أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Jul-2025

الإصلاح الاقتصادي.. خطوات ثابتة نحو الاعتماد على الذات

 الراي

شراكة القطاعين العام والخاص تقود مسار التعافي وتحوّل التحديات إلى فرص ملموسة
 
مواصلة الاقتصاد الأردني مسيرته بالنمو، وكسره حدود التقديرات الأولية، ليس مجرد رقم يوضع في تقرير رسمي، بل إشارة واضحة إلى مرونة هذا الاقتصاد وقدرته على التعافي والنمو رغم التحديات الداخلية والإقليمية التي يشهدها المحيط.
 
الأردن، الذي طالما عرف بصلابته في مواجهة الأزمات، يبرهن مرة أخرى أن خيار الإصلاح الاقتصادي والاعتماد على الذات ليس شعاراً، بل ممارسة عملية على الأرض، تقودها إرادة سياسية واضحة وسياسات مالية واقتصادية متوازنة، وشراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص.
 
فالأرقام الأخيرة الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة أظهرت ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7% في الربع الأول من عام 2025 مقارنة مع 2.2% للفترة نفسها من العام الماضي، بما يعكس تجاوزاً للتقديرات السابقة التي وضعت النمو المتوقع عند 2.5% للعام الجاري. هذا التقدم لم يكن ليتحقق لولا الأداء الملموس لقطاعات رئيسية تمكنت من تحويل التحديات إلى فرص، وإلى نمو فعلي ينعكس على مؤشرات الاقتصاد الكلي.
 
في مقدمة هذه القطاعات، جاء قطاع الزراعة الذي حقق نموًا لافتًا بنسبة 8.1%، ثم قطاع الكهرباء والمياه بنمو 5.8%، إضافة إلى قطاع الصناعات التحويلية الذي ساهم بشكل جوهري في النمو بنسبة 5.1%، فضلًا عن قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية الذي سجل نموًا بنسبة 3.4%. هذا التنوع في مصادر النمو يؤكد سلامة التوجهات الحكومية في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الأمن الغذائي والطاقة، ورفع كفاءة الإنتاجية بما ينسجم مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.
 
ولا تقتصر إشارات التحسن على نمو الناتج المحلي فحسب، بل إن الصادرات الوطنية سجلت نموًا بنسبة 10.6% خلال الثلث الأول من العام الحالي، لتصل قيمتها إلى 2.752 مليار دينار مقارنة مع 2.488 مليار دينار لنفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يعزز من موقع الأردن في الأسواق الخارجية رغم تباطؤ التجارة العالمية وتحديات الإقليم.
 
هذه الأرقام لم تأتِ من فراغ، بل جاءت نتاج سلسلة من الإجراءات الإصلاحية التي تم تنفيذها، مثل تحسين بيئة الأعمال، وتوسيع القاعدة الضريبية دون إثقال كاهل المواطن، وتخفيض الضرائب على المركبات، فضلًا عن رفع الإنفاق الاجتماعي، كما ظهر جليًا في قرار تأمين المواطنين ضد أمراض السرطان ضمن شراكة فاعلة مع مركز الحسين للسرطان.
 
إن تجاوز التوقعات الاقتصادية في الأردن يثبت أن القدرة على النمو هي نتاج سياسات حكيمة وإرادة شعبية للنهوض من حالة التردد والارتباك إلى النمو المضطرد، كما يعكس جدية الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بالشراكة مع صندوق النقد الدولي، مع الحرص على توافقها مع الأولويات الوطنية وخصوصية الحالة الأردنية.
 
في الوقت الذي يشهد فيه الإقليم حالة من الاضطرابات وانعكاساتها على الأسواق وأسعار الطاقة والغذاء، يواصل الاقتصاد الأردني إرسال إشارات طمأنة، بأن المملكة قادرة على حماية استقرارها النقدي والمالي، والاستمرار في مسار النمو المستدام، مدفوعة بإرادة الاعتماد على الذات والعمل الجاد نحو تحقيق التوازن المالي والنقدي، وتعظيم دور القطاعات الإنتاجية، وخلق فرص العمل، بما يعود بالنفع على المواطن ويعزز الثقة في المستقبل.
 
بهذا الأداء، يبرهن الاقتصاد الأردني أن النمو المستدام ليس حلمًا بعيدًا، بل هو نتيجة حتمية للعمل الجاد والرؤية الواضحة والإدارة الاقتصادية الرشيدة، وهو ما يمنح الأمل بأن الأردن قادر على تحويل التحديات إلى فرص، والبقاء على مسار التعافي والنمو رغم كل الظروف.