أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2025

تركز الاقتصاد الوطني في قطاع الخدمات يكشفه أمام الصدمات الخارجية

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

حذر خبراء اقتصاديون مجددا من ظاهرة تركز الاقتصاد الوطني في قطاعات محدودة ذات طبيعة خدمية في ظل ما يشكله هذه المشهد من خطر الانكشاف على المخاطر الخارجية والتقلبات الاقتصادية التي باتت سمة دارجة في العالم.
 
 
ويؤكد الخبراء أن انتقال الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أكثر تنوعا أمر ممكن في حال تبني إصلاحات واسعة تتعلق بدعم القطاعات الإنتاجية ومواجهة ارتفاع كلف الطاقة والبيروقراطية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويرى الخبراء أن الاقتصاد الأردني لديه القدرة على التنوع إذ يمتلك عناصر قوة يمكن البناء عليها، مثل موقعه الجغرافي الإستراتيجي، وطاقاته البشرية الشابة، وشبكة اتفاقيات التجارة الحرة، عدا عما تزخر به قطاعاته المختلفة من فرص اقتصادية ثمينة. 
ويعرف التنويع الاقتصادي (Economic diversification) على أنه عملية تحويل الاقتصاد من مصدر واحد إلى مصادر متعددة من مجموعة متنامية من القطاعات والأسواق ، بما يقود إلى جعل هيكل  الاقتصاد أكثر تنوعا في الإنتاج المحلي والتجارة، بهدف زيادة الإنتاجية، وخلق فرص عمل، وتوفير الأساس للنمو المستدام. 
مساهمة القطاعات الاقتصادية في معادلة الناتج المحلي الإجمالي 
في الوقت الذي بلغت فيه قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 33.39 مليار دينار في العام الماضي، تشير المعطيات الإحصائية الصادرة عن البنك المركزي إلى أن قطاع الخدمات كان أكثر القطاعات الاقتصادية مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، إذ ناهزت نسبته نحو 32 %، توزعت بين القطاع الفرعي المالية والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال بما نسبته 17.2 %، إضافة إلى القطاع الفرعي الخدمات الحكومية والتي ناهزت نسبة مساهمتها  14.8 %.
فيما وصلت نسبة مساهمة القطاع الصناعي بالناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي ، بنحو 23 % ، وذلك من خلال مساهمة القطاع الفرعي الصناعات التحويلية بما نسبته 18.7 %، بينما ساهم القطاع الفرعي الصادرات الإنتاجية الغذائية بنحو 4.3 %.
في المقابل، بلغت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي 6.9 %، في حين وصلت مساهمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 4 %.
وتجدر الإشارة إلى أنه لم تتوفر بعد بيانات رسمية لحجم مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، إذ ناهزت في عام 2023 ما نسبته 14 %.
سمة الاقتصاد الأردني
 أقرب إلى الخدماتي 
وقال الخبير الاقتصادي أحمد عوض "لا يمكن اعتبار الاقتصاد الأردني اقتصادا متنوعا بالمعنى الحقيقي، فهو يعتمد بصورة كبيرة على قطاع الخدمات، وخاصة التعليم والصحة والسياحة والقطاع المالي، إلى جانب التحويلات الخارجية والمساعدات".
وفي المقابل، بقيت القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة محدودة المساهمة في الناتج المحلي، وتعاني من تحديات مزمنة أبرزها ارتفاع كلف الإنتاج، ضعف التنافسية، وشح الموارد الطبيعية، هذا الواقع يجعل الاقتصاد الأردني أقرب إلى الاقتصاد الخدماتي، وهو ما يجعله هشا أمام الصدمات الخارجية والتقلبات الاقتصادية، بحسب عوض.
وأوضح عوض، أن انتقال الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أكثر تنوعا أمرا ممكنا إذا ما تم تبني الإصلاحات العميقة، فالأردن يمتلك عناصر قوة يمكن البناء عليها، مثل موقعه الجغرافي الإستراتيجي، وطاقاته البشرية الشابة، وشبكة اتفاقيات التجارة الحرة.
واستدرك عوض أن هذا التحول يتطلب إعادة الاعتبار للقطاعات الإنتاجية، عبر دعم الصناعة التحويلية، وتشجيع الزراعة الحديثة، وتطوير الاقتصاد الأخضر والرقمي. 
كما يتطلب معالجة التحديات الأساسية التي تعيق هذا التحول، مثل ارتفاع كلف الطاقة، والبيروقراطية، وضعف التمويل الموجه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولتحقيق التنويع الاقتصادي المنشود، اعتبر عوض أنه لا بد من تبني إستراتيجية متكاملة تشمل تحفيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية من خلال حوافز ضريبية وتمويلية، واعتماد سياسات صناعية وزراعية واضحة ترتبط بالاحتياجات المحلية والإقليمية.
كما أن الاستثمار في التعليم والتدريب المهني بات ضرورة لربط مخرجات التعليم بسوق العمل، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة الذكية، إلى جانب إصلاح منظومتي الطاقة والنقل لخفض الكلف وتحسين تنافسية المنتج الأردني كما أن دمج الاقتصاد غير المنظم في الدورة الاقتصادية الرسمية من شأنه أن يزيد الإنتاجية ويوسع قاعدة الإيرادات.
وشدد عوض على أن  تنويع الاقتصاد الأردني يمثل ضرورة إستراتيجية للمستقبل، فالاقتصاد المتنوع يضمن قدرا أكبر من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ويوفر فرص عمل مستدامة، ويقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية والاقتراض. كما يمنح الدولة قدرة أفضل على مواجهة الأزمات المختلفة أو تقلبات أسعار الطاقة، والأهم من ذلك، أن التنويع يسهم في بناء تنمية شاملة أكثر عدالة، تتيح إدماج شرائح أوسع من المجتمع في النشاط الاقتصادي وتعزز مناعة الدولة في وجه التحديات المستقبلية.
رؤية التحديث الاقتصادي تؤسس للتنويع الاقتصادي 
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي مفلح عقل أن مضامين رؤية التحديث الاقتصادي تحمل بين طياتها توجهات تستهدف توفير اقتصاد وطني متنوع، يتضح ذلك في شمولية المبادرات المستهدفة في  الرؤية و تغطيتها لكافة القطاعات وعدم اقتصارها على قطاع أو قطاعين، إذ تسعى الرؤية إلى تعزيز المساهمة الاقتصادية لقطاع التكنولوجيا وقطاع الصناعات الإبداعية وإنتاج الأفلام وغيرها.
وأكد عقل أن الاقتصاد الأردني لديه القدرة على التنوع والتوسع الاقتصادي، حيث تتوفر أغلب القطاعات على فرص اقتصادية يمكن التعويل عليها والمساهمة بكفاءة في الناتج المحلي، حيث لا يتوقف الأمر على القطاعات التقليدية كالخدمات والتجارة والصناعة،  إذ تزخر قطاعات الزراعة والسياحة والتكنولوجيا والثقافية بالإمكانيات اللازمة التي تتيح لها أن تكون أكثر فاعلية اقتصاديا وتنمويا. 
وشدد عقل على أن تحقيق التنويع للاقتصاد الوطني، يتطلب توفير نوع من التكافل الأفقي والعمودي، وحالة من الترابط بين القطاعات الرئيسية والفرعية ونموها وتوسعها، إضافة إلى أهمية حماية القطاعات الإنتاجية من المنافسة الخارجية وتخفيض الكلف الإنتاجية عليها، بما يتيح لها المنافسة والوصول إلى الأسواق الخارجية. 
ولفت عقل إلى أن أهمية التنويع تكمن في ترسيخه الاستقرار الاقتصادي، وتنويع مصادر النمو، فضلا عن حماية الاقتصاد من التأثر بالأزمات سواء الداخلية أو الخارجية. 
الاقتصاد المتنوع صمام أمان للصدمات الداخلية والخارجية 
بدوره، أكد الأستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري أن تحقيق تنويع اقتصادي حقيقي يتطلب رؤية إستراتيجية واضحة وكفاءة في التنفيذ، مبينا أن الفوائد لذلك كبيرة جدا، فكلما كان الاقتصاد أكثر تنوعا، زادت قدرته على مقاومة الصدمات الخارجية والداخلية، وتحسين مرونته للتكيف مع الدورات الاقتصادية، بما يتيح له تجاوز فترات الركود بأمان أكبر.
ويعتبر الحموري، أن الاقتصاد الأردني نسبيا متنوع، موضحا أن هذا التنويع يقاس بعدد السلع التي تشكل أكثر من 50 % من الصادرات في بعض الدول، يهيمن على الصادرات سلعة واحدة مثل النفط أو الغاز، أو سلعتان أو ثلاث، بينما يظل الاقتصاد الأردني متعدد السلع إلى حد واضح.
وأشار الحموري  إلى أن التركيز على القطاع الزراعي وتوسيع مساهمته ضرورة لتحقيق حالة من التنويع الاقتصاد المأمول، نظرا لأهمية القطاع الإستراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي، رغم ذلك إذ لا تتجاوز مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي حاليا 7 % بينما يحتل قطاع الخدمات جزءا كبيرا من الاقتصاد.