شهادة دولية مهمة باقتصادنا.. تفاءلوا*علاء القرالة
الراي
نتائج مراجعة صندوق النقد الدولي الأخيرة لبرنامج الأردن الاقتصادي تمثل شهادة دولية مهمة على متانة الاقتصاد الوطني وقدرته على الصمود في بيئة إقليمية ودولية شديدة التعقيد، فالصندوق الذي يعرف بدقته وتشدد معاييره، قدم تقييما إيجابيا شاملا، واضعاً المملكة في موقع متقدم بين الاقتصادات الناشئة من حيث الاستقرار، فما الرسالة؟.
تقييم الصندوق أكد أن الاقتصاد الأردني لا يزال قويا، مدعوما بسياسات اقتصادية كلية سليمة، وإدارة نقدية حصيفة ، إلى جانب شبكة دعم دولي فاعلة، فالنمو الاقتصادي تسارع لنحو 2.7% خلال النصف الأول من عام 2025، مرشحا ارتفاعه لقرابة 3% بالسنوات المقبلة، مدفوعا بمشاريع استثمارية استراتيجية، وتنامي التكامل الإقليمي.
هذا النمو، وإن بدا متواضعا مقارنة ببعض الاقتصادات، يعد إنجازا حقيقيا إذا ما أخذت بالاعتبار التوترات الجيوسياسية المحيطة، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، والضغوط الناجمة عن استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين، وهنا تكمن أهمية الإشادة الدولية، إذ تعكس قدرة الأردن على تحويل التحديات إلى عوامل استقرار نسبي، لا إلى أزمات مفتوحة.
تقرير الصندوق حمل رسائل طمأنة واضحة فيما يتعلق بالاستقرار النقدي والمالي، فـ"معدلات التضخم" ما تزال ضمن مستويات منخفضة ومستقرة، والقطاع المصرفي يتمتع بصلابة عالية، مدعوما برقابة فعالة من البنك المركزي الأردني احتياطيات أجنبية مريحة تشكل خط دفاع أساسيا في مواجهة الصدمات الخارجية، وهذه المعطيات تعزز الثقة بالاقتصاد الوطني، سواء لدى المستثمرين المحليين أو الشركاء الدوليين.
أما على صعيد المالية العامة، فقد أشار الصندوق إلى التزام الحكومة بمسار واضح لضبط العجز وخفض الدين العام بشكل تدريجي، مع الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي والمشاريع التنموية، وهنا أهمية "النهج المتوازن" الذي تتبناه الدولة، والذي يسعى إلى تحقيق الاستدامة المالية دون تحميل الفئات الأقل دخلاً كلفة الإصلاح، وهو ما يعكس نضجاً في إدارة السياسة الاقتصادية.
خلاصة القول،إن ما ذكره صندوق النقد عن الاقتصاد الأردني يتجاوز لغة الأرقام والتقارير، ليعكس قصة دولة اختارت الإصلاح التدريجي والعقلاني، وحافظت على استقرارها الاقتصادي رغم عواصف المنطقة والعالم، وهي إشادة ينبغي البناء عليها، لا الاكتفاء بها، من خلال تسريع الإصلاحات، وتعظيم أثر الاستثمارات، وتحويل الثقة الدولية لفرص تنموية حقيقية يشعر بها المواطن في معيشته اليومية.