صندوق خريجي التدريب المهني.. هل ينجح بتمكين الشباب اقتصاديا وإيجاد فرص واعدة لهم؟
الغد-هبة العيساوي
في خطوة تسعى لتعزيز التمكين الاقتصادي للشباب، برزت دعوات لتأسيس صندوق يهدف لدعم خريجي معاهد التدريب المهني بتأسيس مشاريع صغيرة يديرونها، كوسيلة للانتقال من مرحلة التدريب إلى التشغيل الذاتي.
ورأى خبراء أن مثل هذا التوجه، يحمل فرصًا واعدة لتوفير دخل مستقر للخريجين، وتحريك عجلة الاقتصاد، بخاصة في المناطق التي تعاني من محدودية فرص العمل. مشددين في الآن ذاته، على أهمية تنفيذ هذه المبادرة عبر الجهات التي تملك خبرة وبنية تحتية جاهزتين، تفاديًا للكلف الإدارية والتشغيلية الزائدة.
كما أكدوا ضرورة تكامل الدعم التمويلي مع مسارات تدريبية شاملة، تزوّد المتدرب بمهارات فنية وإدارية قبل الشروع بإنشاء المشروع. معتبرين التدريب المنتهي بفرصة عمل، المبني على شراكة فعلية مع القطاع الخاص، خيارًا حيويًا موازياً يعزز فرص التوظيف، في إطار منظومة تدريب مهني مرنة، تلبي احتياجات القطاعات المختلفة وتراعي الفروق الفردية والبيئية.
وزير العمل د. خالد البكار، أعلن عن نية الحكومة إصدار نظام صندوق لدعم خريجي معاهد التدريب المهني، خلال لقاء له في منتدى التواصل الحكومي، بين فيه أن الصندوق يهدف لتمكين الشباب من مشاريع يديرونها بأنفسهم، لتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم.
فرصة ذهبية للتمكين
وفي هذا السياق، قال مدير عام مؤسسة التدريب المهني السابق زياد عبيدات، إن المكان الأمثل لتنفيذ هذه المبادرة، هو صندوق التنمية والتشغيل القائم حاليًا، فـ"الفكرة التي تحدث عنها رئيس الوزراء بشأن تمكين خريجي التدريب المهني عبر تمويل مشاريعهم، كبيرة وواعدة، وفرصة ذهبية لتمكينهم، وتحويل الطموحات إلى واقع، وذات أثر بالغ عليهم وعلى عائلاتهم".
وأضاف "لكن فيما يتعلق بآلية التنفيذ، أرى أن صندوق التنمية، الجهة الأكثر جاهزية، لأنه يملك تشريعات نافذة، وبنية تحتية ومجلس إدارة فاعل، وكوادر فنية وإدارية، ولديه خبرة طويلة بإدارة النوافذ التمويلية"، مضيفا أنه "يجب الابتعاد عن إصدار نظام جديد أو إنشاء صندوق جديد لهذه الغاية، لأن ذلك سيترتب عليه كلف إدارية وتشغيلية وبنى تحتية إضافية نحن بغنى عنها. والأفضل فتح نافذة تمويلية مخصصة لهذه الغاية داخل صندوق التنمية، وتحديد مبلغ مالي مناسب، ووضع تعليمات ومعايير محددة لدعم خريجي مؤسسة التدريب المهني".
وأضاف انه سيكون لهذه المبادرة أثر حقيقي إذا ما فعلت بالشكل الصحيح، وهي فرصة لدعم المشاريع الصغيرة، وتوفير فرص عمل للشباب وزيادة دخلهم.
خطوة لتمكين الشباب
رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة قال إن "الصندوق خطوة لتمكين الشباب وتوفير مسارات متعددة لهم بعد انتهاء فترة تدريبهم"، موضحًا بأن الصندوق إذا ما نشأ برؤية متكاملة، فيمكن أن يكون رافعة حقيقية لمساعدة الخريجين على الانتقال من التدريب إلى التشغيل الذاتي، عبر دعمهم بتأسيس مشاريع صغيرة يديرونها هم، بما يضمن لهم مصدر دخل مستقر ويسهم بتحريك عجلة الاقتصاد، بخاصة في المناطق التي تعاني من محدودية فرص العمل.
وأضاف أبو نجمة، أن أهمية الصندوق لا تكمن فقط بتقديم التمويل بعد التخرج، بل ويمكن أن يتطور دوره مستقبلاً ليصبح جزءًا من مسار تدريبي متكامل، بحيث يُخصص له برنامج تدريبي للراغبين بإنشاء مشاريعهم الخاصة، ويزود المتدرب خلاله بالمهارات الفنية والإدارية لريادة الأعمال، على أن يكون دعم الصندوق، المرحلة الأخيرة في هذا المسار، بما يضمن الجاهزية والجدوى للمشاريع المقترحة.
وضوح المسارات وتكاملها
وأشار إلى أن المسار الآخر والأكثر شمولًا، هو مسار التدريب المنتهي بفرصة عمل، ويُبنى على شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، ويُخطط له بالتنسيق مع أصحاب العمل، بحيث تُحدد احتياجاتهم المسبقة، وتُصمم البرامج التدريبية وفقًا لها. مبينا أن هذا النوع من التدريب يضمن توظيف المتدرب مباشرة بعد تخرجه بوظائف لائقة ومستقرة، وهو مسار حيوي وأساسي لمعالجة البطالة من جذورها، بشرط توفير مراكز تدريب حكومية مؤهلة، وتمويل مستدام لهذا النمط من البرامج.
وأكد أبو نجمة ضرورة أن تكون لدينا منظومة تدريب مهني متكاملة وفعالة، تأخذ بالاعتبار أن ليس جميع الخريجين يتجهون للخيار نفسه، بل تختلف التوجهات والفرص حسب القطاع والموقع الجغرافي والميول الفردية، موضحًا بأن أهمية هذه المنظومة وجدواها، تكمن بالتخطيط المسبق، بحيث يُتاح للمتدرب من البداية اختيار البرنامج الأنسب له، أكان برنامجًا تدريبيًا ينتهي بفرص عمل، أو برنامجًا تدريبيًا مخصصًا لإنشاء مشروع ريادي مدعوم من الصندوق.
وأضاف إن نجاح هذه المبادرات، لا يعتمد فقط على وجود التمويل أو البرامج، بل على مدى وضوح المسارات وتكاملها، وقدرتها على توجيه الشباب للخيارات الأنسب لهم، مؤكدًا ضرورة أن تكون هناك سياسة وطنية تعلي من قيمة التدريب المهني وتربطه بفرص واقعية، تمكن الشباب من بناء مستقبلهم على أسس إنتاجية، أكان عبر وظيفة مستقرة أو مشروع ناجح.
تأهيل الشباب بقدراتهم الشخصية
رئيس لجنة العمل النيابية معتز أبو رمان، قال إن هذا الصندوق، يجب أن يركز على تأهيل الشباب بقدراتهم الشخصية، بتطوير مهاراتهم الفنية ومنحهم شهادات مزاولة لمهن يتدربون عليها، تمهيدًا لتمكينهم من إنشاء مشاريع صغيرة، ترتبط بتخصصاتهم المهنية، وليس فقط بمشاريع تشغيلية تقليدية موجهة للقطاعات الخدمية أو التجارية.
وأشار أبو رمان لأهمية توسيع مفهوم التدريب المهني ليشمل التدريب التقني، كتعلم لغات البرمجة والتطبيقات الرقمية، مؤكدًا ضرورة شمول الصندوق لمقترح دعم مشاريع التدريب المهني، والتقني على حد سواء، لأهمية ذلك بتلبية احتياجات السوق الحديث.
ولفت إلى أن توجه وزارة العمل لإنشاء مرصد عمالي وآخر لقطاعات العمل، خطوة مهمة لدراسة شاملة لاحتياجات السوق ومخرجات التعليم، داعيا للتنسيق مع الجهات المعنية كوزارة التعليم العالي، وهيئة الضمان، وإدارة الجودة، لضمان مواءمة التعليم مع متطلبات سوق العمل.
وأكد أبو رمان، أن السوق المحلي بحاجة ملحة لعمالة مهنية مدربة ومؤهلة بشهادات رسمية، خصوصًا في ظل وجود نسبة كبيرة من العمالة الوافدة التي تهيمن على هذه القطاعات، داعيًا لتنظيم السوق عبر دعم مشاريع مهنية تشغيلية حقيقية، تُسهم بإحلال العمالة الأردنية بدلًا من الوافدة، مشددًا على دعم اللجنة لهذا التوجه الحكومي.