أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2017

اضبعوا الفساد*رمزي الغزوي

الدستور-عندما كانت الضباع تهاجم حظائر القرى لتنتزع منها الخراف والأغنام، كانت النخوة العارمة والفزعة الزلزالية تدبان في دم الرجال، فبعد أصوات الاستغاثة المجروحة كان الرجال يقسمون يميناً غليظة، أن ينالوا من هذه الوحوش اللعينة الغشوم، بل وسيأتون بها مجرورة؛ لتصنع النعال من جلدها الثخين.
وهكذا، وبعد أن يعدوا عدتهم، يهبون كالريح العاتية يطاردون الضبع في المغاور وبطون الجبال، مشمرين عن عنفوانهم النزق؛ فيقصّون أثرها على صفحات التراب والدروب، ويتبعونها في طريق هروبها، حتى ولو وصلوا وجارها (بيتها في المغارة).
وكان يصدفُ أحياناً أن بعضاً من الرجال المُطارِدين يتلبّسهم لباس الفزع ورداء الخوف، من قبل أن يواجهوا تلك الضبع، لكنهم ومن باب التجمل والتحمل يوارون هذه الرهبة ويخبئونها، لكن آثار الأقدام تقودهم فجأة، وتضعهم وجهاً لوجه مع الضبع اللائذة بفريستها، وراء صخرة كبيرة أو خلف شجرة مشتبكة.
وبما أن الخوف يلجمهم ويمنهعم من قتلها، فإنهم كانوا يتظاهرون بعدم رؤيتها، ويتعامون عنها عن كامل قصد، بل وإمعاناً بالتعامي والتغافل، فإنهم يعيدون قصّ الأثر مرة أخرى من جديد، فيما الضبع ماثلةً أمامهم تبرق بعينيها، علها تولي هاربة، وتريحهم من وعثاء المواجهة.
وإذا كانت مطاردة الضباع لا تحتاج لكثير من طول النفس، وكثير من المكابرة على لجم صهيل الخوف، وكبت جموح الرهبة، فمكافحة الفساد والمفسدين لا بد وتحتاج لهذه الثيمات الهامة تحديداً، فلا نريد أبداً لمن يطاردون ويلاحقون ضباع الفساد الغشوم في ربوعنا، أن يدب فيهم نسغ الخوف، فيصابون بالتعامي والتغافل والتحايل على المحسوس والملموس، أو أن يعمدوا إلى قص الأثر، مرة إثر مرة، عل الفاسدين يهربون بما غنموا؛ فيريحنا من مطاردة صعبة لا نحب أن نقوم بها، ولا نريد لرجالنا أن يتحججوا بقصر النظر، فالحقيقة شمس تموزية.
مع طفو قضايا فساد جديدة على سطح مشهدنا النازف الراعف وهي ذات القضايا التي كنا ننضبع لها حتى فترة قريبة، ونتعامى عن قص أثرها وملاحقتها، أو نخشى فتح ملفاتها ونبش نتانتها، يبدو أننا وضعنا أصابعنا على طرف الخيط وأول النهاية.
كل ما نحتاجه كي تكتمل الصورة ويتضح المعنى أن نشمر عن همتنا لملاحقة الفاسدين بغض النظر عن عرض وقوة الظهر الذي يسندهم أو ساندهم، وبصرف النظر عن لونهم أو منبتهم الأول، نريد أن نواجه خوفنا من نفوذهم، ببسالة وصرامة، ونريد أن نلاحق ضبعهم حتى وجارها، فما من أحد فوق القانون، وما من أحد إلا وتقدر عليه يد العدالة،‍‍ وتطوله حتى ولو كان محتميا بحضن بركان.