أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Dec-2025

التهرب التأميني.. تهديد للحماية الاجتماعية يستدعي تعزيز الرقابة

 الغد-هبة العيساوي

 تواجه منظومة الضمان الاجتماعي في الأردن، تحديات كبيرة نتيجة التهرب التأميني بأشكاله المختلفة، سواء كان كليا بعدم شمول العاملين أو جزئيا عبر تسجيل أجور أقل من الواقع أو عدم احتساب كامل عناصر الأجر.
 
 
هذا التهرب يضعف الحماية الاجتماعية للعاملين ويؤثر على استقرار أسرهم، ويقوض العدالة الاجتماعية، كما يقلص إيرادات المؤسسة والفوائض التأمينية الضرورية لاستدامة النظام. 
وتشدد الجهات المعنية على أهمية تكثيف الرقابة والتفتيش على جميع المنشآت، وربطها إلكترونيا مع الجهات الحكومية، إلى جانب حملات التوعية للعاملين وأصحاب العمل حول أهمية الشمول بالضمان الاجتماعي. 
ويبرز خبراء دور العمال أنفسهم بالإبلاغ عن أي مخالفة لضمان حماية حقوقهم وتحقيق تطبيق كامل للقانون.
من جهته قال الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، شامان المجالي، إنه يجب التأكيد على أن كل منشأة، بغض النظر عن كونها مؤسسة فردية أو شركة ذات مسؤولية محدودة، أو مساهمة عامة أو تضامن، والتي لديها عامل واحد أو أكثر، ملزمة بشمول موظفيها بالضمان الاجتماعي، مضيفا هذا التزام قانوني صارم، ولا يوجد أي خيار أو استثناء بهذا الموضوع.
وأشار، إلى أن المخالفات ما زالت قائمة رغم وجود النصوص القانونية، فهناك منشآت لا تشمل العاملين بشكل كلي، أو تشمل جزءا منهم فقط، أو تشملهم على أساس أجور غير حقيقية، موضحا، أن بعض الحالات تسجل بأجر أقل أو أعلى من الواقع، ما يؤثر على حقوق العاملين بالضمان الاجتماعي.
وأضاف، إن دور المؤسسة يشمل التنسيق مع مختلف الجهات الحكومية، كوزارة الصناعة والتجارة، بحيث لا يمكن تجديد رخصة أي منشأة أو تسجيلها دون التأكد من وضعها التأميني لدى الضمان الاجتماعي، وتابع، إن المؤسسة تعمل على وضع خطة لمسح المملكة بشكل كامل للتفتيش على جميع المنشآت، مع التركيز على منشآت غير مشمولة بالبداية، وتطبيق تفتيش دوري على المنشآت المشمولة لكنها تخالف القانون.
وأوضح، إن دور العامل أساسي أيضاً في حماية حقوقه، مضيفا أن على كل عامل إبلاغ "الضمان" في حال عدم شموله، ويمكنه بسهولة التأكد من ذلك عبر خدمات المؤسسة الإلكترونية أو التواصل مع الرقم المخصص 175، مؤكدا أن هذه الآليات تهدف إلى تحقيق تطبيق شامل وكامل لقانون الضمان الاجتماعي.
من جانبه قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، موسى الصبيحي، من بين أهم التحديات التي تواجه "الضمان" منذ فترة طويلة هو موضوع التهرب التأميني، بأشكاله وصوره المختلفة. وأضاف أن هناك التهرب الكلي، حيث يكون العامل مشمولا بحكم القانون لكنه لا يشمل بالضمان بسبب تهرب صاحب العمل، والتهرب الجزئي الذي يأخذ صوراً متعددة، مثل شمول بعض العاملين وترك آخرين، أو تسجيل الأجور على نحو جزئي دون أن تشمل كامل الأجر الفعلي.
وأشار، إلى أن بعض أصحاب العمل يشملون العاملين على الحد الأدنى للأجور فقط، مثل معلمة تتقاضى 400 دينار يسجل لها 290 دينار فقط، وأحيانا يسجل أجر أعلى من الواقع، أو لا تدخل جميع عناصر الأجر ضمن الاشتراك، ما يؤثر سلباً على حقوق العامل وحمايته الاجتماعية، مضيفا أن المنافع التأمينية تعتمد أساساً على الأجور المسجلة، وبالتالي فإن أي ضعف فيها ينعكس مباشرة على قيمة المنافع.
وتابع، إن الدراسات تشير إلى أن التهرب من الشمول بالضمان يصل لأكثر من 22 %، أي نحو 300 إلى 350 ألف عامل محروم من مظلة الضمان بسبب التهرب بأشكاله المختلفة، مؤكدا، أن التهرب الجزئي غير موثق بشكل دقيق، لكنه يشمل أيضاً التأخر أو عدم دفع الاشتراكات، لافتا إلى أن هذا التحدي الكبير يضعف إيرادات المؤسسة والفوائض التأمينية الناتجة عن الفرق بين الاشتراكات والنفقات، كما يعرض العاملين لمخاطر حرمانهم من حقوقهم.
وأشار إلى أن كثيرا من العاملين يترددون بتقديم الشكاوى خوفا من فقدان عملهم، رغم وجود نصوص قانونية تحميهم، لكن التطبيق الفعلي ضعيف، ما يتطلب من المؤسسة عدم انتظار الشكاوى، بل الشروع بخطط فعالة للتفتيش والربط الإلكتروني مع الجهات المعنية، مضيفا أن بعض المنشآت الصغيرة جداً لا تمتلك ربطاً إلكترونياً، لذلك فإن خطة التفتيش يجب أن تعتمد على تقسيم المنشآت إلى قطاعات اقتصادية واستهداف القطاعات ذات نسبة التهرب العالية، مثل المناطق الصناعية وورش ميكانيك السيارات والحدادين والنجارين.
وقال، إن نسبة التهرب بين أصحاب العمل الذين يشملون أنفسهم في منشآتهم لا تتجاوز 10 إلى 11 % رغم إلزام القانون بذلك منذ عام 2015، مؤكداً أن هذا الجانب ما يزال مغفولا من قبل المؤسسة، مضيفا أن شمول جميع العاملين يوفر حماية اجتماعية لهم ولأصحاب العمل من المخاطر المختلفة، مثل إصابات العمل، الشيخوخة، العجز الطبيعي، الأمراض، الأمومة، وحالات التعطل عن العمل، مشيراً إلى أن توفير حماية اجتماعية أفضل للعمال ينعكس إيجاباً على الإنتاج والنمو الاقتصادي ويعزز الطمأنينة والسكينة في بيئة العمل.
من ناحيته، قال رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، إن التهرب التأميني، سواء كان جزئيا عبر تسجيل أجور أقل أو مدد خدمة غير صحيحة، أو كليا بعدم شمول العاملين نهائياً، يشكل أحد أخطر التحديات التي تواجه منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن، مضيفا أن تقارير سابقة أشارت إلى أن حجم التهرب التأميني يقدر بحوالي 20 % من سوق العمل المشمول، في حين يبقى نحو نصف قوة العمل خارج مظلة الضمان أساسا، ما يجعل فجوة الحماية الاجتماعية واسعة ولها آثار مباشرة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وأشار إلى أن الحد من التهرب يدخل بصميم فلسفة الضمان الاجتماعي ودوره في حماية أموال المشتركين وضمان ديمومة الصناديق التأمينية.
وقال إن خطورة التهرب تزداد عندما يكون العامل نفسه غير مدرك لانخفاض أجره المسجل أو لعدم احتساب جزء من خدماته، مضيفا إن هذه الحالات تتكرر كثيراً في سوق العمل ولا يكتشفها العامل إلا عند مطالبته بمنفعة أو تقاعد ليجد أن حقوقه قد انتقصت دون أن يعلم، مشددا على أهمية الرقابة الفعالة ليس فقط لضبط الامتثال بل أيضا لحماية العمال من ممارسات تلحق بهم ضرراً مباشراً وتمس بمبدأ العدالة التأمينية.
وأضاف، أن تطوير عمليات التفتيش والمتابعة يمثل ركنا أساسيا بمعالجة الظاهرة، وقال إن التحدي الأكبر ليس بوجود النصوص القانونية، بل بقدرة المؤسسة على الوصول لأماكن العمل، ومقارنة البيانات، وكشف حالات التلاعب، وربط قواعد المعلومات بين الجهات الحكومية، وتوفير تفتيش قادر على الردع وفق منهجية قائمة على تحليل المخاطر، ما يمكن أن يقلص نسب التهرب ويخلق منافسة عادلة بين المنشآت الملتزمة وغير الملتزمة.
بدوره قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، خالد الفناطسة، إن التهرب التأميني، سواء الجزئي أو الكلّي، يمثل تجاوزا على الحقوق العمالية المكفولة بموجب التشريعات النافذة، مضيفا أنه يشكل تهديدا مباشرا لمنظومة الحماية الاجتماعية التي توفر الحماية للعاملين  بحالات العجز أو الوفاة، أو إصابات العمل، أو الأمومة، وغيرها من التأمينات الاجتماعية.
وأضاف، إن التهرب التأميني ليس مجرد تقصير من أصحاب العمل بالتزاماتهم القانونية تجاه العمال، بل هو انتهاك لكرامة العامل واستقرار أسرته، ويقوّض دعائم العدالة الاجتماعية في المجتمع.
وتابع، هناك حاجة ماسة للبحث عن حلول وأدوات على مستوى الرقابة والتفتيش من شأنها وضع حد لظاهرة التهرب التأميني، مضيفا أنه يطالب "الضمان" بتكثيف الجولات التفتيشية على جميع المنشآت، وخاصة في القطاعات التي تشهد تهرباً كبيراً مثل البناء والنقل والزراعة والتعليم والخدمات العامة، وتفعيل العقوبات القانونية بحق أي إهمال أو امتناع عن شمول العمال بمظلة الضمان الاجتماعي.
وأضاف، إن إطلاق حملات توعية بين العمال وأصحاب العمل حول أهمية الشمول بالضمان الاجتماعي أمر ضروري، وقال إن الاتحاد يدعو جميع العمال في مختلف مواقع العمل إلى المطالبة بحقهم في الضمان الاجتماعي لضمان حماية مستدامة وعادلة.