أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2019

جنون الجمعة.. « يا نهار أسود يا نشامى»*فايز الفايز

 الراي

ليس على الفقير حرج.. ولكن أعين الأغنياء ضيقة، فكثير منهم يزاحمون التعساء على فرصة القبض على أي مادة يجدونها فرصة العمر، ليس في التسوق لبضائع كانوا يحلمون بها في منامهم ويرونها في اليقظة ولا يستطيعون لمسها فحسب، بل حتى في مستهلكاتهم اليومية من طعام ومعيشة، فكانت فكرة «المولات» أو المخازن الكبرى واحدة من سياسة القضاء على المحال التجارية الصغيرة ودكاكين الحارات والأسواق المعتادة، ولهذا وصلنا إلى مرحلة التحاسد والجشع، الى أن انتهينا إلى رصد الباروميتر الحكومي لحركة الشراء التي يستغلها المواطنون فيما يسمى الجمع? البيضاء، ففضحنا أنفسنا ونحن مفلسون.
 
عجت آراء ووسوسات الكثير من رواد مواقع التواصل الإجتماعي بالتهكم والتحريض على ما أسموه التهافت الكبير من المواطنين على المولات الشهيرة في العاصمة عمان لاستغلال يوم التخفيضات العالمي «الجمعة السوداء» أو البيضاء، ولكن هذا ليس مؤشرا حقيقيا على ارتفاع الميزانية المالية للمواطنين، بل لو كان هناك رصد حقيقي للأعداد لاكتشفنا أن غالبية من شاركوا في الفوضى التسوقية لم يشتروا ما يحتاجونه حقيقة وهي محصورة بالعاصمة فقط، ولكنها فرصة للمشاهدة والتسكع خصوصا أن الغالبية من الشباب والفتيات، وهذا ليس دليلاً على أن الشعب أغنيا?، بل أن كل الأعداد التي سببت أزمة السير لا يمثلون نصف العشر بالمئة من الشعب الفقير.
 
الجمعة السوداء، هي فكرة ظهرت نهاية القرن التاسع عشر عندما انهار سوق الذهب الأميركي، وخسر اثنان من كبار تجار الذهب كل ما يملكون وكان ذلك اليوم هو يوم الجمعة، وفي بداية الخمسينيات من القرن العشرين بدأت حركة جديدة للتسوق في الولايات المتحدة بعد عطلة عيد الشكر مباشرة الذي يصادف هذا الشهر، ثم انتقلت فكرة جمعة التخفيضات الى دول أخرى اليوم ومنها العاصمة عمان، ولكن شتان ما بيننا وبين الأسواق العالمية، فالعام الماضي سجلت الولايات المتحدة مبيعات الجمعة السوداء ستة مليارات دولار في يوم واحد.
 
في الصين حيث قطب التجزئة العالمي «علي بابا» سجل قبل أكثر من إسبوعين رقما قياسيا في المبيعات بمناسبة «عيد العزاب» حيث تجاوز رقم العام الماضي البالغ ثلاثين مليار دولار في مبيعات يوم واحد، وسجلت 68 ثانية مبيعات بمليار دولار، فكيف لعقولنا أن تحسب كل هذا مع فرصة الشراء المخفض في بلد غالبيته من الفقراء والمديونين مثل بلدنا الذي أرهقه الاستهلاك القاسي نتيجة التضخم وارتفاع أسعار السلع وتوحش رأس المال المتحكم بالتعليم والصحة.
 
من هنا نرى لو أن فكرة الجمعة البيضاء حسب التصنيف العربي تمتد الى قطاع المستشفيات والمدارس والجامعات الخاصة، بل ودوائر التحصيل الحكومي لتعلن عن تخفيضات حقيقية، لوجدنا نصف الشعب مكدسين في أروقة المستشفيات للتداوي من أمراض لا يملكون المال لعلاجها أو دفع ما عليهم من مكوس.
 
ملاحظة أخيرة للمنتقدين، لو أن الحكومات وهذه الحكومة وفرت شوارع فسيحة ومواقف عامة لما شكا أحد من أزمة السير التي سببت يوما أسودَ كل خميس.