أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2025

وسط البطالة المتصاعدة.. كيف نحقق التشغيل بسوق يعاني من فجوة الكفاءات؟

 الغد-عبد الرحمن الخوالدة

 في ظل استمرار ارتفاع معدلات البطالة في الأردن التي تجاوزت 21.4 %، بحسب آخر إحصاءات رسمية، تبرز مفارقة مقلقة في سوق العمل المحلي تتمثل بوجود آلاف فرص العمل الشاغرة التي تبقى من دون إشغال، نتيجة غياب العمالة المؤهلة والتدريب الملائم.
ورغم توفر كثير من القطاعات الحيوية، كالصناعات البلاستيكية والحلي والمجوهرات، على الآلاف من فرص العمل، إلا أن نقص الكفاءات المحلية وغياب المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق أمور تبقي هذه الفرص معلقة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد الوطني ضغوطا متزايدة بفعل البطالة وتهديدها للاستقرار الاجتماعي. 
بينما تتجه الحكومة لتحديث برامج التدريب المهني وتفعيل مبادرات التشغيل، يرى خبراء أن معالجة هذه الفجوة تتطلب رؤية شمولية، تشمل تحسين بيئة العمل، وتغيير الصورة النمطية عن المهن، وتعزيز التشبيك بين القطاعات، لضمان استثمار حقيقي في الطاقات البشرية المتاحة بدلا من استمرار هدرها.
وطالب هؤلاء الخبراء، بأهمية توسيع برامج مؤسسة التدريب المهني لتشمل القطاعات كافة، بما فيها القطاع الزراعي، إلى جانب توسيع صلاحيات إدارة التعليم المهني وبرامجها لتشمل قطاعات جديدة وربطها بنظام حوافز لتشجيع الأجيال الناشئة في التوجه إلى التعليم المهني بدلا من الأكاديمي.
وكان مصدر حكومي قد كشف لـ"الغد"، عن وجود نحو 22 ألف فرصة عمل في قطاعات عدة، منها البلاستيك والحلي والمجوهرات، ما تزال شاغرة نتيجة نقص الكوادر المؤهلة في هذه القطاعات، وأكد المصدر ذاته وجود حاجة لتأهيل عمالة محلية من خلال تفعيل أكبر لبرامج التدريب والتشغيل لسد وتأمين متطلبات هذه القطاعات من العمالة الوطنية.
ووفقا للمصدر، يتوفر نحو 12 ألف شاغر وظيفي في قطاع الصناعات البلاستيكية المحلي غير مشغولة، كما يتوفر حوالي 3 آلاف شاغر في قطاع الصياغة غير مشغولة، وذلك نتيجة لغياب الكفاءات والكوادر المدربة للعمل بها.
يذكر أن معدل البطالة في المملكة سجل انخفاضا طفيفا بواقع 0.6 %، خلال الربع الأول من العام الحالي قياسا بالفترة المقابلة من العام الماضي، ليصل إلى 21.4 %، وفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة.
الزيود: العمل جار على تحديث شامل لبرامج مؤسسة التدريب المهني
الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود، بين أن برامج مؤسسة التدريب المهني المعمول بها حاليا تغطي أغلب القطاعات الاقتصادية وترفد سنويا سوق العمل بالآلاف من الكوادر البشرية المدربة والمؤهلة.
وردا له على استفسارات "الغد"، كشف الزيود أن مؤسسة التدريب المهني تقوم حاليا بتحديث شامل لبرامج المؤسسة وأنشطتها لتواكب حاجات سوق العمل الحديثة.
وأوضح الزيود، وجود إقبال ملموس من الشباب الأردني، ذكورا وإناثا، على الالتحاق في برامج مؤسسة التدريب المهني، مما يدل على "تلاشي ثقافة العيب المرتبطة بالعمل مجتمعيا".
 
 
 
 
 
 
وشدد الزيود على أن البرنامج الوطني للتشغيل، يوفر برامج تدريبية وتشغيلية في القطاعات المهنية والاقتصادية كافة، وأن البرنامج متاح أمام الشباب الأردني من الفئة العمرية 18-40 عاما للالتحاق به والاستفادة منه في توفير فرص عمل في القطاع الخاص، حيث يقدم البرنامج دعما لأجور العاملين الذين تشغلهم مؤسسات وشركات القطاع الخاص لديها، على أن تبرم هذه المؤسسات عقدا لمدة سنة مع العامل المراد تشغيله من خلال البرنامج.
ولفت الزيود، أيضا، إلى وجود برامج ومبادرات عدة تنفذها الوزارة لغاية تفعيل وتأهيل العمالة المحلية، منها الفروع الإنتاجية التي تنتشر في ألوية ومحافظات المملكة كافة، حيث يوجد أكثر من 32 فرعا إنتاجيا، وينشط أغلبها في قطاع الألبسة، إذ توفر آلاف فرص العمل للأردنيين. ويضاف إلى ذلك، بحسب الزيود، مبادرة صندوق التنمية والتشغيل، التي توفر نوافذ تمويلية وقروضا ميسرة للمرأة والشباب لتمويل أعمالهم الخاصة وفي القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ضعف برامج التدريب والتشغيل المحلية
من جانبه، قال أمين عام وزارة العمل السابق حمادة أبو نجمة "إن هناك ضعفا في برامج التدريب والتشغيل المحلية، واقتصارها على مهن محددة، مما ينتج عنه أحيانا إهدار لفرص العمل في بعض القطاعات وبقاؤها شاغرة".
وأضاف "الغاية التي أنشئت مؤسسة التدريب المهني من أجلها، كانت ترمي إلى خلق كوادر مؤهلة في القطاعات كافة وسد حاجتها من الشواغر، إلا أن البرامج التدربية التي تقدمها المؤسسة محدودة ولا تغطي جميع القطاعات".
وأوضح أبو نجمة "افتقادنا محليا إلى الدراسات المتخصصة التي ترصد الاحتياجات التشغيلية والمهاراتية للقطاعات المختلفة، مما ينجم عنه فجوة بين حاجات سوق العمل ومهارات الكوادر البشرية، وهذه أحد أسباب ارتفاع نسب البطالة في المملكة".
ويرى أبو نجمة، أن مواجهة مشكلة نقص الكوادر المدربة والحد من فرص العمل المهدرة، تتطلب تنسيق الجهود بين القطاعين العام والحكومي في توسيع القطاعات التي تغطيها برامج مؤسسة التدريب المهني، واستحداث تخصصات تدريبية جديدة، كبرنامج الطعام والشراب الذي دشنته المؤسسة في فترة سابقة وحقق نتائج إيجابية في تشغيل الآلاف من الشباب الأردني في القطاع الفندقي وتأهيل كوادر وطنية مدربة ومختصة في القطاع، إضافة إلى أهمية إنشاء كل قطاع اقتصادي وحدة تدربية وتأهلية خاصة به، إلى جانب عقد شراكات مع الجامعات لطرح برامج تدربية متخصصة للقطاعات كافة.
وبهدف تشجيع الشباب الأردني على الإقبال على العمل محليا بشكل عام، طالب أبو نجمة بأهمية قيام الجهات المعنية بتعديل بيئة العمل في القطاعات كافة وتحسين ظروفها، إضافة إلى معالجة ضعف مشكلة الأجور المنخفضة.
توسع التعليم الجامعي أصل مشكلة البطالة محليا
أكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، أن منظومة التعليم المهني في الأردن يعتريها خلل واضح في قدرتها على خلق كوادر مؤهلة وكافية للقطاعات الاقتصادية كافة، لذا فإن فرص العمل المهدرة في عدد من القطاعات الاقتصادية نتيجة طبيعية لذلك.
وبين عوض أن توسع التعليم الجامعي محليا على مدار السنوات الماضية كان له أثر سلبي على ملء الشواغر في الكثير من القطاعات الاقتصادية التي بقيت تعاني من نقص العمالة الموهلة، معتبرا أن التوسع في التعليم الجامعي أحد أسباب ارتفاع البطالة في المملكة.
وأشار إلى أن البطالة في الأردن تعد بطالة هيكيلة، حيث إنها مرتفعة في قطاعات مقابل انخفاضها في قطاع أخرى، وذلك مرده الخلل البنيوي في سوق العمل المحلي الناجم عن توجه المواطنين إلى التعليم الأكاديمي بصورة أكبر من التعليم المهني.
يذكر أن معدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوما على قوة العمل للمؤهل العلمي نفسه)، بلغ خلال العام الماضي نحو 25.8 %، ووفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة، فإن ما نسبته 59.2 % من إجمالي المتعطلين عن العمل في المملكة هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى.
وبغية التغلب على فرص العمل المهدرة في عدد من القطاعات الاقتصادية، طالب عوض بوجوب تعزيز مؤسسة التدريب المهني علاقتها مع مؤسسات القطاع الخاص، ولا سيما مؤسسات الأنشطة الاقتصادية الفرعية، إضافة إلى طرح برامج تدريبية جديدة، بما فيها في برامج مختصة بقطاع الزراعة، إلى جانب توسيع صلاحيات إدارة التعليم المهني وبرامجها لتشمل قطاعات جديدة وربطها بنظام حوافز لتشجيع الأجيال الناشئة في التوجه إلى التعليم المهني بدلا من الأكاديمي.
دعوات لدراسة الفجوة القائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي منير دية، أن قضية فرص العمل المهدرة باتت تمثل تحديا جديا في ظل ارتفاع معدلات البطالة، التي تجاوزت 21.4 % وفقا لآخر إحصائيات دائرة الإحصاءات العامة، مشيرا إلى أن عدد العاطلين عن العمل في الأردن يفوق 460 ألف شخص، وهو ما يعكس حجم الضغط على سوق العمل الوطني. 
وأوضح دية أن هذا الواقع يتطلب مقاربة شاملة لدراسة الفجوة القائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، خصوصا في القطاعات التي تعاني من نقص في العمالة المدربة والمؤهلة. ودعا إلى البدء بمعالجة هذه الفجوة من خلال إدماج التدريب المهني في مراحل مبكرة من التعليم، بدءا من المدارس الثانوية وصولا إلى الكليات والمعاهد التقنية المتخصصة، لضمان جاهزية الشباب للانخراط في سوق العمل.
وأشار إلى أن وجود أكثر من 22 ألف فرصة عمل مهدرة في قطاعات حيوية، كالصناعات البلاستيكية والصياغة وغيرها، يستوجب تكثيف الجهود لتسويق هذه الفرص للشباب، سواء من حيث الرواتب أو الميزات الإضافية، والعمل على تحسين الصورة النمطية المرتبطة ببعض المهن.
وأكد دية، ضرورة تقديم حوافز ملموسة للعمال الأردنيين العاملين في هذه القطاعات، كالدعم المالي المباشر، وتسهيلات في الضمان الاجتماعي، إضافة إلى منح امتيازات لأصحاب العمل لتشجيعهم على توظيف العمالة المحلية. كما شدد على أهمية التنسيق بين وزارة العمل والقطاع الخاص لإطلاق حملات توعوية واسعة النطاق تهدف إلى توجيه العاطلين عن العمل نحو هذه الفرص، وتغيير الثقافة المجتمعية حيال بعض المهن.
وشدد دية، على أن حل أزمة البطالة لا يكون فقط بخلق فرص جديدة، بل أيضا من خلال استثمار الفرص المتاحة حاليا وتوجيه الطاقات البشرية نحوها بشكل مدروس ومدعوم بسياسات حكومية واضحة.