الغد
ليس جديدًا على جلالة الملك أن يكون الأقرب إلى نبض العمل والإنتاج، لكن زيارة جلالته الأخيرة إلى “بيت الصناعة والصناعيين” جاءت لتؤكد مرة أخرى أن القطاع الصناعي ليس مجرد رافعة اقتصادية، بل هو قلب نابض لهوية الوطن وكرامة العامل ومستقبل الأجيال.
يدرك جلالة الملك، أن الصناعة ليست قطاعًا ثانويًا، بل هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وسلاح الأردن في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. ولهذا نراه يجوب العالم، وعاصمةً عاصمة، حاملاً معه قصة نجاح أردنية تستحق أن تُروى: قصة منتج وطني “صنع في الأردن”، وبعقول أردنية وإدارية لا تعرف المستحيل. الملك يسوّق لمنتجنا الوطني بكل ثقة، ويضع اسم الأردن على طاولة الشراكات الدولية، لكن الدور اليوم انتقل إلينا نحن المصنّعين، والقطاع الخاص، لنثبت أن هذه الثقة في محلّها.
وبالرغم من غياب أو تغييب كامل للقطاعات الصناعية العشرة، إلا أن الزيارة حملت معها رسالة واضحة: أن الدولة ترى في القطاع الصناعي شريكًا كاملًا في التنمية.
هذا التكريم يجب أن يشكّل نقطة انطلاق جديدة، لا محطة توقف. علينا، كصناعيين، أن نُظهر قدرتنا على رفع الجودة، وتوسيع خطوط الإنتاج، والتفكير في أسواق جديدة، وتطوير الابتكار الصناعي. فالعالم يتغير بسرعة، والفرص لا تنتظر.
كما نأمل أن تكون الزيارات الملكية القادمة أكثر قربًا من أرض المصانع نفسها؛ من خطوط الإنتاج التي تشكّل القلب الحقيقي للصناعة. فوجود جلالة الملك في الميدان، بين ماكينات العمل وفرق التشغيل، يحمل أثرًا كبيرًا على الروح المعنوية للعاملين، ويرسل رسالة واضحة عن أهمية كل مصنع وكل قطاع، من الغذاء إلى الدواء، ومن الكيميائيات إلى الهندسة، ومن النسيج إلى التكنولوجيا.
باختصار، زيارة جلالة الملك لبيت الصناعة هي دعوة صريحة للعمل، للحركة، وللمسؤولية المشتركة. فبعد أن حمل الملك المنتج الوطني إلى العالم، جاء دورنا لنحمله نحن إلى مراحل أعلى من الجودة والتنافسية والانتشار. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن أمام فرصة تاريخية لإعادة تشكيل مستقبل الصناعة الأردنية، مستندين إلى دعم ملكي لا يتوقف، وإرادة صناعيين لا تعرف الانكسار.