أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Dec-2025

إيرادات سلطة العقبة الضريبية للخزينة.. هل تعيق مشاريعها الإستراتيجية؟

 الغد-أحمد الرواشدة

العقبة- تجدد الحديث في مدينة العقبة في أعقاب مناقشات مشروع قانون الموازنة العامة تحت قبة ‏البرلمان، عن ضرورة إعفاء سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ما تورده من إيراداتها ‏لخزينة الدولة بنسبة 60 % مقابل احتفاظها بنسبة 40 %، في حين برز أيضا مقترح تقدم به العين ‏شرحبيل ماضي والعين نسيمة الفاخري بإعفاء السلطة من توريد الـ60 % من الإيرادات لمدة عشر ‏سنوات، بوصفه خطوة إيجابية وضرورية يمكن السلطة من استعادة دورها التنموي، وتنفيذ ‏المشاريع وفق المخطط الشمولي، ودعم المجتمع المحلي، وخلق فرص عمل حقيقية، وتحفيز بيئة ‏الاستثمار في العقبة لتصبح نموذجا اقتصاديا وطنيا ناجحا.‏
 
 
وبحسب خبراء اقتصاد وتنمية، فإن المشاريع الكبرى والبنية التحتية في العقبة تحتاج إلى موازنات ‏كافية لا تمتلكها السلطة حاليا، مؤكدين أن نسبة 40 % المخصصة للسلطة بالكاد تكفي لتغطية ‏رواتب الموظفين وبعض الخدمات الضرورية، في حين تساءلوا عن إمكانية تنفيذ المشاريع ‏الإستراتيجية أو تطوير الخدمات.‏
ويضع ملف إعفاء سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة من توريد حصة الحكومة، الدولة، أمام ‏منعطف اقتصادي حاسم، بحسب الخبراء الذين أكدوا أن أي تقصير في استثمارات العقبة يمثل ‏تهديدا مباشرا للأمن الاقتصادي الوطني، ويحدد ملامح الاقتصاد الأردني خلال السنوات المقبلة.‏
وضرب هؤلاء الخبراء مثالا على ذلك، بأنه يمكن لسلطة العقبة، وبالشراكة مع القطاع الخاص، ‏استثمار جزء من الإيرادات في تطوير منطقة صناعية تحويلية للمنتجات الغذائية والمركبات ‏الكهربائية، بحيث توفر نحو 15 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال السنوات العشر ‏المقبلة، وتضيف ما يقارب 1.2 مليار دينار إلى الناتج المحلي الإجمالي إذا تم تشغيلها بكامل ‏طاقتها. ‏
وفي السياق نفسه، يمكن وفقا للخبراء، توجيه استثمارات لتوسعة موانئ العقبة الذكية وتحديث ‏الأرصفة والمعدات اللوجستية، ما يقلص زمن تفريغ الحاويات بنسبة 40 % ويخفض كلفة النقل ‏بنحو 25 %، الأمر الذي يرفع تنافسية الصادرات الأردنية ويجذب المزيد من الاستثمارات ‏الأجنبية، مشيرين إلى أنه يمكن أيضا توجيه جزء من الإيرادات لإنشاء منطقة لوجستية متقدمة ‏متكاملة للطاقة المتجددة، تشمل محطات شحن للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومراكز تخزين ‏ذكية، ما سيخفض تكاليف الطاقة للمستثمرين الصناعيين ويعزز الاستدامة البيئية، ويجعل العقبة ‏نموذجا إقليميا يحتذى به، إلى جانب التوسع بإقامة الاستثمارات والبنية التحتية في المنطقة الشمالية ‏والتي بدأت تنمو وغيرت وجهة العقبة.‏
ميزة تنافسية إقليمية
ولفتوا إلى أنه في التجارب الدولية، تظهر الدراسات أن المناطق الاقتصادية الناجحة لم تبن على ‏منطق التحويلات المالية السريعة إلى الخزائن المركزية، وإنما على تمكين إداراتها ماليا مقابل ‏مساءلة صارمة قائمة على النتائج، في وقت تظهر السيناريوهات الرقمية أن كل دينار يستثمر في ‏البنية التحتية اللوجستية والموانئ وسلاسل النقل يمكن أن يولد عائدا اقتصاديا مضاعفا خلال ‏السنوات القليلة المقبلة، سواء عبر توسيع النشاط التجاري، أو جذب الاستثمارات النوعية، أو خلق ‏فرص عمل مستقرة.‏
أما في الحالة الأردنية، فحذروا من أن الاستمرار في التعامل مع العقبة كمصدر إيراد مباشر فقط قد ‏يؤدي إلى فقدان ميزة تنافسية إقليمية في مواجهة موانئ ضخمة تستثمر بشكل مستمر، مشيرين أن ‏الفجوة بين الموانئ لا تقاس بعدد الأرصفة فقط، وإنما بسرعة المناولة، وكفاءة التخليص، وكلفة ‏الخدمات، وهي عناصر تحتاج إلى استثمار مستمر لا يحتمل القيود المالية، مؤكدين أن إعادة طرح ‏إعفاء سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة من توريد حصة الحكومة لمدة عشر سنوات لا ينبغي ‏أن تقرأ كامتياز إداري أو استثناء مالي، بقدر ما هو قرار إستراتيجي مرتبط بإعادة تعريف دور ‏العقبة في الاقتصاد الوطني، يقوم على الانتقال من عقلية الجباية إلى عقلية الاستثمار، ومن إدارة ‏الموارد إلى تعظيم العوائد، ومن التفكير قصير الأمد إلى بناء اقتصاد أكثر مرونة وقدرة على النمو ‏في بيئة إقليمية ودولية شديدة التقلب.‏
حول ذلك، يقول العين شرحبيل ماضي، إن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة أُنشئت برؤية ملكية ‏لتكون رافعة اقتصادية وطنية ومحركا أساسيا للاستثمار والسياحة، ونموذجا يمكن تطبيقه في ‏محافظات أخرى، مشيرا إلى أنه خلال 25 عاما جذبت العقبة استثمارات نوعية تجاوزت 20 ‏مليار دينار، موزعة بين السياحة بنسبة 65 %، والصناعة %20، والخدمات 15 %، وحققت ‏تطورا كبيرا في البنية التحتية والخدمات اللوجستية والسياحية، ما جعلها مقصدا للعمل والعيش. ‏
وأضاف أن هذا التطور أدى إلى زيادة السكان من نحو 50 ألف نسمة قبل إطلاق الرؤية الملكية إلى ‏‏243 ألف نسمة حاليا، أي تضاعف العدد ثلاثة أضعاف ونصف، ما وضع ضغطا كبيرا على ‏الخدمات ورفع تكاليف المعيشة، وتحديدا السكن، حيث بلغت أجرة الشقق 250 دينارا لشقة بمساحة ‏‏70–100 متر، في ظل أن نسبة ذوي الدخل المحدود والمتوسط تتجاوز 85 %.‏
الإعفاء لـ10 سنوات
وأوضح ماضي "أننا في مجلس الأعيان طالبنا بإعفاء سلطة العقبة من توريد حصة الحكومة لمدة ‏عشر سنوات، بالإضافة إلى الإفراج عن 12 مليون دينار سنويا من رسوم الدخان والمشروبات، ‏لتمويل مشاريع إستراتيجية ضمن الخطة الشاملة، تشمل توسعة المدينة شمالا وتحويلها إلى مدينة ‏ذكية، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء مناطق صناعية وسياحية ولوجستية في لواء القويرة بهدف ‏جذب استثمارات نوعية وخلق فرص عمل لأبناء اللواء". ‏
وأشار إلى أن المخطط الشمولي المحدث، يتوقع وصول عدد السكان في العقبة بحلول عام 2050 ‏إلى نصف مليون نسمة، مع مشاريع توسعة بكلفة تقديرية 250 مليون دينار لتخفيف كلف المعيشة ‏وتحسين بيئة السكن، مؤكدا أن تمكين السلطة ماليا، وربط الإعفاء بمؤشرات أداء دقيقة، مع متابعة ‏تطوير المشاريع الصناعية واللوجستية ذات القيمة المضافة، يجعل العقبة قاطرة حقيقية للنمو.‏
كما أشار ماضي، إلى أن كل مشروع بنية تحتية جديد وتوسعة لوجستية وصناعة تحويلية يتم ‏تشغيلها بكامل طاقتها تضاعف العوائد الاقتصادية وتخلق فرص عمل مستدامة، وتحول الإيرادات ‏المفروضة سابقا إلى أدوات خلق ثروة وطنية متجددة، مطالبا في الوقت ذاته، بمنح السلطة كامل ‏إيراداتها، باعتباره خيارا إستراتيجيا لإعادة صياغة الاقتصاد الأردني من اقتصاد محدود يعتمد ‏على الإيرادات السريعة إلى اقتصاد قادر على خلق القيمة المستدامة وتعزيز التنافسية وضمان ‏الأمن الوطني، وتحويل العقبة إلى منصة نمو حقيقية تُستثمر على مدار العقد المقبل.‏
ومن وجهة نظر الخبير القانوني ياسر العجلوني، فإن العقبة تعد تجربة وطنية ناجحة للبيئة ‏الاستثمارية، حيث جذبت استثمارات نوعية تجاوزت 20 مليار دينار خلال 25 عاما، مع توزيع ‏واضح بين القطاعات المختلفة: السياحة، والصناعة، والخدمات، لكنه يحذر من أن التحديات المالية ‏الحالية قد تعيق تنفيذ المشاريع الإستراتيجية، مشيرا إلى أنه "وفي خضم الجدل الدائر حول مقترح إعفاء ‏أو تجميد سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة من تحويل جزء من إيراداتها إلى خزينة الدولة ‏لحين ميسرة، لا بد من إعادة النقاش إلى جوهره الاقتصادي والتنموي بعيدا عن الشعارات أو ‏التخويف غير المبني على قراءة شمولية".‏
وأشار العجلوني إلى أن الواقع المالي الحالي يظهر بوضوح أن النسبة التي تحتفظ بها السلطة من ‏إيرادات ضريبتي الدخل والمبيعات، لا تكفي إلا لتغطية الالتزامات التشغيلية الأساسية من رواتب ‏وخدمات ضرورية، دون أن تترك هامشا حقيقيا لتمويل المشاريع الإستراتيجية أو تنفيذ المخطط ‏الشمولي للمدينة، وهذا يضع السلطة في موقع إداري يُدير الحد الأدنى، بدل أن يقود التنمية كما هو ‏مفترض، مؤكدا "أن تمكين سلطة العقبة من إيراد أقوى، سواء عبر تخفيف نسب التوريد أو منحها ‏فترة زمنية مدروسة للاحتفاظ بإيراداتها، يجب أن يُنظر إليه كخيار تنموي إستراتيجي لا كتنازل ‏مالي، فالدولة الرشيدة لا تُقاس بكم تجبي اليوم، بل بكم تنمي غدا".‏
تمكين "السلطة" ماليا
وأكد العجلوني، أن تمكين السلطة ماليا يعد شرطا أساسيا لضمان استمرار النمو، خصوصا مع ‏التوسعة السكانية المتسارعة وخطط تحويل المدينة إلى مدينة ذكية، معتبرا أن الاستثمار في البنية ‏التحتية والمشاريع الكبرى سيضاعف العائد الوطني ويعزز قدرة العقبة على المنافسة الإقليمية ‏وجذب المزيد من الاستثمارات النوعية، وهو السبيل لضمان تحقيق الرؤية الملكية للعقبة كمحرك ‏اقتصادي وطني.‏
أما المستشار القانوني حسن المجالي، فيرى من جهته، أن دعم السلطة يجب أن يكون بالأرقام لا ‏بالتصريحات، مشيرا إلى أن المشاريع الكبرى والبنية التحتية في العقبة تحتاج إلى موازنات حقيقية ‏لا تمتلكها السلطة حاليا.‏
وأكد أن هذه النسبة بالكاد تكفي لتغطية رواتب الموظفين وبعض الخدمات الضرورية، متسائلا عن ‏إمكانية تنفيذ المشاريع الإستراتيجية أو تطوير الخدمات.‏
وأضاف المجالي، أن إعفاء السلطة من توريد 60 % من الإيرادات لمدة عشر سنوات يعد خطوة ‏إيجابية وضرورية، إذ سيمكن السلطة من استعادة دورها التنموي، وتنفيذ المشاريع وفق المخطط ‏الشمولي، ودعم المجتمع المحلي، وخلق فرص عمل حقيقية، وتحفيز بيئة الاستثمار في العقبة ‏لتصبح نموذجا اقتصاديا وطنيا ناجحا.‏
ووفق دكتور الاقتصاد والتنمية فواز النعيمات، فإن العقبة تمثل محورا إستراتيجيا للاقتصاد الوطني، وأصبحت ‏قاعدة للتنمية المستدامة في جنوب الأردن، مبينا أن المشاريع الكبرى والبنية التحتية تتطلب ‏موازنات كبيرة لا تستطيع السلطة تغطيتها حاليا بسبب نسب الإيرادات للخزينة والتي بلغت %60، ‏ما قلص القدرة الاستثمارية للسلطة بشكل كبير رغم زيادة نسبة الاحتفاظ إلى 40 % مؤخرا.‏
وأشار النعيمات، إلى أن نسبة الاحتفاظ إلى 40 % رقم إيجابي، لكنها ما تزال غير كافية لتمويل ‏مشاريع توسعة المدينة، وتطوير البنية التحتية، أو دعم السياحة والصناعة، مشددا على ضرورة أن ‏تكون تمويلات العقبة مستقلة ومرنة لضمان استدامة النمو، خصوصا في ظل التنافس الإقليمي ‏وجذب الاستثمارات النوعية التي تجاوزت 20 مليار دينار خلال 25 عاما.‏