الدستور
«أرادوا إخراجها من الجغرافيا فدخلت التاريخ» احد التعبيرات التي استخدمها احدهم وسارت مثلا وذلك نتيجة للمارسات الدبلوماسية تحديا فيما يتعلق بالحرب الدموية على قطاع غزة وإجراء القتل والسرقة ونهب الاراضي في الضفة الغربية عدا عما يحدث في فلسطين الداخل، وكلها تحركات اراد بها الكيان الصهيوني منذ نشأة ما يُعرف باسرائيل اخراج فلسطين كدولة من الجغرافيا، ليفشلوا ولتزيد غيظهم بعد ان أطلت برأسها من نافذة شرف التاريخ العريضة.
انهارت مفاوضات الدوحة والتي أُطلق عليها «مفاوضات الفرصة الاخيرة» وتبعتها مفاوضات القاهرة، والتي من خلالهما انقلبت دولة الكيان الصهيوني ممثلة بحكومة الفاشي بنيامين نتنياهو على المقترح الامريكي الذي عُرف بمقترح بايدن لاتمام صفقة تبادل الاسرى وانهاء المقتلة الدائرة في قطاع غزة، تعجيزية بعد ان تبنت الدبلوماسية الامريكية على رأسها توني بلنكن وزير الخارجية تعديلات نتنياهو الاخيرة التي تُعد عِصيا توضع في الدواليب، خاصة وان مطالبه تعجيزية باعتراف ذوي جلدته، ليُرد العتب على حركة المقاومة الاسلامية «حماس» وانها هي التي ترفض الصفقة.
افضل من ماطل في التاريخ خاصة فيما يُسمى بالمفاوضات هم بنو صهيون، وافضل واحد فيهم نتنياهو، الذي يرى مصلحته الشخصية تتجسد في طول امد الوصول الى صفقة تبادل اسرى ووقف نهائي لاطلاق النار، وهذا ما لا يريده ولا يسعى اليه، بل انه فتح كافة الجبهات عليه داخليا وعلى مستوى المنطقة، في خطوة يريد فيها اشاعة الفوضى ليبقى على كرسيه مدعوما من قبل حكومته النازية ومتطرفي دولته، وكثير من شعبه، فالهدف المشترك للجميع هو القضاء حرفيا على الشعب الفلسطيني بكل وسيلة ممكنة.
بالمقابل بقيت المقاومة الفلسطينية مستمعة لما يقوله الطرف الصهيوني وراعيه الدبلوماسي الجانب الامريكي، واشاح بوجهه وخرج كريما من هذه المفاوضات التي تعتبر مناقشتها اهانة لنضال ومقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، ولسان حاله يقول اذا اردتم استمرار القتال فمرحبا بكم سنريكم ما لم تتوقعوه، اما المقاتلون الجرحى الصامدون واهالي القطاع، فهم مثال لا يوجد له نظير في التاريخ، انهم من رحب بالموت حبا وكرامة لدينهم ووطنهم وكرامتهم ولسان حالهم «لن نفارق وطننا»، لقد فقدوا كل شيء والرهان على صمودهم.
فيما تفتح الحكومة النازية الاسرائيلية جبهة الضفة الغربية على مصراعيها، لتتيح مصادرة الاراضي من قبل المستوطنين وتشرعن بناء مستوطنات جديدة وتوسيع قائمة، وتسرق الاراضي وتقتل الناس عدوانا وظلما، وتعتبره تطهيرا لارض يهودا والسامرة بحسب معتقداتهم الوخمة، ولا ضير من بعض استفزازات وزير امنهم القومي النازي ايتمار بن غفير ودعواته امس ببناء كنيس يهودي في الحرم القدسي، بالمقابل عمليات استشهادية بطولية قامت بها عناصر من المقاومة الفلسطينية من كافة اطيافها في الضفة الغربية حتى وصلت قلب تل ابيب فلا مكان لخوف او مجال لاستسلام وتسليم بالامر الواقع.
والان جبهة الشمال التي قال عنها حزب الله انها لن تُغلق ولن تهدأ الا مع وقف النار في القطاع وانهاء الحرب والانسحاب التام للجيش الصهيوني من هناك، عدا عن رد الحزب فجر امس الاول بوابل من الصواريخ على مواقع حساسة في اسرائيل، لتبقى التحذيرات على الرد الايراني بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران.
في العامية يُقال « مجنون برمي حجر في بير 100 عاقل ما بطلعوه» وهذا ينطبق تماما على ما يقوم به الفاشي نتنياهو الذي يستلذ بمشاهد القتل ويتمتع برؤية الدم الفلسطيني، ويتمنى ان تفرغ هذه الدولة كاملة من اهلها، فكانت سياسات القتل داخلها والاغتيالات لقادة مقاومتها في الخارج، لتبقى الولايات المتحدة الامريكية متماهية مع رعونته ومدافعة عنها بل ومتبنية لارادة هذا الفاشي بشكل منقطع النظير، بل وتتنقل دبلوماسيتها من دولة الى اخرى في سبيل اقناعهم بمطالب العدو الصهيوني وتنفيذها وان العقبة هي «حماس» وحركات المقاومة.
جيوش خمس دول لم تتمكن خلال ما يقارب 11 شهرا من تركيع قطاع غزة، وعلى مدار اكثر من 75 عاما لم تُنس الفلسطيني ارضه ووطنه وهدفه في الرجوع اليها رافعا رأسه.