العدادات الذكية.. خطوة نحو إدارة كفاءة الطاقة
الغد-رهام زيدان
أكد خبراء أن التحول إلى منظومة العدادات الذكية يعد أحد أهم أدوات تحديث قطاع الكهرباء وتحسين كفاءته ضمن رؤية التحديث الاقتصادي.
يأتي هذا في وقت تشير فيه بيانات هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن إلى أن نحو 80 % من العدادات التقليدية في المملكة تم استبدالها بعدادات ذكية تشمل مختلف أنواع الاشتراكات في جميع المحافظات، على أن تكتمل عملية الاستبدال بالكامل مع نهاية العام الحالي، بينما تقدر الهيئة عدد اشتراكات التيار الكهربائي في الأردن بنحو 2.5 مليون اشتراك.
وقالت الناطق الإعلامي باسم الهيئة د.تحرير القاق: "العدادات الذكية تمثل منظومة آلية متكاملة تبدأ من قراءة كمية استهلاك الكهرباء وحتى الفوترة، وتتيح مراقبة العدادات وقراءة بياناتها عن بعد، إضافة إلى تمكين المشترك من متابعة استهلاكه بشكل شبه لحظي والتحكم به من خلال تعديل نمط الاستخدام وترشيد الاستهلاك، ما يسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين".
وتضيف القاق، "أن العدادات الذكية ساعدت كثيرا من المستهلكين على الترشيد وتجنب الانتقال إلى شرائح أعلى في التعرفة، كما ساهمت في خفض نسب الفاقد والحد من التلاعب والسرقات في التيار الكهربائي من خلال المؤشرات الواضحة التي توفرها على هذه الحالات".
ولفتت إلى أنها سهلت عملية الدفع الإلكتروني لتجنب فصل التيار وساعدت في إعادة الوصل عن بعد خصوصا في الظروف الطارئة وأوقات العطلات.
وكانت الهيئة قد وجهت شركات توزيع الكهرباء إلى تنفيذ مشروع العدادات الذكية وتسريع وتيرة الاستبدال باعتبارها خطوة أساسية في مستقبل الطاقة وتحسين موثوقيتها، والمساهمة في تخفيض الفاقد الكهربائي الفني وغير الفني وتقليل الأعطال وتسريع معالجتها، في انسجام مع رؤية التحديث الاقتصادي للتحول نحو تطوير البنية التحتية لشبكة الطاقة.
من جانبه، أكد المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م.عبدالفتاح الدرادكة أن أهمية العدادات الذكية تأتي من دقتها ومن كونها تحت السيطرة المباشرة للمشترك والشركة على حد سواء، فهي تمكن الشركة من القراءة عن بعد وتشغيل أو وقف التزويد بالتيار، وتمكن المستهلك من مراقبة استهلاكه بدقة وملاحظة الارتفاع غير المبرر في أوقات معينة من الشهر أو اليوم.
وأشار الدرادكة إلى أن هذه العدادات تساعد الشركة على الحد من العبث في العدادات التقليدية، إذ تتيح اكتشاف أي تغيير في القراءات أو نمط الأحمال بشكل فوري، كما توفر على شركات الكهرباء كلفة خدمات الجباية وقارئي العدادات، وتقلل من أخطاء القراءة أو التخمين التي كانت تحدث أحيانا وتؤدي إلى خلافات بين المشتركين والشركات.
لكنه أوضح أن الأثر الحقيقي للعدادات الذكية لن يظهر بوضوح قبل تطبيق التعرفة المرتبطة بالزمن على المشتركين، المتوقع أن يبدأ مطلع العام المقبل بعد استكمال تركيب العدادات لدى جميع المشتركين.
وبين الدرادكة أن العدادات الذكية تمثل نقلة نوعية للمواطنين ولشركات الكهرباء في مراقبة الاستهلاك وإجراء الدراسات اللازمة لتحسين إدارة الشبكة وتطوير الخدمات بما يتناسب مع احتياجات المشتركين وضمان استمرارية التزويد بالتيار الكهربائي بأعلى مستويات الموثوقية.
بدوره، قال عضو هيئة التدريس في الجامعة الأردنية د.أحمد السلايمة "إن العدادات الذكية سيكون لها أثر ملموس بعد إقرار التعرفة المرتبطة بالزمن، خاصة في القطاع المنزلي الذي يعد الأكبر استهلاكا للكهرباء في المملكة".
وأوضح أن تطبيق هذه التعرفة سيساعد في تحسين كفاءة النظام الكهربائي وتمكين المواطنين من خفض فواتيرهم من خلال إدارة استهلاكهم بشكل أفضل.
وأشار السلايمة إلى أن العدادات الذكية ساعدت في تنظيم عملية شحن المركبات الكهربائية وتطبيق سياسات مرنة لرفع أو خفض الأسعار تبعا لأوقات الذروة، ما أسهم في تخفيف الضغط على الشبكة في أوقات الأحمال القصوى.
غير أنه شدد على أن الفائدة المباشرة للمواطنين ما تزال محدودة، داعيا إلى تطوير تطبيقات ذكية على الهواتف المحمولة تمكن المستخدمين من متابعة استهلاكهم اليومي والأسبوعي والشهري واتخاذ إجراءات عملية للترشيد.
كما أكد السلايمة أن تطبيق التعرفة المرتبطة بالزمن يمكن أن يسهم في خفض الفواتير إذا غير المواطنون أنماط استهلاكهم لتكون خارج أوقات الذروة، وهو ما سينعكس إيجابا على الطرفين من خلال خفض تكلفة التوليد على الشركات وتخفيض كلفة الكهرباء على المستهلكين، داعيا إلى توفير هذه التطبيقات مجانا أو بأسعار رمزية لتعزيز ثقافة الاستخدام الرشيد للطاقة.
في ذات السياق، أظهرت إحصاءات رسمية لوزارة الطاقة والثروة المعدنية أن قطاع المباني السكنية والحكومية استحوذ على الحصة الأكبر من استهلاك الكهرباء في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية، إذ بلغ مجموع استهلاك هذا القطاع خلال الفترة ما بين 2020 و2024 نحو 49.3 ألف جيجا واط ساعة من أصل 103.4 ألف جيجا واط ساعة للاستهلاك الكلي في مختلف القطاعات بما فيها الصناعي والزراعي والتجاري وضخ المياه والنقل وإنارة الشوارع، أي بنسبة تقارب 47.6 % من الإجمالي.