أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2025

وزير الزراعة الجديد أمام تحديات كبرى لإصلاح القطاع

 الغد-عبد الله الربيحات

 يمر القطاع الزراعي في الأردن بمرحلة حرجة تتطلب تدخلًا عاجلًا وشاملًا يعيد لهذا القطاع الحيوي مكانته في المنظومة الاقتصادية والأمنية للدولة، فبعد سنوات من التراجع، وتزايد التحديات المناخية، وغياب السياسات الحازمة، لم يعد ممكناً تأجيل الإصلاح، خصوصًا في ظل ما أظهرته مؤشرات الأمن الغذائي من هشاشة واضحة في قدرة المملكة على تحقيق اكتفاء ذاتي مستدام.
 
 
وبينما تُشكّل رؤية التحديث الاقتصادي خريطة طريق طموحة للنهوض بالقطاعات الحيوية، فإن الزراعة ما تزال بحاجة إلى قرارات نوعية تعالج عمق المشكلة، لا مظاهرها.
 
ويترقب العاملون في القطاع أداء وزير الزراعة الجديد الدكتور صائب خريسات، القادم إلى منصبه بخلفية علمية ومهنية متخصصة في الشأن الزراعي على المستويين المحلي والدولي، في وقت تعيش فيه الزراعة الأردنية أحد أكثر مراحلها تحديًا من حيث التراجع والإهمال والتحديات المناخية والاقتصادية.
وتُجمع الأوساط الزراعية على أن الوزير الجديد أمامه مسؤولية ثقيلة، لا سيما في ظل ما أكدته رؤية التحديث الاقتصادي وخطتها التنفيذية، من أهمية اتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذ القطاع وتعزيز منظومة الأمن الغذائي الوطني، التي باتت على المحك في السنوات الأخيرة، وسط أزمات متتالية أثّرت على سلاسل التوريد والموارد الطبيعية.
تحديث البنية الزراعية
ويُنتظر من الوزير خريسات أن يطلق خطة وطنية شاملة لتحديث البنية التحتية الزراعية، خصوصًا في المزارع الصغيرة والمتوسطة، مع التركيز على إدخال التقنيات الحديثة في الزراعة، واستخدام التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في الزراعة المكشوفة والمحمية على حد سواء، في خطوة من شأنها تخفيض كلفة الإنتاج، وزيادة تنافسية المنتجات الأردنية محليًا وخارجيًا.
كما أن تبني أساليب الزراعة الحديثة قد يسهم في فتح أبواب الاستثمار في الصناعات الغذائية، ويضع الأردن على خريطة الإنتاج الزراعي الذكي إقليميًا، شريطة إعادة هيكلة مؤسسات القطاع الخاص الزراعي، ومنحه دورًا رئيسا في تخطيط وتنظيم الإنتاج، لتفادي الاختناقات التسويقية التي تتكرر كل عام.
ويرى العديد من الخبراء أن نجاح الوزير في مهمته لن يكتمل دون إعادة النظر في العبء الضريبي المفروض على المزارعين، والذي يحدّ من قدرتهم على التطوير والتوسع، ذلك أن تمكين القطاع من النمو يتطلب بيئة تشريعية عادلة، تدعم الاستثمار وتخفض من الكلف، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المياه والطاقة ومدخلات الإنتاج.
الحاجة لقواعد البيانات
ومن أبرز التحديات أمام الوزير الجديد، ما كشفه تقرير الأمن الغذائي العالمي للعام الثاني على التوالي، حيث استُثني الأردن من التصنيف بسبب غياب قواعد بيانات دقيقة تتعلق بالقطاعين النباتي والحيواني، وهي ثغرة خطرة تعرقل الجهود الوطنية في تحسين التصنيف الدولي وجذب الاستثمار الزراعي.
لذلك، تبدو الحاجة ملحّة لإنشاء مركز وطني للبيانات الزراعية، يكون مرجعًا لصناع القرار والمستثمرين، ويدعم البحوث والدراسات الزراعية، خصوصًا تلك المتعلقة بإنتاج بذور مقاومة لتغير المناخ.
ويبرز على أجندة العمل المقترحة للوزير إطلاق مشروع وطني للحصاد المائي في مناطق البادية، من خلال استغلال المساقط المائية، وتوزيع الأراضي المحاذية للحفائر والسدود الترابية على شكل قطع مختلفة الأحجام، وطرحها للاستثمار الزراعي عبر عقود إيجار بشروط واضحة.
وتشمل الخطة المقترحة السماح بحفر آبار ارتوازية عميقة، مع اعتماد الطاقة البديلة لتوفير مياه الري في أوقات الشح.
وتدعو المبادرة إلى إشراك الجمعيات التعاونية كمكوّن أساسي في هذه المشاريع إلى جانب المستثمرين، مع التركيز على الإنتاج المحلي للحبوب والأعلاف، بما يحقق الأمن العلفي، ويدعم قطاع الثروة الحيوانية المتراجع.
تحديات فائض الإنتاج
أما أحد الملفات المؤرقة التي تنتظر الوزير خريسات فهو تسويق الفائض من الإنتاج الزراعي، خصوصًا في مواسم الذروة التي تشهد انهيارًا في الأسعار وخسائر فادحة للمزارعين، ويتطلب ذلك فتح أسواق جديدة للتصدير، وتفعيل الرزنامة الزراعية بالتعاون مع المزارعين والمصدرين، مع مراعاة التغيرات المناخية السنوية التي تؤثر على مواعيد الإنتاج.
والوزير الجديد أمام مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، فإصلاح القطاع الزراعي الأردني يتطلب إرادة وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وتخطيطًا إستراتيجيًا طويل الأمد. وبين التحديات الكبرى والفرص الممكنة، سيكون الأداء القادم محكًا حقيقيًا لاختبار قدرة الوزارة على إعادة الحياة إلى الزراعة الأردنية وجعلها ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.