أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Sep-2024

ضرائب التبغ الجديدة: رادع فعال أم عبء إضافي على المدخنين؟

 الغد-منى أبو حمور

 أثارت القرارات الأخيرة برفع الضرائب على التبغ بجميع أنواعه جدلا واسعا في الشارع الأردني، حيث شعر مواطنون بزيادة غير مسبوقة في الأسعار فور تطبيق القرار. وقد اعتبرها كثيرون أزمة اقتصادية جديدة تضاف إلى التحديات القائمة.
 
وزاد الانتشار الواسع للتدخين بأنواعه، خاصة بين فئة المراهقين والشباب، لقوانين وتعليمات فرضتها الحكومة في إطار سعيها المستمر للحد من انتشار هذه الظاهرة وتقليل نسب المدخنين.
 
جاء قرار مجلس الوزراء الأردني نظامًا معدلًا لنظام الضَّريبة الخاصة بسنة 2024 وتم بموجبه تعديل الضريبة المفروضة على الدخان والسبب هو التماشي مع الإستراتيجيَّة الوطنية لمكافحة التبغ والتدخين بجميع أشكاله في البلاد، لإقناع المواطن بضرورة الابتعاد من التدخين، والحد من انتشاره المتسارع بالوسائل الإلكترونية لدى جميع الأفراد، خصوصاً فئة الأطفال.
ويشمل القرار منتجات التبغ (المعسّل) والسجائر الإلكترونية بجميع أنواعها والسوائل المستخدمة في السجائر الإلكترونية فالمعسَّل مثلًا، ستزيد الضريبة 100 % على كمية 100 غرام منه، بعد أن كانت 65 قرشًا على كل مائة غرام، لتصبح 130 قرشًا لكل 100 غرام.
ويبقى السؤال: هل ارتفاع نسبة الضريبة على التبغ بأنواعه سيساهم بالحد من عدد المدخنين؟ وهل سيكون رادعا لمنع المراهقين من شراء التبغ وتدخينه؟
أمين سر جمعية لا للتدخين الدكتورة لاريسا الور، تبين أن زيادة الضرائب على منتجات التبغ والنيكوتين من الإستراتيجيات الستة المعروفة تحت اسم  MPOWER وهي تحت مظلة الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ التابعة لمنظمة الصحة العالمية التي وقع عليها الأردن وصادقها العام 2004 وتندرج تحت السياسات التي تحد من الطلب على منتجات التبغ.  وقد اثبتت الدراسات العالمية أن زيادة سعر الدخان 10 % يؤدي إلى تقليل الطلب عليه 8 % في الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط و 4 % في الدول ذات الدخل المرتفع ويتأثر الأطفال واليافعون بالذات برفع السعر بحسب الور. 
ويأتي ارتفاع سعر المعسل والسجائر الإلكترونية وفق الور حتى يتماشى مع الارتفاع في سعر الدخان ولا يكون هناك فروقات تشجع المدخن للتحويل من منتج الى آخر، وإنما تشجعه على الإقلاع أو على التقليل من الاستهلاك، خاصة وأن المدخن الأردني يحتل المركز الأول من حيث كمية استهلاكه للدخان. 
وتشير الور إلى أن الأردن حسب منظمة الصحة العالمية، دولة من 6 دول نشاهد فيها زيادة في نسب التدخين الذي ينعكس على زيادة نسب السرطان المرتبطة بالتدخين، عند النساء أكثر منها عند الرجال ما يعني زيادة استهلاك السيدات للأراجيل والسجائر الإلكترونية والتبغ المسخن. 
من جهة أخرى تحذر الور من الانصياع لشركات التبغ التي ستخرج محذرة بأن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى "ارتفاع في التهريب، وخسارة للخزينة"، وهي سياسة معروفة لهذه الشركات.
ولكي نواجه زيادة انتشار التدخين بين اليافعين والسيدات بشكل خاص، وعند المدخنين بشكل عام، تؤكد الور على عدم الاعتماد على رفع الأسعار فقط، والعمل بالإضافة الى ذلك على زيادة الوعي على أهمية مكافحة التدخين والأساليب المتبعة لذلك، وكشف استهداف شركات التبغ لليافعين والسيدات.
كما وتشدد الور على ضرور الحزم بمنع التدخين في كافة الأماكن العامة ومكافحة بيع منتجات التبغ حول المدارس وللقاصرين وزيادة توفير خدمات الإقلاع عن التدخين، ليس فقط للبالغين، وانما كذلك لليافعين، حيث إن 60 % منهم يود الإقلاع.
وتوصي الور بضرورة رصد جزء من زيادة الأسعار لمكافحة التبغ لحماية الأجيال القادمة ولعلاج الأمراض الناتجة عن إدمان النيكوتين.
ويتفق في ذلك خبير علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش، مشيرا إلى أن التدخين في الأردن من بين أعلى المعدلات في العالم وفقا للبيانات الرسمية حيث تبلغ تتجاوز نسبة التدخين بين الرجال 60 % وبين النساء 17 % ويصنف الأردن من بين أعلى ثلاث دول في العالم من حيث انتشار التدخين.
العديد من الدراسات بحسب عايش، أكدت أن الرجال الأردنيين الذين يدخنون يوميا يستهلكون ما معدله 23 سيجارة في اليوم،  وهو معدل مرتفع مقارنة مع الدول الأخرى، كما أن الأردنيين ينفقون 540-600 مليون دينار على السجائر ومنتجات التبغ، وأن صناعة التبغ تسهم في 890-900 مليون دينار في الاقتصاد الأردني.
من جهة أخرى فإن الخسائر الصحية والاقتصادية الناجمة عن التدخين تتجاوز 1.06 مليار دينار بحسب عايش، حيث يعتبر التدخين من الأسباب الرئيسية لحوال 9000 وفاة سنويا في الأردن. ويؤكد ذلك وزير الصحة فراس هواري في تصريح سابق له بأن كلفة علاج السرطان في الأردن سنوياً تبلغ 350 مليون دينار (493 مليون دولار)، مضيفاً أنه يتم تسجيل ثمانية آلاف إصابة بالسرطان سنوياً، بخاصة أن التدخين في مقدمة الأسباب لزيادة الإصابات بالسرطان في البلاد، متوقعاً تجاوز أرقام هذه الإصابات بنحو 50 في المائة خلال أعوام.
 ومن بين المؤشرات المقلقة التي تحدث عنها وزير الصحة ارتفاع نسبة السيدات المدخنات إلى أكثر من الضعف بين 2004 و2019، إضافة إلى زيادة عدد إصابات السيدات بالسرطان بنسب واضحة خلال الأعوام الأخيرة، إذ إن نحو 40 في المائة من أنواع الإصابة بالسرطان سببها التدخين.
وبصورة أوضح، تفيد الإحصاءات الرسمية بأن ثمة 166 إصابة بالسرطان لكل 100 ألف بين الذكور، مقابل 149 إصابة للإناث لكل 100 ألف.
فيما تعتبر السجائر الإلكترونية وفق عايش مشكلة كبيرة في سوق التدخين الأردني، وبالذات أن من يقبل عليها النسبة الأكبر هم النساء والفتيات والفتيان بما في ذلك طلاب المدارس، وهي تمثل أحد أوجه هذا الانتشار الكبير لصناعة الدخان وفكرة التدخين بالأردن، وبالتالي تعتبر تحول من ظاهرة إلى عادة سلبية تماما فيما يتعلق بكيفية التعامل معها وانتشارها وتفاقمها.
ويلفت عايش إلى أن معدل إنفاق الأسرة الأردنية على الصحة 3.9 % بينما التدخين 4.1 % تقريبا وعلى التعليم 4.3 % بمعنى أن التدخين أصبح موازيا ومساويا من حيث قيمته الإنفاقية للأسرة الأردنية على التعليم والصحة، وهذا مر في غاية الخطورة.
رفع الأسعار كما في المرات السابقة بحسب عايش لم يؤد إلى نتائج سلبية وزاد الانتشار أفقيا وعاموديا أكثر من ذلك، فإن رفع الأسعار وزيادة الضرائب يعني أن التدخين مرخص ومسموح به إذا كنت تدفع الكلفة، بمعنى أن الحكومة وكل إستراتيجيات التدخين ما زالت تسمح به على قاعدة إذا دفعت الكلفة والضريبة يصبح أمرا مسموحا.
ويقول عايش إن الإشكالية تكمن بالتزامن مع كل رفع جديد للأسعار يزداد فيها التهريب ويمكن للكثيرين من الحصول على الدخان وكل ما يتعلق بالتبغ وغيرها بكلفة أقل من خلال التهريب الذي يؤدي إلى ضياع إيرادات ضريبية على الحكومة.
ويذهب عايش إلى أن ارتفاع الأسعار وحده قد لا يكفي، إذ ينبغي تبني إستراتيجيات لمكافحة التدخين والتقليل منه وخفض نسبة التدخين بشتى أشكاله وأنواعه.
ووفق عايش، تحول التدخين إلى مشكلة إضافية، منوها أن البعض يعتبرون الإنفاق على التدخين أولوية تفوق على أي متطلبات أخرى سواء شخصية أو تتعلق بأسرته، وبالتالي فإن رفع الأسعار سيؤدي إلى قطع جزء من النفقات الأخرى على متطلبات قد تكون مهمة أو رئيسية للأسرة للتدخين.
ونتيجة رفع الضرائب وفق عايش يمكن أن تقل مستويات التدخين، لكن سيؤدي إلى الإضرار بإنفاق الفرد الأردني وتوجيه جزء إضافي من الإنفاق نحو التدخين.
ويؤكد عايش أن حل مشكلة التدخين أبعد من اتخاذ قرارات تتعلق برفع الأسعار فالأمر أيضا منوط باتخاذ جملة من الأسباب وأن يكون هناك رقابة أكثر بالقوانين ذات الصلة بالتدخين سواء في الأماكن العامة أو الخاصة.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد صنفت الأردن الدولة الأولى عالميا من ناحية انتشار التدخين نسبة إلى عدد السكان، فالأردنيون وفقًا للمنظمة، ينفقون على السجائر أكثر مما ينفقون على الطعام.
وعالميًا، يحتل الأردن المرتبة الثالثة في قائمة أسوأ الدول من ناحية انتشار التدخين، وهو الأول في أعداد المدخنين في منطقة الشرق الأوسط.