من التنافسية العالمية إلى مرونة الاستجابة وجودة الحياة، مرورا بريادة الأعمال والتنمية البشرية، واصل الاقتصاد الأردني تقدمه على خريطة المؤشرات الاقتصادية الدولية رغم ما تتسم به البيئة الدولية من تقلبات وتحديات. 

 

 

وتزامن هذا الحراك مع تحسن ملحوظ في معظم مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال النصف الأول من العام، ما يعكس بداية ملموسة لثمار الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها المملكة في السنوات الأخيرة. 

وكشف تحليل أجرته الـ"الغد"، لمجموعة من المؤشرات الدولية، تقدم الأردن في مجموعات كبيرة من المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن أبرز المؤسسات الاقتصادية والبحثية العالمية.

تنافسية ترتقي وإن كانت بهامش ضيق

 وحل الأردن في المرتبة 47 عالميا في تقرير تصنيف التنافسية العالمية لعام 2025، ليسجل بذلك أفضل ترتيب له ضمن هذا التصنيف. 

ووفقا لنتائج التقرير الخاص بالمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، والذي رصدته الـ"الغد"، تقدم الأردن في تصنيف العام الحالي بمقدار درجة واحدة عن العام الماضي. 

 ويغطي التصنيف أربعة مؤشرات فرعية، وهي مؤشر الأداء الاقتصادي، ومؤشر كفاءة الحكومة، إضافة لمؤشر كفاءة الأعمال، إلى جانب مؤشر البنية التحتية. 

وحول نتائج المؤشرات الفرعية للتصنيف، أظهرت النتائج أحراز الأردن تقدما بدرجة واحدة على مستوى مؤشر كفاءة الأعمال ليتقدم إلى المركز الـ33 قياسا بالمركز الـ34 العام الماضي، بحصده 55.3 نقطة مئوية. 

وفي ما يتعلق بالمؤشر الفرعي البنية التحتية، تقدم ترتيب المملكة في تصنيف العام الحالي 3 درجات ليحل في المركز 52 عالميا مقارنة بالمركز 55 العام الماضي، بتحقيقه 34.5 نقطة مئوية. 

وبالانتقال إلى المؤشر الفرعي الأداء الاقتصادي، تراجع ترتيب الأردن في التصنيف الجديد 3 مراكز، بحلوله في المركز 65 عالميا، بحصده 33.9  نقطة مئوية. 

وعلى صعيد المؤشر الفرعي كفاءة الحكومة، تراجع ترتيب المملكة في تصنيف عام 2025، بدرجتين قياسا بالعام الماضي، ليحل في المرتبة 39 عالميا، بحصده 51.6 نقطة مئوية.  

تقدم ملموس في مرونة الاستجابة العالمي

وفي مؤشر مرونة الاستجابة العالمي تقدم الأردن 5 مراتب عالمية بالمؤشر العام الحالي "2025resilience index"، ليصل إلى الترتيب 67 من أصل 130 دولة، متقدما من  المرتبة 72 العام الماضي.

وتشير الأرقام إلى أن الأردن تحسن أداؤه في مؤشر مرونة الاستجابة بين 2024-2025، مسجلا ارتفاعا بقيمة 4.3 درجة ليصل إلى 57.8 % مقابل 53.3 % العام الماضي 2024.

وفي ما يتعلق بأداء الأردن في مؤشرات الاستجابة اللازمة الكلية والمادية، أظهرت البيانات، إلى إنه تم تحقيق نتائج جيدة في المؤشرات المادية وصلت لقرابة 70.7 % في 2025، إذ يعود ذلك إلى تقدم الأردن بالمؤشرات المتعلقة بالأمن السيبراني والتعرض للتغيرات المناخية، أما المؤشرات ذات البعد الاقتصادي الكلي فكانت أقل من المادية وبقيمة بلغت 55.5 % في 2025، بسبب انخفاض نسبة الإنفاق على الصحة والتعليم ومستوى الخدمات اللوجستية.

كما يشير تحليل بيانات مؤشرات البعد الاقتصادي الكلي عام 2025، إلى أن الأردن قد حقق أداء متميزاً في عدد من المؤشرات ومن أبرزها مؤشرات مكافحة التضخم، حيث سجل درجة بلغت 99.7 %، وجاء الأردن في مجال مكافحة التضخم بالترتيب العالمي 31 من أصل 130 دولة.

جودة الحياة.. تحسن بطيء في بيئة ضاغطة

تقدم الأردن إلى المرتبة 56 عالميا من بين 88 دولة ضمن مؤشر جودة الحياة للعام الحالي، مقارنة مع المرتبة 57 العام الماضي، ليحل بذلك في المرتبة السادسة عربيا.

وأظهر المؤشر الذي تصدره مؤسسة (Numbeo) العالمية للأبحاث والدراسات الإحصائية، مؤخرا، أن مستوى جودة الحياة في الأردن يصنف على أنه معتدل، إذ بلغ عدد النقاط التي تمكن من حصدها في مؤشر العام الحالي نحو 125 نقطة مئوية.

وتعنى مؤسسة (Numbeo) في توفير قاعدة بيانات شاملة وموثوقة لصانعي السياسات والشركات وللأفراد والشركات حول تكلفة المعيشة ونوعية الحياة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية عبر المدن والبلدان في جميع أنحاء العالم، بما يمكن صانعي السياسات والشركات من اتخاذ القرار القائم على البيانات، وتمكين الأشخاص من اتخاذ خيارات مستنيرة حول مكان العيش أو العمل أو الاستثمار أو السفر.

ويرصد مؤشر جودة الحياة مجموعة واسعة من المؤشرات الفرعية المتعلقة بالملاءمة المالية وتكلفة الإنفاق المعيشي، والرعاية الصحية ومستوى الأمن وكفاءة النقل العام والتلوث وغيرها.

ريادة الأعمال.. قصة نجاح وسط التحديات

وأظهر تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM) لعام 2025 تقدم الأردن الملحوظ في مجال ريادة الأعمال، حيث احتل المركز الـ18 على مستوى 56 اقتصادا عالميًا مشاركًا، محتفظًا بالمركز الثاني عربيًا بين الدول المشاركة.

وجاء التقرير ليؤكد ارتفاع مؤشر النشاط الريادي المبكر (TEA) بنسبة تقارب 34 % في 2024، ما يعكس تزايدًا واضحًا في تأسيس الشركات الناشئة وديناميكية السوق. كما حافظ الأردن على موقعه المتقدم في مؤشر تملك الأعمال القائمة (EBO)، ما يشير إلى استدامة ملحوظة للمشاريع الريادية.

وسجلت البيئة الوطنية لريادة الأعمال تحسنًا في عدة محاور رئيسة، منها سهولة الحصول على التمويل، تطوير البنية التحتية، تبسيط الإجراءات الضريبية، وتعزيز التعليم الريادي في المدارس والمؤسسات التعليمية. ولافتًا شهدت مشاركة النساء في النشاط الريادي ارتفاعًا ملحوظًا، مما يعكس تحسّنًا في فرص الريادة النسائية.

ويعد هذا التقدم إشارة إيجابية على جهود الأردن في دعم بيئة الأعمال وتحفيز الشباب ورواد الأعمال نحو الابتكار والنمو المستدام.

التنمية بشرية.. ثابتة بمكاسب بطيئة

إلى ذلك أحرز الأردن تقدما ملموسا في تقرير التنمية البشرية لعام 2025 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث سجل قيمة 0.754 على مؤشر التنمية البشرية، مقارنة  بـ0.736 في التقرير السابق، ما يعكس تحسنا واضحا في مؤشرات التعليم والصحة والدخل.

وبحسب التقرير، الذي صدر في 6 أيار(مايو) 2025 تحت عنوان "مسألة اختيار: الناس والفرص في عصر الذكاء الاصطناعي"، احتل الأردن المرتبة 100 من أصل 193 دولة، ليحافظ على ترتيبه في العام الماضي، ما يشير إلى استقرار نسبي في موقع المملكة على السلم العالمي للتنمية البشرية.

ويعتمد التقرير على ثلاثة أبعاد أساسية: متوسط العمر المتوقع، سنوات التعليم، ونصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، حيث شهدت المؤشرات الفرعية في الأردن تحسنًا عاماً يعكس جهودًا متواصلة في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وتأتي هذه النتائج في وقت تسعى فيه المملكة لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخطط تحسين جودة الحياة، وسط تحديات إقليمية واقتصادية مستمرة.

مؤشرات الاقتصاد المحلي تعزز صورة التقدم في المؤشرات الدولية 

وترافق هذا التقدم الدولي للاقتصاد الأردني في المؤشرات الدولية، مع أداء محلي مشجع لأغلب المؤشرات المحلية خلال  النصف الأول من العام الحالي، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام الحالي بما نسبته 2.7 %، قياسا مع الربع ذاته من العام الماضي. 

كما ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الأول من عام 2025 بما بنسبة 14.3 %، مقارنة مع ذات الفترة من 2024. 

القطاع السياحي بدوره واصل انتعاشه، حيث ارتفع الدخل السياحي بنسبة 15.7 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي مقارنة مع الفترة المقابلة، ليصل إلى 3.056 مليار دينار. 

من جانبه ارتفعت الصادرات الكلية بنسبة 10.6 % خلال الثلث الأول من 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، لتبلغ قيمتها 2.752 مليار دينار. 

كما سجلت تحويلات الأردنيين في الخارج  ارتفاع في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 3 % قياسا بذات الربع من العام الماضي، ليصل الإجمالي إلى 889.1 مليون دولار، مما عزز من تدفق العملات الأجنبية.

بدورها، احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية هي الأخرى بلغت مستوى تاريخيا عند 22.8 مليار دينار، تكفي لتغطية 8.8 شهر من المستوردات.

وأخيرا، لأول مرة منذ فترة شهدت معدلات البطالة تراجعا طفيفا بنسبة 0.5 نقطة مئوية خلال الربع الأول، لتصل إلى 21.4 %.