أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Aug-2025

الاحتياطيات الأجنبية.. تطور إدارة العملية الاقتصادية يفضي إلى أرقام قياسية

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

 لا خلاف على أن التنامي المستمر للاحتياطيات النقدية الأجنبية وتسجيلها مستوى قياسيا لدى البنك المركزي الأردني يؤكد الاستقرار النقدي وقدرة الاقتصاد الأردني على مواجهة التحديات الخارجية.
 
 
لكن النقطة محور الحديث هنا التحول الإيجابي في طريقة إدارة العملية الاقتصادية من زاوية الاحتياطي الأجنبي، بما يضفي قدرا من الاستقرار والاستدامة ويعزز الثقة في الإدارة الاقتصادية.
وبحسب خبراء فإن من شأن زيادة الاحتياطيات الأجنبية، المساهمة في رفع مسنوب الثقة بالاستقرار المالي والاقتصادي، إضافة إلى تشجيع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في الاقتصاد الوطني، عدا على تحسين وضعية التصنيف الائتماني للأردن. 
وبغية استدامة نمو الاحتياطيات النقدية وتعظيم الفوائد الاقتصادية منها، طالب الخبراء بأهمية العمل على مضاعفة الصادرات الوطنية، وفتح أسواق جديدة، إلى جانب تنويع مصادر الدخل الوطني، إضافة إلى استحداث وسائل جديدة لزيادة تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج.
ويضاف إلى ذلك ضرورة تدشين مرحلة جديدة من اعادة تشجيع سوق رأس المال المحلي، لا سيما في ظل حجم النشاط والسيولة الجيد الذي يشهده، إضافة إلى أهمية العمل على تطوير سوق ثانوي للأدوات المالية، يرتكز على أدوات محددة تتمثل بالأسهم والسندات والقروض العقارية. 
واقع الاحتياطيات الأجنبية في الأردن 
وشهدت الاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي نموا ملموسا خلال الأشهر السبعة الأولى بين عامي 2024 و2025، بتحقيقها زيادة قدرها حوالي 2.94 مليار دولار أو ما يقارب 15.3 ٪ على أساس سنوي. ففي نهاية شهر تموز (يوليو) 2024، تجاوزت قيمة الاحتياطات الأجنبية 19.14 مليار دولار، لتقفز إلى نحو 22.08 مليار دولار بنهاية تموز (يوليو) 2025، وهو ما يمثل مستوى قياسيا جديدا.
وخلال السنوات الخمس الماضية (2020-2024)، شهدت قيمة الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي نموا كبيرا ناهزت نسبته 24.19 %، حيث بلغت في نهاية العام الماضي نحو 14.903 مليار دينار (21.015 مليار دولار) قياسا بحجمها في نهاية عام 2020، والتي بلغت حينها 12 مليار دينار (16.93 مليار دولار).
وتغطي حاليا الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، مستوردات المملكة من السلع والخدمات، لمدة 8.4 شهر، بنهاية تموز (يوليو) 2025، مقارنة بـ8.2 شهر، بختام العام الماضي، ونحو 7.7 شهر، مقارنة مع تموز (يوليو) من العام 2024.
أما بخصوص أونصات الذهب لدى البنك المركزي، فقد ارتفعت بنحو %4.159 خلال السنوات الثلاث الأخيرة (2022-2024)، لتبلغ 2.304 مليون أونصة نهاية العام الماضي، مقارنة بعددها نهاية عام 2022 والذي بلغ آنذاك 2.212 مليون أونصة.
ويشار إلى أن أسعار أونصات الذهب، شهدت خلال الأعوام الثالثة الاخيرة (2022-2024)، ارتفاعا كبيرا ناهزت نسبته حوالي 47 %، بعد تأثرت الأسواق بمخاوف الركود في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث صعد سعر أونصة الذهب من 1900 دولار في عام 2022، إلى 2800 دولار للأونصة نهاية العام الماضي، ومنذ بداية العام الحالي واصلت الأسعار ارتفاعها إذ تترواح حاليا بين 3300 و3350 دولار للأونصة. 
متانة الوضع النقدي واستقرار الاقتصاد الوطني 
وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الزيادة المستمرة والمتراكمة في احتياطات الأردن من العملات الأجنبية تمثل بلا شك إشارة إيجابية، وتعكس تحسن وضعية النقد الأجنبي في المملكة، وتؤكد بمعناها المباشر على متانة الوضع النقدي واستقرار سعر صرف الدينار.
وأوضح أن هذا التطور يعكس تحولا في طريقة إدارة العملية الاقتصادية من زاوية الاحتياطي الأجنبي، بما يضفي قدرا من الاستقرار والاستدامة ويعزز الثقة في الإدارة الاقتصادية. 
وبين أن هذه الاحتياطات قادرة على تغطية نحو ثمانية ونصف شهرا من المستوردات، وربما تصل إلى تسعة أشهر، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المؤشرات العالمية في هذا المجال. واعتبر أن هذا يعزز الثقة بالاستقرار المالي والاقتصادي، وله دلالات مهمة للمستثمرين والمؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك تأثيره على التصنيف الائتماني للأردن الذي يسهم الاحتياطي في رفعه أو تثبيته على مستويات مرتفعة مقارنة بدول عديدة في المنطقة. 
ويذكر أن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أعلنت في شهر نيسان (أبريل) الماضي، عن رفع التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية من B1 إلى Ba3 مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وهذه هي المرة الأولى التي يرتفع فيها التصنيف الائتماني الأردني منذ 21 عاما بعد ثباته عبر التحديات الإقليمية والعالمية التي عصفت منذ ذلك الوقت. 
وتزامن رفع وكالة "موديز" التصنيف الائتماني الأردني آنذاك مع إعلان وكالة "فيتش" أيضا عن تثبيتها التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل دون تغيير عند مستوى "-BB" مع نظرة مستقبلية "مستقرة".
وذكرت "فيتش" حينها أن القرار جاء نتيجة سجل الأردن الحافل بالإصلاحات المالية والاقتصادية والتمويل المرن المرتبط بالقطاع المصرفي وصندوق التقاعد العام، والدعم الدولي.
مكونات الاحتياطيات الأجنبية 
وأشار عايش إلى أن الاحتياطيات الأجنبية تتكون عادة من النقد الأجنبي وحقوق السحب الخاصة، وأن زيادتها قد تعود إلى تحويلات مالية من الخارج، سواء من العاملين الأردنيين، أو من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن القروض والمنح الدولية، وعوائد الصادرات التي نمت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بنسبة 9.2 % للصادرات الوطنية، و2.3 % للمعاد تصديره، وبنمو كلي 8.5 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. كما ساهم النشاط السياحي، والدعم المقدم من مؤسسات دولية كصندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي، في تعزيز هذا الرصيد.
ولفت عايش إلى أن ارتفاع أسعار الذهب كان له دور مهم، حيث يملك البنك المركزي نحو 72.5 طن من الذهب، ما عزز قيمة الاحتياطي الكلية. 
وأكد أن هذا الاحتياطي لا ينفصل عن الصورة العامة للاقتصاد، بل يؤثر فيها مباشرة عبر تمويل الواردات، وخدمة الديون الخارجية وفوائدها في مواعيدها، وتقليل مخاطر تقلبات سعر الصرف، وهو ما ينعكس إيجابًا على استقرار الأسعار ومعدلات التضخم، ويمنح الحكومة مجالًا أوسع لدعم النمو الاقتصادي والسياسات المالية، والتعامل مع الصدمات الخارجية.
وحول الأثر المباشر لنمو الاحتياطيات على المواطنين، بين عايش أنه يتمثل في شعوره بالثقة والأمان عند التعامل بالعملة الوطنية، وفي ضبط معدلات التضخم، إضافة إلى أن انخفاض المديونية إلى نحو 18 % يعد أحد المؤشرات الدالة على الثقة التي يوفرها الاحتياطي والسياسات النقدية. 
وللاستمرار في هذا النمو وتعظيم الفوائد الاقتصادية، دعا عايش إلى تعزيز الصادرات، وفتح أسواق جديدة، وتنويع مصادر الدخل الوطني، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيجاد وسائل جديدة لزيادة تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج.
الاحتياطيات الأجنبية مؤشر لسلامة الاقتصاد الوطني 
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة، أن نمو الاحتياطات الأجنبية يعد من أهم المؤشرات الإيجابية التي تعبر عن سلامة الاقتصاد الوطني واستقراره وقدرته على مواجهة التحديات الخارجية. 
وأوضح زوانة أن نمو الاحتياطات الاجنبية يشير أيضا إلى الاستقرار النقدي وسياسته محليا، حيث ترتبط حالة الاستقرار النقدي عادة بنمو الاحتياطيات، إضافة استقرار سعر صرف الدينار، وهذا هو المتحقق لدينا محليا. 
ولفت إلى أن السياسة الحصيفة التي يتبعها البنك المركزي منذ سنوات طويلة، لها دور مهم في تعزيز الاحتياطيات النقدية الأجنبية. 
ويرى زوانة أن المحافظة على وتيرة نمو الاحتياطيات الاجنبية خلال الفترة القادمة يتطلب التركيز على إصلاح السياسات المالية و معالجة الاختالات التي تعتريها من ارتفاع حجم الدين العام واستمرار تنامي عجز الموازنة العامة، بما يضمن الاستفادة من السياسات النقدية وتكامليتها مع السياسات المالية، وبالتالي تحسن مؤشرات الاقتصاد الوطني. 
تحسن المؤشرات الفرعية للاقتصاد الوطني 
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي مفلح عقل، أن الاداء الإيجابي لعدد من المؤشرات الفرعية بالاقتصاد الوطني خلال الأشهر الماضية ساهم في تنامي حجم الاحتياطيات الأجنبية، ومنها ارتفاع حجم الصادرات الوطنية، إضافة إلى تحسن النشاط العقاري والتجاري. 
ونمت الصادرات الوطنية للمملكة خلال الأشهر الخمسة الأولى الماضية من العام الحالي، بنسبة 9.2 بالمائة، لتبلغ قيمتها 3.578 مليار دينار، مقابل 3.276 مليار دينار للفترة نفسها من العام الماضي.
كما شهد حجم التداول في سوق العقار الأردني خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي ارتفاعا بنسبة 4 %، ليرتفع إلى 3,87 مليار دينار، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفق التقرير الشهري لدائرة الأراضي والمساحة.
وبين عقل أن زيادة مستوى الاحتياطيات الأجنبية، عادة ما يحسن مستوى الثقة بالاقتصاد سواء من قبل المواطنين أو المستثمرين، وبالتالي ينعكس إيجابا على قرار انخراطهم بالعملية الاقتصادية والمساهمة بها.
وبقصد تعظيم الفائدة من هذه الاحتياطيات واستدامة نموها، دعا عقل إلى ضرورة تدشين مرحلة جديدة من اعادة تشجيع سوق راس المال المحلي، لا سيما في ظل حجم النشاط والسيولة الجيد الذي يشهده، إضافة إلى دعوته استحداث سوق ثانوي وزيادة الادوات النقدية المتاحة به كالأسهم والسندات، والقروض العقارية، مما يتح توفير فرص أكبر للاستثمار بالفوائض النقدية للاحتياطيات، وفي ذات الوقت ضمان سهولة الحصول على السيولة عند الحاجة.