خبراء ماليون: حصافة البنك المركزي نجحت في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي بالمملكة
بترا
أكد خبراء ماليون ومصرفيون، نجاح الأردن بتحقيق الاستقرار المالي والنقدي بشكل كبير، في ظل التطورات العالمية التي ألقت بظلالها على كبرى الاقتصادات العالمية وعلى اقتصادات دول الإقليم.
وبينوا في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الاقتصاد الاردني يتمتع بمنعه تمكنه من التعامل مع التحديات، وأن الدينار الأردني القوي حماية للاقتصاد الوطني.
وأضافوا أن الأردن سجل معدل من التضخم يعتبر من ضمن المعدلات الأقل في العالم، نتيجة الالتزام بالإصلاحات المالية والنقدية التي أسهمت في المحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني.
بعثة صندوق الدولي في مراجعتها السابعة والأخيرة، أشادت ببيئة الاستقرار النقدي التي يتمتع بها الاقتصاد الأردني، لوجود احتياطي كبير وآمن، ووجود بنك مركزي يتمتع بالحصافة بإدارته للسياسة النقدية، والتي كانت آثاره واضحة في تحقيق الاستقرار النقدي وكبح جماح التضخم والمحافظة على القوة الشرائية للدينار.
محافظ البنك المركزي، الدكتور عادل شركس، أكد أن الأردن استطاع الوصول إلى الاستقرار النقدي والمالي من خلال تسجيله معدل تضخم يتراوح حول 2 بالمئة، وهو من بين أقل معدلات التضخم في المنطقة والعالم الذي يتراوح بين 3 و4 بالمئة، ووجود مستويات مريحة من الاحتياطيات الأجنبية تبلغ حالياً 17.4 مليار دينار تغطي حوالي 7.7 شهر من مستوردات المملكة من السلع والخدمات، أي ما يزيد على المعيار الدولي المتعارف عليه البالغ ثلاثة أشهر، إلى جانب استمرار الانخفاض في معدل الدولرة الذي انخفض إلى 18.3 بالمئة بفضل مصداقية البنك المركزي، والتزامه بالإبقاء على الانسجام بين هيكل أسعار الفائدة المحلية وهيكل أسعار الفائدة الإقليمية والدولية.
وأكد التزام البنك المركزي الدائم بالحفاظ على الاستقرار النقدي، واستعداده لاتخاذ ما يلزم من سياسات وإجراءات تكفل تعزيز الاستقرار المالي والمصرفي، ومتابعته المستمرة لمؤشرات المتانة المالية للقطاع المصرفي، التي تؤكد قوة ومنعة البنوك وقدرتها على مواجهة التحديات، لا سيما تمتعها بمستويات مرتفعة من رأس المال تُعد من أعلى النسب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشار إلى أن وجود مستويات مريحة من الاحتياطي الأجنبي يمكن المملكة من القدرة على التأثير في أسعار الصرف، وتوفير بيئة اقتصادية مستقرة، وتعزيز ثقة الدائنين والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني وفي أهلية المملكة في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية الخارجية.
ويعتبر ارتفاع حجم الاحتياطيات الأجنبية مؤشرا إيجابيا يشير إلى الاستقرار المالي والاقتصادي في الأردن، ويؤكد حصافة السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي، وسيساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، ورفع الثقة باقتصاد البلاد لدى المؤسسات الدولية.
وقال شركس إن نمو حجم الصادرات الأردنية الذي تحقق خلال العام الحالي، وتزايد النشاط السياحي في المملكة، وارتفاع تحويلات المغتربين بالإضافة الى زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي، جميعها ساهمت في ارتفاع حجم الاحتياطيات الأجنبية.
وتشير بيانات المركزي، إلى ارتفاع صادرات المملكة من السّلع والخدمات بنسبة 15.3 بالمئة، لتصل إلى نحو 11 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، ما أسهم بانخفاض عجز الميزان التجاري خلال نفس الفترة بنسبة 35.4 بالمئة ليصل إلى ما قيمته 3.1 مليار دولار.
كما شهدت حوالات العاملين في الخارجين ارتفاعا خلال الشهور الثمانية من العام الحالي إلى 2.254 مليار دولار، كما ارتفع إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة الى المملكة خلال النصف الأول من العام الحالي حوالي 776 مليون دولار، بارتفاع نسبته 20.9 بالمئة عن مستواها في الفترة المقابلة من العام 2022.
ولعب ارتفاع الدخل السياحي للمملكة، دورا مهما أيضا في ارتفاع مستوى الاحتياطيات، إذ ارتفع خلال الشهور التسعة الماضية بنسبة 37.7 بالمئة بتسجيله ما قيمته 5.819 مليار دولار، مدفوعاً بارتفاع عدد السياح الذي وصل إلى 5.058 مليون سائح بنسبة نمو بلغت 38.1 بالمئة.
رئيس جمعية البنوك الأردنية، الدكتور ماهر المحروقي، أكد أنه في ظل الظروف المعطيات والأحداث الإقليمية الجارية اليوم، وفي خضم التطورات المتسارعة في المملكة، يأتي لقاء جلالة الملك لفعاليات القطاع الخاص ليحمل تأكيدا من جلالته على أهمية هذا القطاع ودوره المحوري في الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن لقاء جلالة الملك بممثلين عن القطاع الخاص في الأردن يحمل دلالة ورسالة ملكية واضحة على أهمية وفعالية القطاع الخاص الأردني ودوره المهم والمحوري من وجهه نظر جلاله الملك، كما أن هذا يحمل رسالة إلى القطاعين العام والخاص بأهمية التعاون والتنسيق التام بينهما والشراكة الفعلية والحقيقية.
وأكد أن كبرى المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي الذي قام بـ7 مراجعات تقييمية للتأكد من مدى التزام الأردن ببرنامج الإصلاح المالي والاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، وقد أعلن الصندوق أخيرا قوة ومتانة الاقتصاد الأردني وحصافة سياساته المالية والنقدية.
وأشار إلى أن المؤشرات الأساسية للاقتصاد الأردني بقيت منيعة وتتحرك ضمن هامش معقول، بعيداً عن الصدمات غير الاعتيادية، فمعدل النمو الاقتصادي المتوقع لهذا العام بحدود 2.6 بالمئة، ومعدل التضخم بحدود 2.3 بالمئة، فضلاً عن مختلف المؤشرات الاقتصادية الأخرى التي تؤكد جميعها ما يتمتع به الأردن من استقرار نقدي كبير.
وأشار المحروقي، إلى أن الأردن حقق مرتبة متميزة في نظر المؤسسات الدولية، واستطاع على الدوام أن يقدم سجلاً حافلاً بالمنجزات، خصوصاً القدرة على الوفاء بمتطلبات تلك المؤسسات والإيفاء بالالتزامات المترتبة عليه، وقال إن علاقة الأردن بالمؤسسات الدولية والدائنين تعتبر مهمة وأساسية وتأتي ضمن جهود المملكة الحثيثة في الوصول إلى مصادر التمويل الدولية اللازمة لتأمين احتياجاتها من العملات الأجنبية ومن التمويل اللازم لسد عجز الموازنة أو دعم الإنفاق العام أو تمويل المشاريع الكبرى، كما تأتي أهمية هذه العلاقة في ضوء اعتماد الدائنين والمانحين والممولين على تقييم ورأي المؤسسات الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الدولة وقدرتها على استدامة أوضاعها المالية والإيفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين الدوليين.
الأمر الذي اعتبره المحروقي، أنه ساعد الأردن في الوصول إلى مصادر التمويل الدولية بسهولة ويسر، وهو ما تدل عليه الكثير من الشواهد، ما يؤكد الثقة الكبيرة في استقرار الأردن وقيادته الحكيمة، إضافة الى متانة أساسيات الاقتصاد الأردني مدعوماً بسياساته المالية والنقدية الحصيفة، وهو ما يتزامن مع ثقة المؤسسات الدولية بأداء الاقتصاد الوطني.
وأضاف أنه يأتي أيضاً في ظل ما يتمتع به الأردن من استقرار مالي ونقدي رغم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي العالمية وهو ما خفض من معامل المخاطرة للأردن، بالتالي فائدة السندات، وتكليلاً لجهود الكبير والإصلاحات المالية التي نفذتها المملكة وحافظت على الاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى أن العديد من الدول النامية لم تتمكن من إصدار سندات يوروبوند هذا العام لانعدام الطلب الاستثماري العالمي على سنداتها بسبب عدم استقرارها المالي والنقدي.
وأشار المحروق إلى الدور الكبير للجهاز المصرفي في الأردن بدعم وتحقيق الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في المملكة، بالنظر إلى حجم القطاع المصرفي الذي يشكل حجمه ضعفي الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى قدرة القطاع المصرفي على جذب المدخرات وتحويلها لتمويل من خلال التسهيلات الائتمانية التي تعادل 99 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال إن القطاع المصرفي يتولى دورا تمويليا وتنمويا ويسهم بفاعلية في الاقتصاد الوطني خصوصاً في ظل تشابكه مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وعلى الصعيد النقدي، بين المحروق أن البنوك تلعب دورا كبيرا في الاستقرار النقدي خلال تنفيذها لأدوات السياسة النقدية، ولتأثيرها المباشر في عرض النقد والسيولة، إضافة إلى دورها في إيجاد النقود، مؤكدا أن استقرار القطاع المصرفي من أهم أركان الاستقرار النقدي والمالي في أي دولة، خصوصا في ظل الحجم الكبير للبنوك وأهميتها الكبيرة في الاقتصاد.
وأشار إلى أن مستويات التضخم في الأردن بقيت ضمن مستويات منخفضة نسبياً، مقارنة مع ما شهدته دول كثيرة، إذ اتخذ البنك المركزي سياسات نقدية حصيفة ومباشرة من خلال أسعار الفائدة، أسهمت في المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار، والمحافظة على جاذبية الدينار كعملة ادخارية وهو ما جنب ظهور أي عمليات دولرة.
وبين أن السياسة النقدية للبنك المركزي، أسهمت في المحافظة على استقرار الأسعار في المملكة من خلال السيطرة على مستويات التضخم ضمن حدود منخفضة ودون أي ارتفاعات حادة في الأسعار عموماً، موضحا أن معظم التضخم الذي حدث في الأعوام الأخيرة جاء نتيجة الظروف العالمية ومشاكل سلاسل التوريد العالمية.
بدوره، أكد الخبير المالي والمصرفي الدكتور عدلي قندح، أن البنوك تلعب دورا في إدارة السيولة بتوفير الخدمات المصرفية، وضمان توفر الأموال للعملاء، موضحا أن توفير البنوك للتمويل والقروض يعزز النشاط الاقتصادي ويسهم في تحقيق استقرار نقدي، ويتعين عليها ضمان أن عمليات الإقراض تكون مستدامة ولا تؤدي إلى زيادة غير مراقبة في النقود
وقال إن نمو السيولة في السوق يعكس النشاط الاقتصادي في الأردن، ومن الواضح أن هناك تباطؤا كبيرا في النشاط الاقتصادي لذا هناك حاجة للمزيد من الدعم والتحفيز من الحكومة لزيادة النمو الاقتصادي.
وأضاف قندح أن الاقتصاد الأردني نجح في كبح جماح التضخم، الذي يعتبر 60 بالمئة منه هو تضخم مستورد من الخارج، موضحا أن الاستقرار النقدي يتطلب أن يكون التضخم في الأردن بين 2 و 4 بالمئة، الأمر الذي يتطلب حاجة ماسة لتحفيز الاقتصاد، وقد يكون ذلك عن طريق تخفيض الضرائب وتخفيض معدلات الفائدة وليس رفعها.
وأشار إلى أن الاحتياطيات الأجنبية في الأردن تلعب دورا حاسما في دعم الدينار، وتلبية احتياجات السوق والمستوردات، وتعتبر مصدرا لدعم القيمة السوقية للدينار، ويمكن استخدامها للتدخل في الأسواق للحفاظ على استقرار العملة وتجنب تقلبات غير مرغوبة، كما تلعب دورا في تأمين التمويل اللازم لاستيراد السلع والخدمات الأساسية، ما يسهم في تلبية احتياجات السوق الداخلية.
وأكد أن وجود احتياطيات أجنبية كبيرة يمكن أن يزيد من الثقة لدى المستثمرين الأجانب، حيث يتوفر تمويل آمن واستقرار نقدي، ما يشجع على استثمارات جديدة، كما يعزز وجود احتياطيات أجنبية ضمانات الاستقرار النقدي والثقة في الاقتصاد، ما يؤدي إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، واستخدامها لمواجهة تحديات اقتصادية مفاجئة مثل تقلبات أسعار النفط أو ضغوط الديون الخارجية.
وبين قندح، أن النظرة العامة للمؤسسات الدولية والدائنين نحو الأردن إيجابية بشكل عام، وأن الاستقرار السياسي في الأردن كان عاملًا إيجابيًا في جذب الاستثمار وتحفيز التعاون المالي من المؤسسات الدولية.
وأوضح أن الأردن يستفيد من التعاون مع المؤسسات الدولية من خلال برامج تمويل وتنمية، مثل القروض والمساعدات التي تدعم مشاريع التنمية والبنية التحتية، وأن برامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية التي تدعمها المؤسسات الدولية تحقق تحسينات في الأوضاع الاقتصادية المحلية، ما يعزز ثقة الدائنين والمستثمرين.
وأكد أن دعم المؤسسات الدولية يساعد في مواجهة التحديات المحلية والإقليمية، مثل تأثيرات اللاجئين والتحديات الاقتصادية الناجمة عنها، حيث أن الاستفادة من الدعم المالي والضمانات من المؤسسات الدولية يمكن أن تحسن القدرة على الاقتراض بشروط ميسرة، ما يسهم في تمويل المشاريع الحيوية.
من جهته، أكد رئيس جمعية الأمان للتوعية بالخدمات المالية والمصرفية الدكتور مهدي العلاوي، أن البنك المركزي يلعب الدور الرئيسي لتحقيق الاستقرار النقدي بالمحافظة على سعر الدينار مقابل الدولار، وأن الاحتياطيات من العملات الأجنبية تغطي احتياجات المملكة لأكثر من 7 أشهر وهي ضعف النسب المطلوبة.
وأشار إلى أن تقيد الجهاز المصرفي بالتعليمات الصادرة من البنك المركزي يدَّعم الاستقرار النقدي والمالي، ويتمثل ذلك في متانة الجهاز المصرفي والنسب المالية لدى كل المصارف الأردنية وهي الأعلى من النسب المقررة، ومعدل الديون غير العاملة من أخفض النسب.
وقال إن الأردن استطاع أن يمر بسلام بعد أزمة كورونا، وتبعها الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على اقتصاديات جميع الدول، وزادت من نسبة البطالة، موضحا أن سياسة الأردن في ربط سعر الدينار بالدولار ساعد على استقرار نسبي للقوة الشرائية للدينار واستقرار اقتصادي.
وأضاف العلاوي، أن الاحتفاظ باحتياطي مريح من العملات الأجنبية ينعكس إيجاباً على نظرة الدول المانحة للأردن في قدرته على السداد، إذ لم يتأخر يوما في سداد الديون أو خدمات الديون، ما منح الأردن سمعة جيدة في الالتزام بتطبيق خطط الإصلاح الاقتصادي وقدرته على تحقيق نسب نمو إيجابية رغم الظروف العالمية غير المستقرة.