أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Oct-2025

خبراء: التحول الرقمي يواكب التحولات المتسارعة للبيئة الرقابية المالية عالميا

 في مبادرة "إنتوساي": الأردن يرسخ دوره كمساهم بتشكيل مفهوم الرقابة العامة

الغد-إيمان الفارس
 تأتي مشاركة ديوان المحاسبة الأردني في ندوة "قيادة الأجهزة العليا للرقابة في سياق عالمي"، التي نظمتها مبادرة تنمية الإنتوساي (IDI) بمدينة الدار البيضاء، في توقيت دقيق يعكس التحولات المتسارعة التي تشهدها بيئة الرقابة المالية والإدارية على مستوى العالم.
 
 
هذه المشاركة، التي امتدت لـ3 أيام، وضمّت قادة رقابة من دول متعددة، إلى جانب منظمات مالية دولية مرموقة، حملت رسائل استراتيجية تتجاوز البعد الرمزي، نحو ترسيخ دور الأردن كمساهم فاعل بإعادة تشكيل مفهوم الرقابة العامة وتعزيز أدواتها.
الندوة ذاتها، ركزت على قضايا ذات حساسية عالمية مثل الشفافية والمساءلة، ومكافحة الفساد، وإصلاحات المالية العامة، إضافة إلى الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتغير المناخي، مما يعكس تنامي الوعي بضرورة أن تكون الأجهزة الرقابية جزءا من منظومة دولية تستجيب لمتغيرات معقدة وتشريعية وتكنولوجية وتنظيمية في آن واحد.
وعند النظر لهذا التوجه من زاوية القانون الإداري، تبرز الحاجة إلى مساءلة مدى انسجام هذه المشاركة الدولية مع واقع استقلالية الأجهزة الرقابية في الأردن، والإطار القانوني والإداري الذي يحكم عملها.
وأشارت القراءة القانونية إلى أن مشاركة الديوان في مثل هذه المنتديات الدولية قد تشكل بالفعل فرصة لتطوير الأداء وتعزيز الكفاءة المؤسسية، إلا أن فاعلية هذه المشاركات تظل رهينة بترجمتها إلى إصلاحات داخلية ملموسة، سواء على المستوى التشريعي أو الوظيفي.
ويمنح القانون رقم (28) لسنة 1952 وتعديلاته، ديوان المحاسبة استقلالا ماليا وإداريا، ويمنع التدخل في صلاحياته، ويجيز له تدقيق الأنظمة المالية الإلكترونية للجهات الخاضعة لرقابته.
وبرغم هذا الإطار القانوني، تثار تساؤلات جوهرية في الأوساط الرقابية والقانونية حول مدى قدرة هذا الإطار على ضمان استقلالية فعلية، خصوصا في ظل تحديات الواقع العملي، وغياب تعديلات هيكلية جوهرية في تركيبة مجلس الديوان أو في آليات ضمان استقلاله المؤسسي.
وتبدو الاستراتيجية الرقمية التي يتبناها ديوان المحاسبة للفترة 2024–2026 ضمن مشروع "التحول الرقمي"، واعدة من حيث التخطيط، لكن تنفيذها على أرض الواقع يتطلب بنية تشريعية محدثة تتماشى مع تطور أدوات التدقيق الذكي.
وفي ضوء ما سبق، فإن المشاركة في منتديات دولية من هذا النوع، برغم أهميتها، لا تكفي وحدها لضمان الارتقاء بمستوى الرقابة أو الاستقلالية المؤسسية، ما لم تتزامن مع مراجعات جذرية للتشريعات الناظمة لعمل الأجهزة الرقابية، وتعزيز البنى التنظيمية التي تمنحها قوة تنفيذ حقيقية بعيدا عن التداخل السياسي أو الإداري.
فالدور المطلوب من الأجهزة الرقابية اليوم لم يعد يقتصر على مراجعة الحسابات والعمليات المالية، بل أصبح يشمل تقييم كفاءة الأداء الحكومي، وقيادة التحول الرقمي، والامتثال لمعايير الحوكمة العالمية.
وفي سياق أهمية مشاركة ديوان المحاسبة الأردني في منتديات دولية تعنى بقيادة الأجهزة الرقابية، أكد أستاذ القانون الإداري في الجامعة الأردنية د. محمد المعاقبة، أن ذلك مثّل فرصة ثمينة لتعزيز مصداقية الديوان وكفاءته، شريطة أن تترجم هذه المشاركات إلى تغييرات داخلية حقيقية.
وشدد المعاقبة على أن الاستقلالية لا تمنح بالمظاهر أو التظليل، بل تكسب من خلال ضمانات قانونية ووظيفية واضحة ومؤسسية.
وأشار أستاذ القانون الإداري إلى أهمية منح قانون ديوان المحاسبة رقم 28 لسنة 1952 وتعديلاته، الديوان، استقلالا ماليا وإداريا، والشخصية الاعتبارية، مبينا أن الاستراتيجية الرقمية للديوان، ضمن مشروع "التحول الرقمي"، تعد إحدى المسارات المعتمدة لتطوير الأداء الرقابي بين 2024 و2026. مبينا أن هناك تساؤلات تثار في الأوساط القانونية والرقابية حول مدى التوازن بين الاختصاصات القانونية والإدارية الممنوحة للديوان ودوره الرقابي الفعلي.
كما انتقد أن بعض مشاريع إصلاح الديوان، لم تعد صياغة جذريّة لمجلسه أو لآليات الضمان الفعلية لاستقلاليته، ما يترك فجوة بين النصوص النظرية والتطبيق العملي.
وأكد أن القيام بتبنّي التقنيات الرقمية المتقدمة، مثل التحليلات الذكية وربط أنظمة الجهات الحكومية، يتطلب إجراء تعديلات جذرية على التشريعات الناظمة لعمل ديوان المحاسبة، بحيث تخول وتمنح الديوان صلاحية الوصول إلى البيانات الرقمية، وتضمن حماية الأدلة الإلكترونية، وتعزز قدراته في مجالات التدقيق الرقمي، وهو ما لا يزال بحاجة إلى استكمال وتفعيل في الواقع الأردني.
وشدد المعاقبة، على أن المشاركة الدولية تعد عاملا مهما بتطوير المنظومة الرقابية، لكن نجاحها يعتمد على أن يواكبها ترسيخ لاستقلال فعلي، وتحديث تشريعي وتقني داخل الديوان وخارجه.
وأضاف أن الاستجابة للثورة الرقمية والمعلوماتية لم تعد ترفا، بل أصبحت ضرورة حتمية لمواكبة استراتيجية تحديث القطاع العام في الأردن.
وكان ديوان المحاسبة شارك في أعمال الندوة الدولية "الإنتوساي" بمدينة الدار البيضاء المغربية.
وشارك في الندوة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام قادة الأجهزة العليا للرقابة من مختلف دول العالم، وخبراء من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى جانب عدد من المؤسسات والمعاهد الأكاديمية الدولية.
وفي تصريحاته الصحافية وقت انعقاد الندوة، قال رئيس الديوان د. راضي الحمادين، إن مشاركة الديوان، تأتي في إطار برنامج (Mastery)، الهادف لتطوير قدرات القيادات العليا للأجهزة الرقابية وتعزيز دورها في مواجهة التحديات العالمية.
وأضاف أن الندوة تناولت قضايا محورية، من أبرزها؛ مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، وإصلاحات مالية عامة في العالم العربي، وتأثير الرقمنة والذكاء الاصطناعي على العمل الرقابي، إضافة إلى قضايا التغير المناخي وإدارة المالية العامة الخضراء.
وأكد الحمادين، أن مشاركة الديوان بهذه الندوة تجسد التزامه بمتابعة المستجدات العالمية في الرقابة المالية، والاستفادة من التجارب الدولية الرائدة بما يعزز استقلالية الأجهزة العليا للرقابة، ويرسخ مبادئ الشفافية والمساءلة.
وأوضح الحمادين حينها، أن هذه المشاركة تمثل محطة استراتيجية لتبادل الخبرات، وتعزيز مكانة الأردن كطرف فاعل في الجهود الدولية الرامية إلى تطوير أنظمة الرقابة وتكريس مبادئ الحوكمة وتعزيز ممارسات المساءلة.