الغد-إبراهيم المبيضين
فيما أعلنت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات أخيرا نمو مؤشرات التجارة الإلكترونية في الأردن، توقع خبراء مزيدا من النمو لهذا النوع من التجارة التي أكدوا أنها سوف تسهم في تنشيط عدد من القطاعات وتوفير فرص العمل.
وأوضح الخبراء أن هنالك أسبابا متعددة تقف وراء طفرة التجارة الالكترونية وتوقعات استمرار نموها على رأسها انتشار الانترنت التي يبلغ عدد مستخدميها في الأردن اليوم 11 مليونا، وانتشار استخدام الهواتف الذكية، وسهولة الوصول إلى منصات التجارة الإلكترونية من أي مكان وفي أي وقت، مع التغير الملحوظ في سلوك المستهلك الأردني الذي بات يبحث عن خدمات التسوق والشراء عبر الانترنت، فضلا عن تطور خدمات البريد والتوصيل.
وأكد الخبراء أن هذا التطور والنمو يفتح آفاقًا واسعة لتطوير قطاعات ذات صلة منها قطاع التقنية والشركات العاملة في التجارة الالكترونية، وتحريك القطاع البريدي وتنميته وخصوصا في مجال توصيل الطرود البريدية المحلية والدولية وقطاع الدفع الالكتروني.
وأشاروا إلى أن هذا النوع من التجارة يسهم في تعزيز تنافسية القطاع البريدي ويدفعه لتحسين وتنويع خدماته تلبية لحاجات ومتطلبات المستهلك، علاوة على المساهمة في توفير فرص عمل جديدة في مجالات النقل، التوزيع، وخدمة العملاء، كما انه يسهم في توفير فرص العمل في القطاعات ذات الصلة، ويوفر خدمات مريحة للمستهلك، مع تأكيدهم على اهمية إيجاد التشريعات التي تخدم كل اطراف المعادلة، المستهلك والتجار المحليين والحكومة.
وأظهر تقرير رسمي نشرته هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بداية الشهر الحالي أن عدد طرود التجارة الإلكترونية في 2023 شكل نحو 95 % من إجمالي الطرود البريدية الدولية.
وبين التقرير أن عدد طرود التجارة الإلكترونية الواردة إلى الأردن عبر منصات التجارة الإلكترونية العالمية للعام 2023، ارتفع ليسجل 1.7 مليون طرد، تم توصيلها من خلال مشغلي البريد الخاص للفئة الدولية والمرخصين من قبل الهيئة، بجانب مشغل البريد العام، شركة البريد الأردني، محققا نسبة نمو تبلغ 70 % مقارنة بالعام السابق.
وأظهر التقرير أن طرود التجارة الإلكترونية الدولية الواردة الأكثر تكراراً تركزت في الملابس تليها الإكسسوارات، ثم الإلكترونيات، وأخيراً المكملات الغذائية.
ويرى ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الرواجبة أن ثمة اسباب تقف وراء نمو التجارة الالكترونية في الأردن على رأسها التحول الرقمي وانتشار الإنترنت، مبينا ان ازدياد أعداد المستخدمين الذين يمتلكون اتصالاً بالإنترنت، مع سهولة الوصول إلى منصات التجارة الإلكترونية من أي مكان وفي أي وقت، ما وسع من نطاق عمليات التسوق الإلكتروني.
وأكد الرواجبة أن من الاسباب التغير ملحوظ في سلوك المستهلك الأردني خلال السنوات الاخيرة والذي زاد كثيرا وقت جائحة الكورونا، ورغبة العملاء في تجربة تسوق سهلة وسريعة من منازلهم.
واشار الى الدور الذي لعبته الهواتف الذكية والتطبيقات وانتشارها وزيادة استخدامها وتسهيل عمليات التسوق الإلكتروني عبر هذه الهواتف، وتحسن في واجهات التطبيقات مع إضافة وسائل دفع آمنة.
وقال الرواجبة ان من الاسباب ايضا التطور في الخدمات اللوجستية، حيث تحسنت شبكات التوصيل ووجود شركات تقدم خدمات شحن سريع وفعالة، رافقها ادخال أنظمة تتبع الطرود في الوقت الفعلي، ما يعزز الثقة بين البائع والمستهلك.
وقال الرواجبة "من أسباب نمو التجارة الالكترونية ايضا عروض الشحن المجاني أو المخفض لتحفيز العملاء على شراء المزيد عبر الإنترنت بفضل هذه العروض المغرية للشحن، وتنوع المنتجات والأسعار التنافسية يجذب العملاء"
وتوقع ان تستمر حالة النمو في التجارة الالكترونية خلال السنوات المقبلة بسبب التوجه نحو الابتكار في التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وهي تقنيات ستعزز تجربة المستخدم، ما يشجع مزيداً من الأشخاص على التسوق الالكتروني.
وقال "النمو في التجارة الالكترونية سيحمل آثارا اقتصادية ايجابية لتطوير القطاع البريدي لأنه يسهم في نمو عائدات الشركات البريدية، ويحفز تطوير البنية التحتية لشركات البريد التي ستسعى لتحسين خدماتها لمواكبة الطلب المتزايد، مثل التوصيل السريع وتقنيات التتبع، فضلا عن تشجيع القطاع على ادخال خدمات جديدة مثل نقاط التسليم الذكية، توصيل الطرود بالطائرات المسيّرة، والخدمات المخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة".
ولفت إلى أن كل ذلك يسهم في دعم الاقتصاد المحلي وقطاعات الشحن المحلي ويعزز دور البريد كمحرك اقتصادي، لانه يسهم في توسيع شبكات التوزيع وفتح مكاتب بريدية جديدة أو نقاط تسليم ذكية لتلبية الطلب المتزايد، كما يشجع على تأسيس وتطوير عمل الشركات الصغيرة التي تعتمد على التجارة الإلكترونية والتي أصبحت تعتمد بشكل كبير على خدمات البريد، مما يعزز شراكة البريد مع القطاع الخاص.
وبلغة الارقام تضاعف عدد العاملين في القطاع البريدي خلال اربع سنوات ( 2019 حتى نهاية 2023) حوالي 8 مرات، ليسجل ما مجموعه (43,362) ألف عامل نهاية العام 2023 يحركون العمليات في القطاع البريدي(المشغل العام"شركة البريد الأردني"، وشركات القطاع الخاص للبريد المحلي والدولي، مقارنة مع حوالي 5 آلاف عامل نهاية 2019.
وزاد عدد مشغلي البريد في السوق المحلية خلال الفترة نفسها ليبلغ مع نهاية العام 2023 قرابة 159 مشغلا، منهم "شركة البريد الأردني" المشغل العام لخدمات البيرد في المملكة، وحوالي 158 مشغلا للبريد الخاص الدولي والمحلي.
من جانبه، أكد الخبير في مجال التقنية م.هاني البطش أن تقدير حجم المشتريات بدقة عبر التجارة الإلكترونية بدقة يواجه تحديات معينة بسبب تفاوت البيانات المنشورة، إذ تختلف الأرقام المعلنة من مصدر إلى آخر، مما يعقد عملية تحديد رقم دقيق وموثوق.
ولكن بالاستناد إلى الارقام الرسمية التي نشرتها هيئة الاتصالات مؤخرا، أرجع البطش الطفرة التي تشهدها التجارة الإلكترونية في الأردن الى ارتفاع نسبة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوفر تطبيقات ومواقع إلكترونية سهلة الاستخدام، مع تنوع المنتجات والخدمات المتاحة عبر الإنترنت، يرافقها تقديم عروض وتخفيضات مغرية للمستهلكين.
وعن دوافع المستهلك للشراء عبر الانترنت قال البطش " ذلك مرده توفير هذا النوع من التجارة عوامل الراحة والسهولة للمستهلك، حيث يمكن للعملاء التسوق في أي وقت ومن أي مكان، وتجنب عناء التنقل بين المتاجر وانتظار الطوابير، ويعزز ذلك التنوع الكبير في المنتجات والأسعار يمنحهم خيارات واسعة من المنتجات والعلامات التجارية، مع إمكانية مقارنة الأسعار بسهولة للحصول على أفضل العروض".
وأكد ان نمو هذا النوع من التجارة يسهم في تطوير القطاع البريدي وخدمات التوصيل التي اصبحت عاملا جاذبا للمستهلكين الذين يفضلون الراحة وايصال المنتج إلى المنزل، مع إمكانية إرجاع أو استبدال المنتجات لضمان رضا العميل، لافتا الى ان كل هذه العوامل تجعل التسوق عبر الإنترنت خيارًا جذابًا للغاية.
ورغم ما يوفره التسوق الإلكتروني للعديد من المزايا، لكنه يحمل أيضًا بعض المخاطر التي يجب على المستهلكين الانتباه إليها بحسب البطش الذي قال "المستخدم لخدمات التسوق الالكتروني قد يتعرض لمخاطر منها سرقة الهوية، واستغلال المحتالين للمعلومات الشخصية المقدمة أثناء عملية الشراء".
ومن جانبه، أكد الخبير في مجال التقنية د.حمزة العكاليك أن النمو الملحوظ في حجم الطرود البريدية المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، يعكس تحولاً كبيراً في سلوك المستهلكين نحو التسوق عبر الإنترنت، موضحا أن أهم اسباب هذه النمو هو تطور مواقع ومنصات التجارة الإلكترونية التي اصبحت أكثر سهولة في الاستخدام، ما يجعل عملية الشراء عبر الإنترنت تجربة سلسة وممتعة، والتمتع بخيارات اكثر ومستويات أسعار معقولة.
وأشار العكاليك الى ان الحملات التسويقية الرقمية تلعب دوراً كبيراً في جذب المستهلكين وتشجيعهم على الشراء عبر الإنترنت وبطرق مغرية وجاذبه للنظر، فضلا عما يوفره التسوق عبر الإنترنت من الوقت والجهد الذي يتطلبه التسوق التقليدي، خاصةً مع إمكانية المقارنة بين المنتجات والأسعار بسهولة.
ويرى العكاليك ان هذا القطاع سيشهد نموا متزايدا خلال المرحلة المقبلة مع تطور في القطاع البريدي لتلبية الطلب لا سيما وان انتشار الهواتف الذكية في تزايد ما يوسع فرص التسوق عبر الإنترنت أثناء التنقل، يعزز ذلك تطوير البنية التحتية للوجستيات وتحسين خدمات التوصيل وتقليل تكاليف الشحن.
وقال "ذلك سيدعم دخول المزيد من الشركات ( سواء في مجال التجارة الالكترونية او في مجال البريد والتوصيل) إلى السوق المحلية والعالمية، الامر الذي يحفز المنافسة ويقدم خيارات أكثر للمستهلكين، مع اهمية قيام الحكومة بتوفير الدعم للتجارة الإلكترونية عبر توفير بيئة تشريعية وتنظيمية محفزة".
وفي هذا الصدد، أكد العكاليك اهمية دعم الشركات الناشئة العاملة في مجال التجارة الإلكترونية لتشجيع الابتكار وتوفير فرص عمل جديدة، والعمل على تطوير البنية التحتية للوجستيات لتسهيل عمليات الشحن والتوصيل.
ونصح العكاليك المستخدمين بالتحقق من مصداقية الموقع قبل الشراء، وانه موثوق مع متابعة مراجعات العملاء، وسياسة الخصوصية، وشروط الاستخدام، لافتا الى اهمية تطوير التشريعات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية لضمان حماية حقوق المستهلكين والموردين، واتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الغش والتزوير.