكلان ركيزة لتعزيز أمن التزود بالطاقة والمياه وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على طرف واحد، في ظل الظروف الجيوسياسية المتقلبة".
كلفة الانقطاع والبدائل
من جهته، قال الباحث في شؤون الطاقة عامر الشوبكي "إنه إذا تم قطع الغاز لأسباب سياسية وليس بسبب قوة قاهرة، فيتحمل الجانب الإسرائيلي تعويضات تقارب 600 مليون دولار تدفع مرة واحدة وفق بنود الاتفاقية".
لكن الشوبكي أضاف أن الخسارة الكبرى ستقع على الأردن، إذ قد تصل كلفة البدائل إلى مليار دولار سنويا، بسبب الاعتماد على الديزل وزيوت الوقود الباهظة الثمن. واعتبر أن الحل الأمثل يكمن في تسريع استيراد الغاز المسال عبر ميناء العقبة، وتعزيز مخزونات المملكة من جميع المشتقات النفطية.
وتشير أحدث أرقام صادرة عن وزارة الطاقة والثروة المعدنية، إلى أن كفاية معدل المخزون من النفط الخام يصل 45 يوما بإجمالي كمية يقدر بنحو 305.683 ألف طن، من الغاز المسال 30 يوما بكمية 53.53 ألف طن والبنزين 90 مدة 58 يوما بكمية 203.234 ألف طن، والبنزين 95 مدة 76 يوما بكمية 30.365 ألف طن.
كما تصل مدة كفاية الديزل إلى 67 يوما بمعدل مخزون بلغ 267.514 ألف طن ، والكاز 58 يوما بمعدل مخزون 58.184 ألف طن، من وقود الطائرات 75 يوما بمعدل مخرون 82.308 ألف طن، والاسفلت 15 يوما بمعدل مخزون 9.905 ألف طن. بحسب الأرقام الرسمية.