باريس: «الشرق الأوسط»
حذّر رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، قبيل تصويت متوقع على الثقة قد يخسره يوم الاثنين، من أن المديونية المفرطة لفرنسا تهدد استقرار البلاد، مما يزيد من تعقيد أزمة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
ويعد بايرو، رابع رئيس وزراء للرئيس إيمانويل ماكرون في أقل من عامين، أن تصويت الثقة يأتي نتيجة الضغوط الكبيرة التي تواجهها فرنسا لإصلاح ماليتها العامة، بعد أن بلغ عجز العام الماضي ضعف الحد الأقصى للناتج المحلي الذي حدده الاتحاد الأوروبي البالغ 3 في المائة، فيما وصل الدين العام إلى 113.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وحذّر بايرو من أن أي حكومة مقبلة ستواجه نفس التحديات، قائلاً للنواب: «يمكنكم إسقاط الحكومة، لكن لا يمكنكم محو الواقع. ستستمر النفقات في الارتفاع، وسيزداد عبء الدين المفرط ثقلاً وتكلفة»، وفق «رويترز».
وأكدت أحزاب المعارضة أنها لن تتفق مع خطط الحكومة لمعالجة الدين، وستصوت ضد حكومة الأقلية التي يقودها بايرو.
وأضاف بايرو للبرلمان: «المسألة حيوية، مسألة حياة أو موت لبقائنا... الأمر يتعلق بضبط الإنفاق والحد من المديونية المفرطة».
ويأتي هذا التحذير في وقت حساس لأوروبا، التي تسعى إلى الحفاظ على الوحدة في مواجهة حرب روسيا على أوكرانيا، وتزايد النفوذ الصيني، والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
كما قد تؤثر الاضطرابات السياسية على قدرة فرنسا على كبح جماح ديونها، مع تزايد خطر خفض التصنيف الائتماني وارتفاع فروق العائد على السندات، وهو ما يعكس علاوة المخاطر التي يطالب بها المستثمرون لاحتفاظهم بالديون الفرنسية.
وأشار بايرو إلى أن الدعوة لتصويت الثقة كانت محفوفة بالمخاطر منذ البداية، مضيفاً: «بلدنا بحاجة ماسة إلى صفاء الذهن والوحدة، لكن الانقسام يهدد مكانتنا وسمعتنا».
من المتوقع إعلان نتيجة التصويت بعد خطابات بايرو وقادة الكتل السياسية حوالي الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش.
وفي حال سقوط الحكومة، سيواجه الرئيس ماكرون مهمة إيجاد رئيس وزراء جديد قادر على تمرير الموازنة عبر البرلمان، بعد أقل من عام على إقالة سلف بايرو ميشيل بارنييه.
كما تتصاعد التوترات الاجتماعية، حيث دعت مجموعات غامضة على الإنترنت الفرنسيين إلى «عرقلة كل شيء» يوم الأربعاء، بينما تخطط النقابات الرئيسية لتحرك احتجاجي في 18 سبتمبر (أيلول) ضد خطط تخفيض الموازنة.
ويكشف الانسحاب المحتمل لرئيس وزراء رابع في أقل من عامين عن عمق الأزمة السياسية في فرنسا، وهو ما يعد نادراً منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958.
فالدستور صُمم لضمان استقرار الحكم عبر رئيس قوي وأغلبية برلمانية واضحة، لكن ماكرون يواجه برلماناً منقسماً ويضطر للتعامل مع تحالفات معقدة لم يعتد عليها النظام السياسي الفرنسي.
ورغم الانقسام، لم يلجأ ماكرون حتى الآن إلى حل البرلمان، كما فعل العام الماضي.
ومن المتوقع أن يبحث الرئيس عن مرشح من صفوف الاشتراكيين من يسار الوسط، لكن أي مرشح سيواجه تحديات كبيرة في بناء تحالف دقيق مع كتلته الليبرالية، التي تعارض العديد من أفكار اليسار، بما في ذلك زيادة الضرائب على الأثرياء لسد الثغرات المالية.