دعوات لوضع خطة طوارئ اقتصادية شاملة لمواجهة أي صراعات بالمنطقة
الغد-عبدالرحمن الخوالدة
في ظل التوترات الإقليمية التي نجمت عن الحرب الإسرائيلية الإيرانية، تعاظمت المخاوف من تداعيات محتملة تمس بالأمن الغذائي والطاقة وسلاسل الإمداد. وفي هذا السياق، جاءت التوجيهات الملكية الأخيرة للحكومة كرسالة تحذير مبكرة، تستدعي تحركا استباقيا لمواجهة الأزمات المحتملة.
وأكد خبراء اقتصاديون، أن الظرف الإقليمي يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات وقائية محددة للتخفيف من حدة التبعات الاقتصادية في حال تكرار الأزمات الإقليمية، مؤكدين ضرورة إعداد خطة طوارئ اقتصادية وطنية شاملة، تأخذ بعين الاعتبار القطاعات الأكثر تأثرا مثل السياحة، والنقل، والصناعة، والزراعة، إضافة إلى الفئات المجتمعية الهشة.
ويرى خبراء أن التوجيهات الملكية خلال الـ18 شهرا الماضية، مكنت الاقتصاد الوطني من امتصاص آثار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي توسع إلى حرب إقليمية مع إيران.
استدامة الحركة الجوية والقطاع السياحي
وشدد الخبراء على أهمية ضمان استدامة حركة الطيران من وإلى المملكة، عبر تعزيز الاعتماد على الناقل الوطني، في ظل موسم الإجازات وعودة المغتربين، إلى جانب تشجيع شركات السياحة على مواصلة برامجها، بما يساهم في تحقيق عوائد مجزية من القطاع السياحي الذي يعد ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
وفي السياق ذاته، أشاروا إلى ضرورة تسهيل تمويل القطاعات الحيوية، خاصة الصناعية والزراعية والنقل، بما يضمن استدامة أعمالها في حال تفاقم الأزمة وطول أمد الصراع، وذلك لضمان استمرارية سلاسل التوريد الغذائي والتجاري.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني ترأس، الأحد الماضي، اجتماعا في قصر الحسينية مع رؤساء السلطات وقادة الأجهزة الأمنية، ناقش خلاله التطورات الإقليمية المتسارعة، مؤكدا ضرورة اتخاذ الإجراءات كافة، للتخفيف من الآثار السلبية للتصعيد الحالي، ولاسيما في الجانب الاقتصادي.
عايش: مطلوب خطة واقعية قابلة للتطبيق
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش "إن الحرب التي اشتعلت بين إسرائيل وإيران وضعت الأردن أمام تحديات معقدة، شملت اضطراب إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتأمين والشحن، فضلا عن تهديدات تمس بالأمن الغذائي والمعيشي".
وأكد أن التوجيهات الملكية استندت إلى تجارب سابقة، منها جائحة "كورونا" والحرب الروسية الأوكرانية والعدوان على غزة، ما يتطلب تحويلها إلى خطط واقعية قابلة للتطبيق، تشمل تعزيز المخزونات الاستراتيجية من الغذاء والطاقة، والاستثمار في البنية التحتية لإدارتها، باستخدام التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي.
وفي ملف الطاقة، شدد عايش على ضرورة تنويع مصادر التزود، والتقليل من الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، عبر تخفيف القيود وإدماجها بالشبكة الوطنية.
كما دعا إلى استثمار احتياطات الغاز الطبيعي المحلية، وتفعيل خطط الطوارئ في مختلف السيناريوهات، بما في ذلك إجراءات تقنين مدروسة في حال تفاقمت أزمة الطاقة، كاستخدام نظام الفردي والزوجي للمركبات.
دية: السياحة والنقل في صدارة المتأثرين
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي منير دية أن الأزمات الإقليمية تستدعي من الحكومة التحرك سريعا لحماية القطاعات الحساسة، مشيرا إلى أن التوجيهات الملكية خلال الـ18 شهرا الماضية، مكنت الاقتصاد الوطني من امتصاص آثار العدوان الإسرائيلي على غزة.
وطالب دية باستدامة حركة الطيران، خصوصا مع بدء بعض شركات الطيران العالمية بتعليق رحلاتها إلى المملكة. ولفت إلى أن الدخل السياحي ارتفع بنسبة 15.7 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، ليصل إلى 3.1 مليار دينار، وهو ما يعكس أهمية استمرار تدفق السياح والمغتربين.
ودعا إلى تسهيل تمويل القطاعات الصناعية والزراعية والنقل والشحن، وتوفير السيولة لاستمرار عملها، وتسهيل حصول المستوردين على قروض لزيادة المخزونات، إضافة إلى وضع تصورات لتخفيض الرسوم الجمركية في حال ارتفاع تكاليف الشحن العالمية.
وأكد دية أن الاقتصاد الأردني يمتلك عوامل مرونة تمكنه من الصمود، كما أثبت خلال الأزمات السابقة كجائحة "كورونا" وسنوات "الربيع العربي".
مخامرة: تأسيس لاقتصاد مرن ومحصن ضرورة استراتيجية
من جانبه، شدد الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة على أن التوجيهات الملكية عكست إدراكا عميقا لطبيعة المخاطر المركبة. ودعا إلى تسريع وضع خطة طوارئ اقتصادية شاملة تضمن الاستقرار النقدي والغذائي والطاقي، لمواجهة أي أزمات محتملة.
وأكد مخامرة ضرورة تعزيز المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية، وتنويع مصادر الاستيراد، وتسريع التحول للطاقة المتجددة، خاصة في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح.
ولفت إلى أهمية ضبط الأسواق والأسعار، ودعم الفئات المتضررة من ارتفاع أسعار الوقود، مشددا على أن هذه الإجراءات باتت ضرورة للاستقرار الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالاستقرار النقدي، أشاد بسياسات البنك المركزي، مؤكدا أن احتياطيات النقد الأجنبي تمنح الحكومة مرونة كافية، لكنه دعا إلى تنسيق وثيق مع السياسات المالية لمراقبة التضخم.