أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Jul-2025

العمالة الوافدة.. هل تمثل سببا رئيسيا للبطالة؟

 الغد-هبة العيساوي

حالة من القلق تسود بين خبراء في الاقتصاد والاجتماع، جراء "الفوضى الإحصائية" التي تطغى على بيانات سوق العمل، وما يعتورها من تضارب في تقديرات أعداد العاملين، ونسب العمالة غير الأردنية وغير الرسمية، ما يعكس غياب مرجعية إحصائية دقيقة ومنتظمة، وما يلقيه ذلك من تأثير سلبي على رسم السياسات الفعالة. 
 
 
وشددوا في تصريحات لـ"الغد"، على أن هذا التضارب، يؤثر أيضا على مشكلة البطالة التي تتجاوز قضية العمالة الوافدة، وترتبط بأسباب هيكلية، أبرزها خلل النظام التعليمي، وضعف بيئة العمل، والحماية الاجتماعية، ما يستدعي إصلاحات شاملة وسياسات تنموية مستدامة مبنية على بيانات موثوقة.
 
يأتي ذلك، بعد أن أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني، ملخص سياسات بعنوان "بالحقائق والأرقام: قراءة معمّقة حول البطالة في الأردن"، مبينا أن القوى العاملة من غير الأردنيين تقدر بـ1.4 مليون فرد، وان كل 10 عمال أردنيين يقابلهم نحو 8 عمال غير أردنيين، وان 77 % من إجمالي العمالة غير الرسمية في الأردن هم من غير الأردنيين.
ودعا المنتدى للوقوف على الأسباب الجوهرية وراء الحجم المتزايد للقوى العاملة من غير الأردنيين.
مؤشر سلبي
بدوره، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، إن "الأشهر الماضية شهدت تزايدًا في التصريحات والتقديرات الصادرة عن أفراد ومؤسسات، وجهات ذات علاقة بشأن حجم القوى العاملة في الأردن، وعدد العاملين غير الأردنيين، ونسب العمالة غير المنظمة وغير الرسمية، مشيرًا إلى أن هذا التعدد في التقديرات واختلاف الأرقام المتداولة، أوجد حالة من "الفوضى الإحصائية"، تمس واحدة من أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وهي سوق العمل".
وأضاف عوض، إن هذه الفوضى، لا تعكس اجتهادا إيجابيا، بل تمثل مؤشرا سلبيا يسجل على الدولة لا لصالحها، إذ يفترض بأن تكون البيانات الإحصائية الدقيقة والدورية، مسؤولية رسمية حصرية تمارس بمهنية وحيادية، مؤكدا أن الاجتهاد، يجب أن يكون في السياسات العامة، لا بإنتاج المؤشرات الإحصائية.
وأوضح أنه من الطبيعي، أن نختلف في كيفية معالجة البطالة أو تطوير الحماية الاجتماعية، أو تنظيم سوق العمل، لكن أن نختلف في عدد العاملين أو نسبة غير الأردنيين، أو حجم غير المشمولين بالضمان، فهذه ليست مساحة للاجتهاد.
وتساءل، "هل يعود هذا الخلل لضعف بالإمكانيات المالية والفنية المتوافرة لدائرة الإحصاءات العامة؟ أم أنه قرار بعدم نشر هذه المؤشرات، كما هو الحال مع مؤشرات الفقر التي لم تُنشر منذ سنوات؟"، مشددًا على أن غياب بيانات دقيقة ومنتظمة حول واقع السوق، يضعف القدرة على بناء سياسات فعالة لمواجهة البطالة، وتوسيع الحماية الاجتماعية، وتنظيم العمالة المهاجرة.
وأشار إلى أن مركز الفينيق والمرصد العمالي الأردني، وعبر مراقبتهما لديناميات السوق، لاحظا أن التقديرات المتعلقة بحجم العمالة غير الأردنية، تتأرجح بين المبالغة والتهوين، تبعا لأجندات مختلفة، مؤكدا أن جزءا من التقديرات، يصدر عن أفراد أو مؤسسات تسعى للفت الانتباه، أو التهرب من المسؤولية، أو حتى لتكريس مواقف سلبية ضد العمال غير الأردنيين.
وشدد، على أنه لا يوجد اليوم دليل قاطع على دقة أي من هذه التقديرات المتداولة، ما يعزز الحاجة لأن تتولى الحكومة، عبر دائرة الإحصاءات، مهمة قياس هذه المؤشرات بانتظام وشفافية، مؤكدا أن الأمر لا يحتاج لمعجزات، بل لقرار واضح، وإرادة لتكريس ثقافة الدولة المعتمدة على الأدلة.
أزمة بطالة
رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، لفت إلى أن بيانات دائرة الإحصاءات، تشير إلى أن عدد المتعطلين عن العمل من الأردنيين بلغ 430 ألفا، وهو عدد يعكس عمق أزمة البطالة في المملكة، خصوصا مع استمرار هذه المعدلات المرتفعة على مدى سنوات، وتحديدا بين الشباب وحملة الشهادات الجامعية.
وأضاف أبو نجمة، إن التقديرات تشير في الوقت ذاته، لوجود أكثر من مليون عامل وافد في سوق العمل، يتوزعون بين عمالة منظمة مسجلة وأخرى غير رسمية، تمارس نشاطها خارج الأطر القانونية، مؤكدًا أن مجرد وجود عمالة وافدة بأعداد كبيرة، لا يعني بالضرورة أنها أزاحت الأردنيين عن فرص العمل.
وأوضح أن هذه العمالة لا تُعد إحلالية بالمعنى الاقتصادي، بل في معظمها تكميلية، ووجودها جاء استجابة لحاجة السوق في قطاعات لا يقبل عليها الأردنيون لاعتبارات، تتعلق بضعف ظروف العمل، كالزراعة والإنشاءات وبعض الخدمات المنزلية والحرفية، وهي قطاعات تشهد بيئة عمل صعبة، وأجورًا منخفضة، بالإضافة لضعف نظم الحماية الاجتماعية فيها.
وأكد أن تحميل العمالة الوافدة مسؤولية ارتفاع البطالة في صفوف الأردنيين، لا يعالج جوهر المشكلة، بل يصرف الانتباه عن الأسباب الهيكلية الحقيقية، مشيرًا إلى أن أبرز أسباب البطالة في الأردن، تتمثل بفجوة كبيرة ومستمرة بين مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل.
وبيّن أبو نجمة، أن الجامعات ما تزال تخرج أعدادا كبيرة من حملة التخصصات النظرية لكنها مشبعة، ولا تتواءم مع فرص العمل المتاحة في السوق، لا من حيث العدد ولا نوعية المهارات، مشيرًا لوجود ضعف مزمن في الإقبال على التعليم المهني والتقني، وقلة في الاستثمار الرسمي والخاص بتطوير هذا النوع من التعليم وتحفيز الالتحاق به.
وأشار كذلك، إلى أن بيئة العمل في العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، تفتقر للمقومات التي تجعل منها بيئة جاذبة للعمالة الأردنية حتى في ظل حاجتهم الفعلية للعمل، سواء بسبب تدني الأجور مقارنة بتكاليف المعيشة، أو نتيجة لضعف شروط السلامة والصحة المهنية، أو غياب الحمايات القانونية الكافية.
وشدد على أن معالجة البطالة، تتطلب مقاربة شاملة تُعيد التوازن للسوق، عبر إصلاح سياسات التعليم والتدريب، وتحسين بيئة العمل في القطاعات الأقل جاذبية، وضمان تطبيق الحمايات القانونية، وتوفير الحوافز للقطاعات التي تلتزم بتشغيل الأردنيين ضمن ظروف عمل لائقة.
وشدد على انه "يجب التخلي عن التفسيرات السهلة التي تختزل أسباب البطالة بوجود العمالة الوافدة، والتركيز بدلا من ذلك على بناء سياسات تنموية وتوظيفية مستدامة، قائمة على المعرفة والعدالة الاقتصادية".
الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، قال إن العمالة غير الأردنية هي في الأساس مطلب لأصحاب العمل في القطاع الخاص، بحيث يستقدمون هذه العمالة من جنسيات متعددة، لتغطية احتياجاتهم، خصوصًا في المهن التي لا يُقبل عليها الأردنيون.
وأضاف الزيود، أن هذه العمالة تعمل ضمن مهن محددة ومقننة على نحو كبير، ومحاصرة بعدد من القطاعات، كالإنشاءات، والزراعة، والمخابز، وبعض الصناعات التحويلية. موضحا أن الوزارة تشترط تحقيق نسب تشغيل للأردنيين في هذه القطاعات، فعندما يُسمح لقطاع معين باستقدام عمالة غير أردنية، يُشترط عليه تشغيل أردنيين مقابل كل عامل وافد.
وبيّن أن نسب التشغيل تختلف من قطاع إلى آخر، فهناك قطاعات تُلزم بتشغيل 4 أردنيين، مقابل كل عامل غير أردني، بينما تشترط قطاعات أخرى، تشغيل 6 أردنيين مقابل كل عامل وافد، مشيرا إلى أن القطاعات المسموح لها باستخدام العمالة غير الأردنية محددة، وملزمة بتشغيل أردنيين مقابل هذه العمالة ضمن نسب محددة، مؤكدًا أن الوزارة، تراقب مدى التزام المنشآت بهذه النسب وتتابع تنفيذها.
وقال إن القطاع الخاص، لا يطلب العمالة غير الأردنية إلا في المهن التي يعزف عنها الأردنيون، مؤكدًا أنه في حال إقبال الأردنيين على مهنة معينة، يجري إحلالهم مباشرة فيها مكان العمالة الوافدة، مضيفا أن "لدينا مثال واضح وهو مهنة عامل الوطن في البلديات وأمانة عمان الكبرى، إذ ارتفع الإقبال من الأردنيين على هذه المهنة، ما أدى للاستغناء عن العمالة غير الأردنية فيها".
وقال إنه "بحلول نهاية العام الحالي، لن يكون هناك أي عامل غير أردني في مهنة عامل وطن، وكل مهنة يُقبل عليها الأردنيون، سيجري فيها الإحلال المباشر وتقليل الاعتماد على العمالة غير الأردنية. وحاليا، فإن كل المهن مفتوحة أمام الأردنيين، وفرص العمل متاحة لمن يرغب".