أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Jan-2025

تحدي التطبيقات".. بين الإنجاز والطموح*نور خريس

 الغد

كأنها لوحة فسيفساء متكاملة، تتداخل فيها عناصر متعددة بدءًا من كتابة النصوص وسيناريوهات القصص، مرورًا بالتصميم والبرمجة، وصولًا إلى المجالات التقنية والتسويقية التي تليها، أصبحت صناعة الألعاب الإلكترونية واحدة من أهم الصناعات التقنية المؤثرة والواعدة على مستوى العالم. اليوم، تقدر قيمتها بما يتجاوز 200 مليار دولار، ما يجعلها خيارًا استراتيجيًا لبلد مثل الأردن، الذي يعد شبابه وموارده البشرية المؤهلة بمثابة ثروته الحقيقية. وهنا، لا نتحدث عن الاستهلاك فقط، بل عن الإنتاج والإبداع.
 
 
استلهامًا من رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني قبل 13 عامًا، حيث استشرف أهمية صناعة التطبيقات والألعاب الإلكترونية كقطاع إبداعي واعد، جاءت توجيهاته لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية بإطلاق مبادرة "تحدي التطبيقات". هذه المبادرة كانت جزءًا من رؤية تهدف إلى دمج التكنولوجيا في التعليم الأردني وتمكين الشباب من قيادة مستقبل الصناعات الإبداعية، مما يضع الأردن على خريطة الابتكار التقني عالميًا.
 
منذ اللحظة الأولى، كنت جزءًا من هذه الرحلة الملهمة التي أعادت تشكيل طريقة تفاعل الطلاب مع التكنولوجيا، ورأيت فيها قصص نجاح تستحق أن تُروى. هذه المبادرة تعد نموذجًا رائدًا للبرامج التعليمية في الأردن، حيث تسعى إلى سد الفجوة بين التعليم والتطور التقني، وخاصة في مجالات مثل صناعة التطبيقات والألعاب الإلكترونية، التي بدأت في الظهور مع انطلاقة الهواتف الذكية ومتاجر التطبيقات عام 2010.
انطلاقة نحو الابتكار
منذ بدايته، هدف البرنامج إلى تغيير نظرة الطلاب للتكنولوجيا، عبر بيئة تعليمية مبتكرة تصقل جيلاً جديدًا من المبتكرين الرقميين. لم يقتصر البرنامج على تعليم البرمجة والتصميم فحسب، بل شمل أيضًا تطوير مهارات إدارة المشاريع والتسويق. أُدرج البرنامج تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية وأدارته شركة "ميس الورد"، أحد استوديوهات الألعاب الرائدة في الأردن  والوطن العربي. هذا التعاون بين القطاعين العام والخاص يجسد رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني لتطوير قطاع التكنولوجيا في المملكة.
تركيز على الشباب
نظرًا لأن جيل الشباب يمثل الجزء الأكبر من مستخدمي الهواتف الذكية وتطبيقات الألعاب الإلكترونية، استهدف البرنامج الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و16 عامًا، وهي مرحلة محورية لبناء المهارات واستكشاف الشغف. تم تصميم البرنامج بورش عمل تُعرّف المشاركين على أساسيات البرمجة وتصميم تجربة المستخدم، مع توفير الإرشاد من خبراء متخصصين. في ختام البرنامج، تُتاح للطلاب فرصة عرض مشاريعهم أمام لجنة حكام، مما يساعدهم على تحسين مهارات العرض والتواصل وتقديم خطط تطوير وتسويق لألعابهم.
بيئة شاملة وإنتاج إبداعي
ما يجعل البرنامج مميزًا هو بيئته التفاعلية التي تجمع بين التعليم العملي وتطوير المهارات الشخصية. على مدار 13 عامًا، أثمر البرنامج عن إنتاج 172 لعبة إلكترونية طوّرها وصمّمها طلاب المدارس، مما يعكس الإمكانيات الإبداعية الكبيرة لدى المشاركين. وبدلاً من التركيز على التلقين التقليدي، يدفع البرنامج الطلاب نحو التجربة والتعليم التقني، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطويرهم الشخصي والمهني.
نتائج وأثر ملموس
شارك في البرنامج أكثر من 6900 طالب وطالبة، من بينهم 925 فتاة، في 1,407 مدرسة موزعة على كافة محافظات المملكة. هذه الشمولية تعكس التزام البرنامج بإتاحة الفرصة أمام الجميع. وقد طورت الفرق النهائية 172 لعبة موبايل، حيث تمثل كل لعبة قصة جديدة تحمل فكرة إبداعية مبتكرة.
قصص نجاح ملهمة
لم يقتصر تأثير البرنامج على فترة المشاركة فقط، بل أطلق العنان للعديد من الطلاب لتأسيس شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا بعد تخرجهم. هؤلاء الشباب أسهموا في بناء مجتمع تقني قوي في الأردن، حيث ارتبطوا بمرشدين وخبراء ساعدوهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة.
نظرة إلى المستقبل
مع التقدم المذهل في العالم الرقمي، نطمح إلى تطوير البرنامج ليواكب التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي. هذه الإضافات ستتيح للطلاب فرصًا أوسع لتطوير تطبيقات تحل مشكلات حقيقية. كما نسعى لتوسيع دائرة المستفيدين من البرنامج لتشمل طلابًا من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة، مع تحديث المناهج بما يتناسب مع تطورات الصناعة.
بعد أكثر من 13 عامًا من العمل الدؤوب، يظل "تحدي التطبيقات" نموذجًا تعليميًا متميزًا يعزز مهارات الشباب الأردني في التكنولوجيا والابتكار. وبرؤية واضحة بأن الاستثمار في الشباب هو الاستثمار في المستقبل، سنواصل العمل على تمكين طلابنا لتحقيق أحلامهم والمساهمة في نهضة الأردن الرقمي.