أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Aug-2025

لهذه الأسباب.. المصفاة مهمة*سلامة الدرعاوي

 الغد

على ضوء الأزمات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة، وآخرها الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، تتجلى بوضوح أهمية مصفاة البترول الأردنية، حين انقطع الغاز الطبيعي، لم يكن أمام الحكومة سوى خيار واحد فعّال: تشغيل محطات الكهرباء على زيت الوقود، وهو ما وفرته المصفاة فورًا من مخزونها الإستراتيجي.
 
 
12 يومًا كانت المصفاة قادرة على تلبية الطلب، حيث كان لديها 18 ألف طن من الوقود الثقيل جاهز للاستخدام، جرى تحويل هذا المخزون مباشرة إلى محطة العقبة الحرارية ومحطات أخرى، واستمرت الخدمة دون أن يشعر أحد بانقطاع أو أزمة.
 
ولولا هذا المخزون، لما استطاعت الحكومة أن تتحرك، نظرًا لمعيقات لوجستية لاستيراد زيت الوقود، في وقت كانت فيه أسعار الطاقة ترتفع بشكل خطير عالميًا، لذلك استطاعت المصفاة أن تمتص الصدمة وتتصرف بمسؤولية، ومن دونها، كانت الحكومة ستضطر إلى الاستيراد في ظروف غير مواتية وبكلف باهظة، وربما بعجز فعلي عن تنفيذ ذلك.
اليوم، للمصفاة ديون على الحكومة تقارب 600 مليون دينار، لكنها مع ذلك لم تتأخر في تلبية الاحتياجات الطارئة، وأي شركة خاصة كانت ستنهار تحت هذا العبء، أما المصفاة فواصلت تقديم الخدمة دون توقف، وهذا يعكس أن المصفاة ليست مجرد شركة، بل عمود فقري في بنية الأمن الوطني، أمنيًا واقتصاديًا.
وعند الحديث عن الاحتياطي، فإن ما لدى المصفاة من نفط خام ومشتقات نفطية يتجاوز المليون طن، ما يغطي احتياجات المملكة لفترات كافية حسب النوع والاستهلاك، فلا توجد جهة أخرى في الأردن تمتلك هذه القدرة، لا القطاع الخاص ولا جهة حكومية تستطيع أن توفر مثل هذا المخزون أو أن تتصرف به بهذه السرعة والفعالية.
المصفاة تعمل حاليًا على مشاريع إستراتيجية جديدة في العقبة: خمسة خزانات كروية بسعة 10 آلاف طن من الغاز المنزلي، أي ما يعادل نحو 19,600 متر مكعب من الغاز السائل، وبكلفة استثمارية تصل إلى 32 مليون دينار، وخزانان كرويان بسعة 4 آلاف طن، أي ما يعادل نحو 7,840 متر مكعب من الغاز السائل، بتكلفة استثمارية تبلغ 16 مليون دينار.
وهذه المشاريع ستُفتتح خلال العام المقبل 2026، وهي تعزز أمن الطاقة وتزيد من قدرة الدولة على التحرك في الأزمات، فلا يجب النظر إلى المصفاة كشركة فقط، بل كمؤسسة أمن وطني، فكل الأزمات التي عصفت بالمنطقة وأثّرت على إمدادات الغاز على مدار سنوات، كانت المصفاة دائمًا السند الصامت والفعال، وبدون ضجيج، وبدون طلب مقابل، وبدون انتظار شكر أو تسليط ضوء إعلامي، قامت المصفاة بدورها الوطني الكامل.
من هنا، يجب على الحكومة أن تعيد النظر جذريًا في طريقة تعاملها مع مصفاة البترول، فهذا ليس مشروعًا تجاريًا عاديًا، بل مشروع إستراتيجي يعادل بأهميته مشروع الناقل الوطني، بل يمكن القول إنه أكثر حساسية، لأنه حين تُقطع الطاقة، يتوقف كل شيء.
وإذا لم تكن هناك إرادة حقيقية لتقوية المصفاة، ودعم توسعتها، وضمان استمراريتها، فإن الدولة تضع أمن الطاقة والاقتصاد على المحك.
مصفاة البترول الأردنية ليست خيارًا، ودعمها ضرورة وطنية خاصة في تنفيذ مشروع التوسعة.