واشنطن: «الشرق الأوسط»
اتسع عجز الحساب الجاري في الولايات المتحدة إلى مستوى غير مسبوق خلال الربع الأول من العام، بعدما سارعت الشركات إلى استيراد كميات كبيرة من السلع لتفادي الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة، يوم الثلاثاء، أن العجز في الحساب الجاري -الذي يقيس صافي تدفقات السلع والخدمات والدخل والاستثمارات بين الولايات المتحدة والعالم- ارتفع بمقدار 138.2 مليار دولار، أي بنسبة 44.3 في المائة، ليبلغ 450.2 مليار دولار، وهو أعلى مستوى يسجّله على الإطلاق.
كما عُدّلت بيانات الربع الرابع من العام السابق، لتُظهر عجزاً قدره 312 مليار دولار، مقارنةً بـ303.9 مليار في التقديرات الأولية.
وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم، قد توقّعوا ارتفاع العجز إلى 443.3 مليار دولار خلال الربع الأول.
ومثّل العجز نحو 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى منذ الربع الثالث من عام 2006 حين بلغ ذروته عند 6.3 في المائة، مقارنة بـ4.2 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وحذّر اقتصاديون من أن اتساع فجوة الحساب الجاري، بالتوازي مع تضخم العجز في الموازنة الفيدرالية، قد يُشكّل تهديداً على المدى الطويل لقوة الدولار الأميركي. كما أسهمت الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها ترمب في إضعاف جاذبية الدولار بوصفه ملاذاً آمناً عالمياً.
وسجّلت واردات السلع ارتفاعاً قياسياً بمقدار 158.2 مليار دولار، لتبلغ تريليون دولار لأول مرة، مدفوعةً بزيادة واردات الذهب غير النقدي والسلع الاستهلاكية، خاصةً المنتجات الطبية والصيدلانية ومواد طب الأسنان.
في المقابل، تراجعت واردات الخدمات بمقدار 1.8 مليار دولار؛ لتصل إلى 217.8 مليار دولار، نتيجة انخفاض رسوم استخدام حقوق الملكية الفكرية، مثل تراخيص البحث والتطوير.
أما صادرات السلع فقد ارتفعت بمقدار 21.1 مليار دولار إلى 539.0 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ الربع الثالث من عام 2022، مدعومةً بزيادة صادرات السلع الرأسمالية، ولا سيما الطائرات المدنية وملحقات الحواسيب والمعدات الطرفية وقطع الغيار.
وتراجعت صادرات الخدمات بمقدار 4.4 مليار دولار إلى 293.2 مليار دولار، نتيجة انخفاض السلع والخدمات الحكومية، مثل الوحدات العسكرية، بالإضافة إلى تراجع إيرادات السفر الشخصي وخدمات الاستشارات المهنية والإدارية.
وسجّل عجز تجارة السلع قفزة إلى مستوى قياسي بلغ 466 مليار دولار، مقارنةً بـ328.9 مليار دولار في الربع الأخير من 2024. ومع ذلك، بدأت واردات السلع التراجع مع نهاية موجة الطلب المرتفعة على المواد الأساسية. وكانت الحكومة قد أعلنت هذا الشهر انخفاض الواردات بنسبة قياسية بلغت 19.9 في المائة خلال أبريل (نيسان)، لتصل إلى 277.9 مليار دولار.
وانخفضت إيرادات الدخل الأولي بمقدار 22.9 مليار دولار إلى 355.1 مليار دولار، في حين تراجعت المدفوعات ضمن هذا البند بمقدار 13.7 مليار دولار إلى 362.7 مليار دولار، متأثرة بانخفاض دخل الاستثمار المباشر، الذي يُشكل معظمه أرباحاً.
في المقابل، ارتفعت إيرادات الدخل الثانوي بمقدار 2.3 مليار دولار، لتصل إلى 49.6 مليار دولار، مدفوعة بتحصيل غرامات وعقوبات، في حين انخفضت مدفوعات الدخل الثانوي بمقدار 8.4 مليار دولار إلى 101.5 مليار دولار، نتيجة تراجع التحويلات الحكومية.