الغد- إيمان الفارس
مع اقتراب الموسم المطري 2025-2026، تبرز أهمية الدور الذي تضطلع به لجنة سلامة السدود التابعة لسلطة وادي الأردن، باعتبارها جهة فنية رقابية تتقدم الصفوف بضمان الجاهزية المائية، لا سيما في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها المملكة في قطاع المياه.
ففي تصريحاته لـ "الغد"، أكد الأمين العام لسلطة وادي الأردن م. هشام الحيصة، مباشرة اللجنة أعمالها بالتعاون مع اللجنة الوطنية للسدود، في خطوة استباقية تهدف للكشف على سلامة منشآت السدود والتأكد من قدرتها على استقبال كميات الأمطار المتوقعة.
وقال الحيصة إنه من المنتظر أن تصدر اللجنة تقريرها الفني مع نهاية الشهر الحالي، وهو ما يعكس التزاما مؤسسيا بالتخطيط المسبق والإدارة الفعالة للموارد المائية.
وعادة ما يتم رفع توصيات اللجنة قبل بداية الموسم المطري للمحافظة على ديمومة وفعالية السدود كافة القائمة في جميع أنحاء المملكة وجاهزيتها في المواسم المطرية والفيضانات المتوقعة، إلى جانب استمرار التعاون الفاعل مع مركز العمليات والسيطرة الرئيسي في مركز الوزارة، وكذلك مركز إدارة الأزمات والجهات المعنية، للتأكد من سلامتها وجاهزيتها لتخزين المياه في المواسم المطرية والفيضانات.
ويستبشر مواطنون خيرا بالموسم الشتوي الذي يشارف على البدء، عقب تفاقم تحديات قطاع المياه وارتفاع الطلب الكبير تزامنا مع ظروف ارتفاع درجات الحرارة.
وتعد السدود من أهم المرافق المائية الفاعلة في قطاع المياه كونها ذات أهمية إستراتيجية، خاصة لما تعانيه المملكة من محدودية الموارد المائية وشح تغذيتها نتيجة لتناقص وتذبذب معدل هطول الأمطار خلال السنوات الأخيرة، وتزايد الطلب على المياه في ظل الازدياد السكاني المطرد وانتعاش الحياة الاقتصادية في مختلف المجالات.
وتقوم لجنة سلامة السدود، بشكل سنوي، بمهامها للتأكد من جاهزية السدود في مطلع كل موسم شتوي، حيث تعمل على التأكد من جاهزية أجهزة تشغيل كل سد، والتأكد من القراءات الدورية التي تم رصدها خلال الفترات الماضية، لتقييمها والتأكد من استقرارية منشأة السد، إضافة للتأكد من جميع المعدات الهيدروميكانيكية الخاصة بتصريف المياه وجاهزية بحيرة السد لاستقبال الموسم المطري المقبل.
ويعتمد الأردن بموارده المائية بشكل رئيس على الأمطار، التي تتفاوت من منطقة لأخرى، حيث تلعب التضاريس دورا مهما في توزيع الهطول المطري.
فالسدود في الأردن لم تعد مجرد بنى تحتية، بل تحولت لمكونات إستراتيجية تمس الأمن المائي والاقتصادي في آن معا، خصوصا في بلد يعاني من شح الموارد المائية وتزايد الطلب بفعل النمو السكاني والتوسع العمراني والاقتصادي.
وتأتي أعمال لجنة السلامة لتدعم هذا الدور، عبر التحقق من استقرار المنشآت المائية وصلاحية معداتها، ما يضمن استدامة السدود في مواجهة الفيضانات وتقلبات المناخ.
وتتمثل مهمة اللجنة في التأكد من جاهزية أنظمة التشغيل في كل سد، وفحص المعدات الهيدروميكانيكية، وتحليل القراءات الدورية لرصد أي تغيرات في استقرارية جسم السد.
ففي السنوات الأخيرة، شهدت المملكة تراجعا ملحوظا بمعدلات الهطول المطري، ما زاد الضغط على السدود كمصدر رئيس لتغذية المياه الجوفية وتوفير مياه الري والشرب.
ومع تضاعف الطلب نتيجة التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، فإن الاستعداد المبكر لموسم الأمطار ليس رفاهية، بل ضرورة تمليها الظروف البيئية والمناخية والاقتصادية.
واللافت في عمل لجنة سلامة السدود هو الشراكة والتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة، كوزارة المياه والري، ومركز إدارة الأزمات، ومركز العمليات والسيطرة، بما يعزز من فعالية الاستجابة السريعة لأي طارئ، ويرفع من مستوى الجاهزية الوطنية في قطاع حيوي بالغ الحساسية.
وفي ظل ما يقارب 290 مليون م3 من السعة التخزينية للسدود الـ 16 العاملة في المملكة، تبدي سلطة وادي الأردن حرصا واضحا على تعظيم الاستفادة من كل قطرة مطر، سواء عبر مشاريع الحصاد المائي أو تعزيز القدرات الفنية والتشغيلية، وهو توجه ينسجم مع رؤية أوسع نحو تحقيق الأمن المائي كأحد مرتكزات التنمية المستدامة.
وتمثل لجنة سلامة السدود خط الدفاع الأول بمواجهة تحديات الأردن المائية. وبفضل المتابعة الدورية، والتخطيط المسبق، والتنسيق المؤسسي، تظل السدود عنصرا إستراتيجيا يعوّل عليه لضمان الأمن المائي في بلد يصنف أفقر دول العالم بالمياه.