أصبح مصطلح التمويل الأخضر (Green Finance) منتشراً على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم ومرتبطاً بمصطلح الاقتصاد الأخضر (Green Economy) وذلك لأثره الكبير والهام في تحقيق التنمية المستدامة والحد من مخاطر التغير المناخي والاحتباس الحراري والحفاظ على البيئة.

إن التطور التكنولوجي والنمو المتسارع للتقدم الصناعي أدى إلى ظهور العديد من المشاكل البيئيةمنها زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وإزالة الغطاء النباتي، وارتفاع حرارة الأرض والتي أدت إلى استنزاف الموارد الطبيعية، مما شكل تحدياً كبيراً أمام العالم والدول الصناعية الكبرى وظهرت الحاجة الى ترشيد التعامل مع البيئة والمحافظة على استدامتها، ونتيجة لذلك بدأت معالم الاقتصاد الأخضر في الظهور كأحد النماذج الحديثة للتنمية الاقتصادية، ويقصد به الاقتصاد الذي يعزز النمو والتنمية المستدامة دون الإضرار بالبيئة وذلك من خلال إعتماد أنشطة صناعية واقتصادية صديقة للبيئة والعمل على استخدام الموارد الطبيعيةبكفاءة، وهذا ما دعا إليه اتفاق باريس للمناخ عام 2015 .

ومن هنا ظهر مصطلح التمويل الأخضر كآلية تمويل جديده تستهدف النمو الاقتصادي، وتحقق أبعاد التنمية المستدامة من خلال توجيه المنتجات والخدمات المالية كالقروض والسندات والاستثمارات والتأمين نحو تمويل المشاريع الصديقة للبيئة، حيث عرفت مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التمويل الأخضر على أنه « مختلف الاستثمارات والقروض التي تمول المشاريع الصديقة للبيئة والهادفة لحماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية».

من ناحية أخرى، يسلط تقرير حديث صادر عن المفوضية العالمية للاقتصاد والمناخ الضوء على أن التحوّل إلى نهج مستدام منخفض الكربون للنمويمكن أن يؤدي إلى ازدهار اقتصادي يبلغ 26 تريليون دولار حتى عام 2030، ويساعد على توفير أكثر من 65 مليون فرصة عمل جديدة. حيث بينت الدراسات الحديثة أن للتمويل الأخضر أثر إيجابي على النمو الاقتصادي، وتعتبر الصين من الدول الرائدة في الاقتصاد الأخضر وتعمل باستمرار على زيادة الوعي بالمخاطر البيئية حيث وضع البنك المركزي الصيني مجموعة من المبادئ التي تهدف إلى تعزيز الاعتماد على التمويل الأخضر، مما أدى الى تعزيز النمو الاقتصادي الصيني بشكل واضح.

ومن جهة أخرى تسعى الدول العربية جاهدة إلى السير نحو الاقتصاد الأخضر والاهتمام بحماية البيئة واعتماد التمويل الأخضر إلى جانب التمويل التقليدي بهدف توجيه الائتمان نحو المشاريع الصديقة للبيئة والتشجيع عليها، وتعتبر دولة قطرمن الدول التي قامت بطرح العديد من المبادرات في مجال تعزيز الاقتصاد الأخضر لديها، حيث تتوسع البنوك القطرية في مجال التمويل الأخضر من خلال دمج عنصر الاستدامة في سياساتها الائتمانيةوتقديم قروض وتسهيلات مصرفية للمشاريع الصديقة للبيئة وتقدم قروض خاصة للمركبات الكهربائية والهجينة مع العديد من الامتيازات لمكافأة العملاء الذين يختارون خيارات صديقة للبيئة، بالإضافة الى برنامج قروض الإسكان (الرهن الأخضر) والذي يقدم أسعار فوائد منخفضة للمنازل التي يتم اعتمادها على أنها منازل موفرة للطاقة وصديقة للبيئة بالإضافة الى التسهيلات المصرفية المقدمة للطاقة المتجددة.

وفي الأردن تعتبر الإستدامة ركيزة أساسية لرؤية التحديث الاقتصادي للمملكة والتي ستساهم في النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة من خلال التحول نحو الاقتصاد الأخضر، كما قامت جمعية البنوك الأردنية بتشكيل لجنة «التمويل الأخضر» وذلك بهدف تعزيز وترويج مفهوم التمويل الأخضر وزيادة الوعي والمعرفة به لدى البنوك العاملة في المملكة، ومن المنتظر أن يطلق البنك المركزي الأردني استراتيجيته للتمويل الأخضر وإدارة المخاطر البيئية في الاردن قريباً والتي ستعزز من اعتماد التمويل الأخضر في الأردن.