أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2017

ما لنا ولــ «سنغافورة» !*عصام قضماني

الراي-نموذج سنغافورة كان حاضرا في خيارات تنقل بينها بعض الإقتصاديين ممن تصدوا للتخطيط الإستراتيجي للإقتصاد الأردني في فترة ما , لكنه استبعد حتى كفكرة قابلة للبحث لأسباب عديدة وكان هناك دائما من يخشى الإنفتاح.
 
العبارة التي واجهتها هذه الفكرة هي « ما لنا ولسنغافورة « فهي نموذج غير قابل للتطبيق في الأردن ولا حتى للقياس , له ظروفه الإجتماعية والسياسية والدينية ولنا ظروفنا المختلفة تماما , لكن أصحاب هذه العبارة لم يطلعوا على تلك الظروف فعليا ولو فعلوا لوجدوها متشابهة في بعضها مع ظروف الأردن وربما أصعب وأشد تعقيدا في بعضها الآخر.
 
القرار السياسي في الإصلاح كان سببا في ميلاد هذه المعجزة التي رفض البنك الدولي حتى فكرة النظر اليها قبل أكثر من 50 عاما , بينما تعد اليوم واحدة من النماذج الناجحة التي يتخذها البنك مثالا للنجاح الإقتصادي.
 
سنغافورة بلا موارد واجهت فور إستقلالها عن التاج البريطاني مشاكل كالبطالة وأزمة السكن والفساد الإداري والركود الاقتصادي، و شعبها غير متجانس ترجع أصوله إلى الصين والهند والجزر المالاوية وغيرها , عوامل التطاحن أكبر بكثير من عوامل نراها في دول أخرى مثل الأردن الذي تجمع سكانه لغة واحدة وعادات إجتماعية وثقافية ودينية واحدة حتى المسيحيين فيه هم أصحاب عادات شرقية إسلامية بل على العكس التباين حد التضاد في الحالة السنغافورية كان يقترب كثيرا من الإقتتال الداخلي بينما هو في بلد مثل الأردن مجرد خلاف في الرأي لا أكثر فلا عرقيات ولا تعددية دينية واسعة ولا ثقافات مختلفة.
 
سنغافورة إتخذت قرارا سياسيا وعززته بإرادة التنفيذ وهي بالمناسبة جزيرة محاطة بدول كبيرة ممتدة وكثيرة الموارد كما في الحالة الأردنية تماما , القرار السياسي كان في تبني مبدأ الإعتماد على الذات , وقد حصل , والهدف هو القضاء على الفقر المدقع،والبطالة المرتفعة ؛ والأمية.
 
الطريف أن ماليزيا أخرجت سنغافورة من الإتحاد خوفا على تراثها ونسيجها الاجتماعي من الصينيين بينما تتباهى اليوم بنجاحها بسبب التعددية الثقافية والعرقية.
 
القرار السياسي بدأ بالتطهير وخلق بيئة جاذبة للاستثمار، وإجتثاث تجارة المخدرات بعقوبة الإعدام والقضاء على الفساد وتقليم النقابات العمالية ، وتوحيدها وسجن كل من يهدد الوحدة المؤسسية أو السياسية ومعاقبة كل من يستخدم أوصافا عرقية ضد مسلمين ومالاويين وصينيين على شبكة الإنترنت أو في الميادين العامة والمنابر والإعلام للحفاظ على التآلف بين الأعراق.
 
بنت سنغافورة حكومة صغيرة وفعالة ونزيهة، عززت جاذبيتها للشركات متعددة الجنسيات وكانت الحكومة تصدر استطلاعات للرأي بانتظام؛ لقياس الصعوبات التي تواجه ممارسة الأعمال وإزالتها وخفضت الضرائب، المواطنون قرروا طوعا أن يتنازلوا عن جزء من حريتهم لضبط الفوضى، ونجاح مسار التنمية.
 
لم يعد التواجد الكثيف للأجانب يقلق المواطنين بل على العكس منحهم إرادة على المنافسة النافعة وبناء نظام تعليم منافس للأجانب.
 
نموذج سنغافورة صغر في أجندة المخططين الأردنيين , وتقوقع على الطريق الصحراوي الى العقبة , ليصطدم بمصاعب ومعيقات أكبر فلم تقترب العقبة منه ولم تبن تموذجها الخاص وللحديث صلة.