أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Aug-2024

إستراتيجيات التنمية المستدامة والسياسة العامة الأردنية*د. حسن عبد الله الدعجة

 الغد

تعد التنمية المستدامة أحد أهم الأولويات التي تسعى الحكومات لتحقيقها لضمان رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية. في الأردن، يُنظر إلى التنمية المستدامة باعتبارها هدفاً استراتيجياً يتطلب تنسيقاً وثيقاً بين السياسات العامة والموارد المتاحة، مع مراعاة التحديات البيئية، الاقتصادية، والاجتماعية التي تواجه المملكة. يركز هذا المقال على استراتيجيات التنمية المستدامة في الأردن، والتحديات التي تعترض طريق تحقيقها، والجهود المبذولة لتحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي والاستدامة البيئية والاجتماعية.
 
 
تعرف التنمية المستدامة في السياسة العامة الأردنية: بأنها عملية تطوير اقتصادي واجتماعي تلبّي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة. في السياق الأردني، تعكس السياسات العامة التزاماً بتطبيق هذا المفهوم، مع التركيز على تحسين جودة الحياة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وحماية البيئة.
 
تبنت الحكومة الأردنية المتعاقبة مجموعة من الاستراتيجيات والمبادرات التي تهدف إلى دمج مبادئ التنمية المستدامة في خططها وبرامجها الوطنية. ومن أبرز هذه الجهود، رؤية الأردن الملكية  2025، التي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وتتمحور استراتيجيات التنمية المستدامة في الأردن حول عدة محاور رئيسية، تهدف إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. 
من أهم هذه الاستراتيجيات التي يهدف الأردن من خلالها إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر من خلال تبني سياسات تدعم الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، وتشجع على الاستثمار في القطاعات البيئية مثل الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة. 
تسعى هذه السياسات إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق كفاءة في استخدام الموارد، مما يسهم في تحسين جودة البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي.
كما يُعَد التعليم من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة. وركزت السياسات العامة في الأردن على تطوير النظام التعليمي بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتطوير المناهج الدراسية لتعزيز الوعي البيئي والاجتماعي لدى الطلاب. كما أُطلقت مبادرات لبناء قدرات الأفراد في المجالات التي تدعم التنمية المستدامة، مثل التكنولوجيا والابتكار.
كما يمثل تمكين المرأة والشباب جزءاً أساسياً من استراتيجية التنمية المستدامة في الأردن. تم اتخاذ خطوات مهمة لتعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد والسياسة، بالإضافة إلى توفير فرص تدريب وتشغيل للشباب. تهدف هذه الجهود إلى خلق مجتمع أكثر عدالة وشمولية، حيث يتمكن الجميع من المساهمة في التنمية.
وفي الوقت الذي يعتبر الأردن من أكثر الدول ندرة في الموارد المائية، مما يجعل إدارة المياه جزءاً حيوياً من استراتيجية التنمية المستدامة. تعمل الحكومة على تنفيذ مشاريع لتحسين كفاءة استخدام المياه، وتطوير البنية التحتية للمياه، بما يضمن توفير هذه الموارد للأجيال القادمة.
كما تمثل التكنولوجيا والابتكار محركين رئيسيين للتنمية المستدامة في الأردن. وتدعم السياسات العامة الاستثمار في البحث والتطوير، وتشجيع الابتكار في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والصناعة، مما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني.
لكن هناك تحديات تواجه التنمية المستدامة في الأردن على رغم الجهود المبذولة، تواجه التنمية المستدامة في الأردن مجموعة من التحديات التي تعيق تحقيق أهدافها بالكامل. ومن أبرز هذه التحديات، أن الأردن يعاني من محدودية الموارد الطبيعية، وخاصة المياه والطاقة، مما يشكل ضغطاً كبيراً على جهود التنمية. يتطلب التعامل مع هذه التحديات تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة الموارد بشكل مستدام، وتحقيق التوازن بين الطلب المتزايد والموارد المتاحة.
كما يُعد التغير المناخي تهديداً كبيراً للتنمية المستدامة في الأردن. فيؤثر التغير المناخي على الموارد المائية والزراعية، ويزيد من حدة التحديات البيئية، مما يستدعي اتخاذ إجراءات فورية للتكيف مع هذه التغيرات وتقليل تأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.
ويشكل النمو السكاني السريع تحدياً إضافياً، حيث يزيد من الطلب على الموارد والخدمات الأساسية. ويتطلب هذا الوضع تطوير سياسات سكانية تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية، وضمان توفير الخدمات الأساسية للجميع.
ورغم التحسن النسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية، إلا أن البطالة والفقر ما يزالان من التحديات الكبرى التي تواجه الأردن. وتؤثر هذه المشكلات بشكل مباشر على استدامة التنمية، حيث تعيق قدرة المواطنين على المشاركة الفعالة في الاقتصاد وتساهم في تفاقم الفجوات الاجتماعية.
ويشكل التمويل تحدياً كبيراً في تنفيذ مشاريع التنمية المستدامة. اذ تحتاج الحكومة إلى موارد مالية كبيرة لتمويل هذه المشاريع، والتي قد تكون محدودة بسبب الظروف الاقتصادية العالمية والإقليمية. يتطلب هذا الوضع البحث عن مصادر تمويل بديلة، مثل الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية.
وفي ذات الوقت هناك جهود الحكومة الأردنية لمواجهة التحديات، فتبذل الحكومة الأردنية جهوداً كبيرة لمواجهتها وضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة. من بين هذه الجهود فيدرك الأردن أهمية التعاون الدولي في تحقيق التنمية المستدامة، لذا يسعى لتعزيز شراكاته مع المنظمات الدولية والدول المانحة. تستفيد المملكة من الخبرات والمساعدات الدولية في تنفيذ مشاريع التنمية، خاصة في مجالات المياه والطاقة والتعليم.
كما تعمل الحكومة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وزيادة الاستثمارات. تشمل هذه الإصلاحات تحسين الإطار القانوني والتنظيمي، وتبسيط الإجراءات الإدارية، مما يسهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وتشجع الحكومة الأردنية على تعزيز المشاركة المجتمعية في عملية صنع القرار، من خلال إشراك المواطنين في وضع السياسات وتحديد الأولويات. هذه الخطوة تسهم في زيادة الوعي بأهمية التنمية المستدامة، وتساعد في تحقيق توافق مجتمعي حول القضايا الحيوية.
وضعت الحكومة خططاً استراتيجية طويلة الأجل لتحقيق التنمية المستدامة، مثل رؤية الأردن 2025. تستند هذه الخطط إلى تحليل دقيق للتحديات والفرص، وتضع أهدافاً واضحة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، مع الحفاظ على البيئة.
وتدرك الحكومة الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في مواجهة التحديات، لذا تشجع على تبني التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات. من خلال دعم الابتكار، تسعى الأردن إلى تحقيق قفزات نوعية في مجالات مثل الطاقة المتجددة والزراعة الذكية، مما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
اخيرا، تعتبر التنمية المستدامة في الأردن هدفاً استراتيجياً يتطلب تنسيقاً وثيقاً بين السياسات العامة والموارد المتاحة. على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه المملكة، فإنها تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف، من خلال استراتيجيات متعددة تشمل الاقتصاد الأخضر، والتعليم، وتمكين المرأة والشباب، وإدارة الموارد المائية، والتكنولوجيا والابتكار.
إن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب مواصلة الجهود وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات، مع التركيز على مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. الحكومة الأردنية ملتزمة بتحقيق هذا الهدف من خلال السياسات المتكاملة والتخطيط الاستراتيجي، الذي يضمن تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية الموارد الطبيعية، وبناء مجتمع أكثر عدالة واستدامة.
في نهاية المطاف، فإن النجاح في تحقيق التنمية المستدامة في الأردن سيعتمد على قدرة المملكة على التكيف مع التغيرات العالمية والإقليمية، والالتزام بتعزيز التعاون الدولي والمحلي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تضمن مستقبلاً مشرقاً للأجيال القادمة.